http://www.kitabat.com/i9592.htm

رجيــم الحجيّـــة طيّارة

 31تشرين اول 5002

كتابات - شلش العراقي

 

بعد إن دخلت كل القنوات الفضائية الى بيتــها ، اكتشفت  الحجيّة (طيّارة مرت شنين )أن العالم في وادٍ وهي ونساء الثورة  المظلومات المحرومات في واد اخر ..

 

في الأيام الأولى كانت تفطس من  الضحك عندما تشاهد عجائز كافرات مكشوفات الشعر وبملابس ملونة ( لابسات قنادر بيها جروخ ويركضن  بالشوارع)..بعد فترة تقبلت  الأمر على انه نوع من الترفيه عن كبار السن الاجانب لأنهم فارغين وليس لديهم ما يشغلهم ..

 

شاهدت طيّارة بعض الحجيات الاجنبيات يسبحن في البحر وقد نزعن شيلاتهن وعباياتهن ودشاديشهن و باقيات بطرَك الشورتات ..صُدمت للوهلة الأولى ثم تعودت الأمر تدريجيا

 

شهور طويلات  قضتها طيّارة أمام القنوات الأجنبية ، تبدد فيها الكثير من كمية الاندهاش وأصبحت تتفهم أمورا كثيرة ، كان مجرد استيعابها يعد مستحيلا في بداية الامر

  فمثلا هي حاليا  لا تشتم الحجيات اللواتي (تاركات الحجي بالبيت ويتمشن مع الجلاب النكسة) و لم  تعد تعتبر تعاطي الحجيات الأجنبيات للبيرة (الجعة كما تظهر في الترجمة)أمرا غريبا ,, وفوق هذا وذاك طيّارة على وشك الاعتراف بحق الحجيات العوانس بإيجاد (حجي فريند) والعيش معه  بهدؤ...

 

أشياء كثيرة تبدلت في فهم طيّارة لطبيعة العالم ، وصارت تضحك على جاراتها وتعاملهن الفج فيما بينهن ، وعدم اهتمامهن بنظافة بيوتهن وأنفسهن ،وعدم انتظامهن في الطابور اثناء استلام الحصة التموينية ، بل صارت تكره القدر الذي قادها  للعيش مع جارات متخلفات ، من أمثال فضيلة وعنيبة  وفخرية وكل عجائز القطاع اللائي لايقدّرن الحرية الشخصية للآخرين ، وصارت تنتقد علانية أجسادهن المترهلة ، فليس لديهن برنامج رجيم ولا ينتبهن لزيادة وزنهن ( يجيبن ويعبن بحلوكهن )..يوم بعد يوم بدأت طيّارة تنسحب من محيطها الاجتماعي المتخلف كما تسميه ، وصارت تهتم بنفسها لتبدو اصغر عمرا من عمرها الحقيقي ..وبدأت تهتم لأمر الحجي شنين ، رجلها ورفيق عمرها فاشترت له ماكنة حلاقة كهربائية ، وغيرت دشاديشه التقليدية الى بيجامات مقلمة وعودته على ارتداء قبعة بدلا عن الشطفة  ، وصارت في وقت العصر تتمشى  يدا بيد مع الحجي في الشارع العام ( وياكلون شامية ) تتبعهما قطتهما المدللة  جعيوة وسط دهشة الاخرين وتعليقاتهم .

كلما توطدت علاقة طيّارة بالقنوات العالمية ، زادها ذلك تبدلا ملحوظا على مستوى السلوك والملبس وطريقة الكلام ..

الحجيات وخاصة صديقات طيّارة صرن نوع ما  يتقبلن التبدلات التي طرأت على حياة (هاي البطرانة ام البزازين),,وصرن  يقابلن أنماط حياتها بشيء من عدم الاكتراث وخفت حدة الانتقادات التي كانت توجه لها في البداية من مثل  ( هذا الماشايف ، وهاي وحده مسودنه ، وشاف ما شاف، ومربية عتوي اسود جنه جني) والى اخره..وسكت ابناء القطاع عن تصرفات طيّارة.اذ ان لديهم من الهموم ما يشغلهم عنها

 

الحجيّة طيّارة بيني وبينكم مصختها, ولم تكتف بالتبدلات البسيطة في طريقة حياتها حيث خرجت علينا هذا الصباح ببدعة جديدة  من نوع ثقيل .

بملابس رياضية( شورت وتي شيرت وحذاء رياضي) وظفيرتين صغيرتين رماديتين ,انطلقت طيّارة مهرولة من بيتها  باتجاه شارع الجوادر ، وعلى الفور وبدون تردد انطلق خلفها كل أطفال القطاع وصبيانه وسط هوسات وصراخات ودوي وضجيج غير مسبوق .

طيّارة تنفذ برنامجا للرشاقة ، قررت الالتزام به ابتداءً من هذا اليوم .لكن الناس لم يتفهموا ذلك وهي الآن في ورطة حقيقة حيث من الصعب عليها شق طريقها وسط الحشود الراكضة و العودة  الى البيت ،خاصة  وان كل هذا الصراخ يطاردها من الاطفال الذي انظم إليهم بعض المتسولين والباعة والفضوليين والمهوسين الجاهزين لاي ممارسة ديمقراطية يكفلها الدستور..

فمن شارع الكيارة الذي انقطع فيه السير الى ساحة 55 مسافة ليست قليلة ، وخاصة على حجيّة بلغت من العمر عتيا اذ إنها من أبناء مدينة الثورة الأوائل الذي استقبلوا الزعيم عبد الكريم قاسم  بالهتاف عندما قدم للمدينة قبل حادثة اغتياله بأشهر,,وتحتفظ ذاكرتها باعتزاز بان الزعيم في ذلك الوقت قال لها (ها حجيّة شلونج ..)

 

المهم الحجيّة طيّارة صارت تدور حول ساحة 55 والجمع المؤمن يهّوس خلفها..  دارت مرة.. مرتين .. ثلاث .باغتت الجميع وانطلقت صوب شارع الفلاح ..لكن الجموع تزايدت من خلفها بشكل لايمكن التراجع معه..

 

وأخيرا وجدت الحاجة طيّارة نفسها وهي مغمي عليها ممدة في ساحة مظفروقد (انسحنت روحها) يحف بها جمهور كبير من الإعلاميين والمصوريين ومنظمات مجتمع مدني ولجان حقوق الإنسان ( فرع الحجيات ) يتقدمهم زوجها  الحجي شنين  والجميع ينتظر تصريحها  التاريخي عن اهداف هذه المسيرة الراكضة والاحزاب المشاركة فيها .

 

من اغمائتها فتحت  الحجيّة طيّارة عينيها ببطء حدقت في الحشود و تعرفت إلى  زوجها الحجي شنين الذي كان يتوسطهم , رمته بابتسامة خفيفة، همست اسمه بصعوبة وقالت :

* (شنين اي لـــــــــــوف يو)

أغلقت عينيها في إغفاءة لذيذة لم تستيقظ منها حتى الان..

 

Shalash70@hotmail.com