http://www.kitabat.com/i9200.htm

 19  تشرين اول 5200

في بيتنا غواصة .. في بيتنا مصعد

كتابات - شلش العراقي

التواضع هو سمة حقيقية في عائلة زهَيرة .فعندما كان ابنها فاضل يمر على الآخرين وهو يعتلي عربانة النفط , كان يأكلهم ويشربهم  بالسلام والتحية,وكثيرا ما يقفز بحركته البهلوانية الشهيرة من فوق العربة، ليقبل أيادي السادة والشيوخ وبعض كبار السن ,وهذه العادة لم تتغير كثيرا حتى عندما تبدلت عربانة النفط بقوّاصة (الغوّاصة سيارة المرسيدس الحديثة يلفظها أبناء قطاعنا بالقاف ), وهذه الحال تنطبق  ايضا على جاسم الشقيق الاصغر لفاضل، والذي هو الاّخر ظل متواضعا  في الحالين، فوق عربة النفط أو في الغوّاصة الجديدة ،

من المؤكد أنني هنا لست بصدد تعداد خصال عائلة زهَيرة وأخلاقهم الحميدة, لكنني بصدد (الغوّاصات )التي نزلت على سطح بيت زهَيرة عندما كنا نيّاما..حيث استيقظنا ذات يوم من أيام تموز عام 2003 على صوت منبهات سيّارات جديد على مسامعنا,,وشاهدنا للمرة الأولى  الغوّاصة في شارعنا ,وبعد يومين اواكثر بقليل دخلت غوّاصة ثانية ..كانت الأولى لفاضل والثانية لجاسم.. بعض الناس لم تبهرهم السيارتان ، فراح يفتش عن العربتين والحصانين والاختفاء المفاجئ لهما ولعدتهما وروائحمها وصهليهما، وحتى رائحة النفط التي كانت تميز بيت زهَيرة عن جاراتها اختفت وحلت محلها رائحة البنزين المحسن,,

في شارعنا غوّاصتان.. عبارة لم يتمتع بها أطفال شارعنا طويلا ، وهم يباهون أبناء الشوارع الأخرى ,,حيث أن زهَيرة اشترت بيتاً في حي زيونة الراقي وانتقلت اليه تحت جنح الظلام وعلى الفور..

وارجوا أن يمنحني الإخوة القراء قليلا من الوقت لأنقل الوصف الكامل لزيارة كامل وزوجته بدرية التفقدية لبيت زهَيرة الجديد، وهو وصف اكتفي به شخصيا واعتبره موضوعيا ومحايدا نوعا ما:

* كامل- (تهي بهــــــــــي ..عمي يا قصر  يا مصيبة ..مو بيت لا..لا..لا..أبدا  مو بيت هذا مدري شني ؟!!!..... يدوّخ شني الشبابيچ.. شني البوب شني( التخم) شني  الحديقة ,,لا..لا..لا آني ما مصدك عيوني .)

* بدرية- (كامل بروح أبوك طيني درب خل أحچي ..يمه . يمه ...مرمر.. الكاشي مرمر والنوب السگف شعلّوه تگولين  مستشفى ,,المطبخ لا تسولفين  عنه ، ما شفت بالأفلام المصرية والأجنبية  مثل هذا المطبخ ...فرفوري والكاونتر يلمع ويدّاته يمكن ذهب لو فضة ..الله لوهيچ يطي لو مايطي ,,)

* كامل – (والله دخت ماعرفت منين أطب ومنين اطلع.. انوب حتى مصعد بيه ،أي وكلام الله ، بي مصعد كهربائي ، يعني إذا تعبت زهَيرة شوية.. أتدوس دگمه چرب وبالطابق الفوگ )

* بدرية- ( الحمامات  مسابح ..و بيها من هذا اليتمددون بي والله مادري شگول ,, حوض وبنصه بوريات والماي  يبربج بي ..زهَيرة تكول هذا زين  للظهر,,)

* كامل- ( أما غرفة نوم جاسم يمكن چانت مال عـدي.. متنوصف بالعباس تسودن ..يعني شكلكم.. لو اسولف للصبح والأمير علي  ما اخلص ، بس انشالله زهَيرة كالت راح اعزم الدربونة كلها وترحون وتشوفون بعينكم ..بس رجاء لا تخزون زهَيرة كدام جيرانها.. شوية عدلوا وضعكم من ترحون .. ترى جيرانهم گام يباوعون علينة من فوكَ ليجوه)

انتهى وصف بدرية وكامل للبيت الجديد الذي تعيش فيه زهَيرة مع ولديها وزوجتيهما وطفل واحد هو الابن البكر لفاضل.

الآن نأتي إلى موضوعنا الرئيسي.. وهو من أين  لك هذا يازهَيرة ؟

البعض منكم راح يگول شلش يغار من الناس . والبعض الآخر راح يگول ليش هل الحسد عائلة فقيرة مكافحة الله رزقها؟.. والبعض منكم أعزائي القراء راح يگول شتريد منهم ؟ مو زين ناس متواضعين وراح يدعوكم لوليمة في بيتهم الجديد ...

الجميع محق فيما ذهب اليه .لكنني بدأت بالقصة وعليّ الانتهاء منها ،وعدم ترك الأحداث غير مترابطة وبهذا افقد مصداقيتي أمامكم مستقبلا.

قبل سقوط بغداد بليالٍ ,كان فاضل وجاسم يحومان قريبا من مصرف الرافدين فرع شارع النضال,,وكانت تحليلاتهما العسكرية للموقف ، تشير إلى  إن بغداد يجب أن تسقط يوم أربعة نيسان .لكن التأخير أقلقهما بعض الشيء ..غير انه لم يصرفهما عن مخطط فرصة العمر ،وظلا يتناوبان على بوابة المصرف دون إثارة أية شبهات طالما العربة والحصان مستعدان للحركة والمناورة..في ليلة ثمانية على تسعة نيسان وقبل دخول القوات الأمريكية من جهة الثورة كان فاضل وجاسم ولدا زهَيرة من المرحوم تركي (ومعهم جمع من مناطق مختلفة من بغداد،) يجلسان في حديقة المصرف الداخلية ,وعندما عبرت همرات السيد بوش قناة الجيش من الثورة باتجاه مركز بغداد ، كان فاضل وجاسم  يسيران بالاتجاه المعاكس تماما ، حيث كانا في الطريق من مركز بغداد إلى بيتهما في الثورة وهما محملان (بدفاتر )من الدولارات..وهذان المسلكان المختلفان لايشكلان نقطة تقاطع  بين مصالح عائلة السيد جورج دبليو بوش وعائلة السيدة زهَيرة بل على العكس يرى المراقبون إنها لحظة التقاء المصالح الحقيقية.

المبالغ  خيّالية.. ويقدرها خبراء المال في شارعنا بالملايين.عشرات الملايين ، بينما رزاق البنچرچي يقول هذه تقديرات مبالغ فيها.. الموضوع لا يتعدى مليون اومليون ونصف دولار..وهناك تكهنات أخرى غير واقعية وجدنا من المناسب الابتعاد عنها توخيا للدقة..

كل هذا الثراء لم يثر حسد غازية صديقة زهَيرة التقليدية وجارة عمرها ومستودع أسرارها حتى لحظة السقوط..

الذي يزعج غازية في الواقع، وظلت تكرره بمناسبة وبدونها،  أن زهَيرة عدها موبايل وبي كامرتين وفوكاها بي (بلوتوت) كما تلفظها,,

وكلما ذكرت  الموبايل ابو الكامرتين و(البلوتوت) .ذكرت معه زهَيرة أم السرجين ،والسرجين سيداتي سادتي، ليس علاجا لألام المعدة كما يوهمكم اسمه .بل هو أجلكم الله ، مخلفات الخيول التي تستخدم لصناعة المطّّال ومن أسمائــــه الأخرى ( الصون) او( الفشقي) بحسب اللهجة البغدادية

قريبا سأكون من بين كبار المدعويين في بيت زهَيرة، التي لم تنس جيران العمر ومن هناك سأنقل لك بالصوت والصورة تعليقات المدعويين وردود أفعالهم .كونوا معنا

 

Shalash70@hotmail.com