http://www.kitabat.com/i10786.htm

5 كانون اول 2005

تمثال الكبت - قصة سوداء

كتابات - شلش العراقي

 

بقرة بيت زويد ، بقرة غريبة في كل شيء ,فهي اولا بنفسجية اللون ،وثانيا خوارها متقطع يشبه ايقاعات الة الزنبور العراقية الشهيرة .وثالثا تلد هذه البقرة كائنات غريبة عجيبة ، والاكثر غرابة ان هذه الكائنات تتبخر بعد دقائق من ابصارها النور . فهي مثلا وهذا ما شاهدته انا بام عيني ، قد ولدت في العام الماضي سمكة مطاطية برتقالية اللون ليست لديها عيون . ومن ولادتها الاخرى التي لم تتح لي فرصة مشاهدتها ، ارنب اسود بجناحين وذيل طويل، وكلب وردي يقف على قدمين وله قرنان ، وحيوان اخر ليس له اسم ولم يعرف له مثيل  من قبل ، يشبه خوذة عسكرية  مصنوعة من مادة قشية وينقافز لارتفاعات عالية ، تبلغ احيانا ستة امتار على رواية  حسونة مرة زويد  .

هذا كله لايلغي الفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه البقرة  لعائلة زويد ، الذي باع سيارته البرازيلي واشتراها في اوخرعام الفين . فهي تنتج  كمية حليب تتعدى حاجة عائلته ومعارفهم الى جيرانه ومعارفهم ، وهذه خدمة كبيرة في ظروف معقدة من هذه التي نعيشها .بيت زويد من ناحيتهم يتناوبون على خدمة البقرة وتأمين حاجاتها ، بما في ذلك حاجاتها الجنسية الملحة ، وعلى الرغم من  انها لاتقبل باي ثور (يشبيها)، سوى ذلك الذي يملكه اقارب بيت زناد والذين يقطنون حي التنك البعيد نسبيا..ويشكل احضاره مشقة كبرى  ، خاصة اذا عرفنا ان هذا الثور هو ايضا ليس كباقي ثيران العالم ، فهو ثور مغرور متكبر ومتعجرف يعرف ان البقرات تطلبه بالاسم ، بما في ذلك اشهر بقرة في المدينة (الهايشة البنفسجية ) وهذا الغرور يدفعه لارتكاب حماقات عديدة ، من بينها الهجوم على اي  تجمع حاشد يضم اكثر من عشرين شخصا ، لذلك فان مجالس العزاء التي تنصب لها الخيم الكبيرة -الجوادر - وحفلات الاعراس التي كانت تقام في العراء .هي مناسبات دسمة لهذا الثور الذي سرعان ما ينفلت ويهجم على الحشد ليسبب خسائر جسيمة بين جريح ومخروع .

من هنا جاء اقتراح احدهم الى بيت زويد بان عليهم الذهاب بالبقرة الى حي التنك حيث ولد وترعرع الثور المرغوب ، تجنبا للمآسي التي يخلفها في طريق رواحه ومجيئه .

زويد قبل  الفكرة على مضض ، كونه رئيس فخذ في العشيرة و يخجل من جر البقرة الى مضجع عشيقها بنفسه . ففي كل مرة يصطحب فيها بقرته ،كان يشعر بالعار من هذه الممارسة المهينة . وما زاد الطين بلة , ان البقرة اعجبها المكان الجديد الذي يعيش فيه ثورها المفضل، فهو يحرك شهوتها بطريقة لم تألفها عائلة بيت زويد من قبل . فصارت تطالب بالذهاب اليومي الى حي التنك . واحيانا تطالب باكثر من مرة في اليوم..وبعد معاناة طويلة لبيت زويد مع بقرتهم البنفسجية الحلوب ، قرروا بيعها الى اصحاب الثور لتعيش هناك الى الابد مستمتعة بالظروف الطيبة التي يوفرها حي الغرام  وثيران حي الغرام .

ولاتمام عملية الزواج الرسمي زفت البقرة في موكب كبير حضره ابناء المنطقة الذين اطلقوا اسراب الحمامات وبعضهم اصطحب بقرته او ثوره او اي حيوان يحب المشاركة في هذا العرس البهيج. وانطلقوا يرددون اهزوجة "جبناها وأجت ويانا"

تمت الزفة وانتهت المراسم ، في اليوم الثاني شوهدت البقرة بصحبة الثور يتجولان يدا بيد في قطاع تسعة وسبعين ، تجمع حولهما الاطفال والنساء والفضوليون وصاروا يصيحون بهما

* ازوه ازوززززووه

* ازززززوه ازززززززوووووه

وهذه (الكلمة) لغيرمربي او هواة البقر ، هي الصوت الذي يحفز الثيران جنسيا ،مثلما تحرك (كلمة ) شششووشششو الكلاب الهادئة . اهتاج   الثور وانكب على بقرته  التي امتنعت متذرعة بالحشمة والحياء ، الامر الذي دفع الثورالى الانفعال والتوتر والانفلات ونطح كل ما تقع عيناه عليه ، فسقط عى الفور تحت قرونه الحادة ، شيوخ واطفال و نساء وعمال وباعة ،وكل من وضعه حظه العاثر في طريقه .

الثور اندفع في هجومه العدواني حتى وصل مساء اليوم نفسه الى منطقة الداخل ، مخلفا فيها خسائر كبيرة من الضحايا . تدخل شيوخ العشائر والمعممون وميليشيات المجتمع المدني لتهدئة غضبه وجنونه ، لكن دون جدوى .

احد العقال استجمع قواه الفكرية وطلب سيارة حمل لجلب البقرة البنفسجية شخصيا  الى منطقة الداخل واقناعها بان موضوع المعاشرة العلنية لم يعد عيبا . جيء بالبقرة التي احزنها منظر الضحايا واتخذت وضعا مناسبا امام ثورها الهائج ،  اسعده وجودها فقفز اليها منهيا ثورته وهيجانه ، الثور و بقرته البنفسجية يذوبان في لحظة رومانسية قل نظيرها ، وسط تصفيق ومباركة حشود الشباب والفتيات ، الذين تجمعوا من كل حدب وصوب ،

في هذه اللحظة تدخل رجال الميليشيات والقوا بعباءة سوداء كبيرة فوق المشهد ، تجمد تحتها مباشرة الثور وبقرته وتحولا مع  العباءة في الحال الى كتلة نحاسية صلبة ومجسمة تظهر في تضاريسها الخارجية ملامح الثور وبقرته.وهذه باختصار هي قصة تمثال الكبت الشهير الذي يتوسط مدينتنا واصبح مزارا للمحرومين .

 

Shalash70@hotmail.com