http://www.kitabat.com/i9645.htm

مـسـخ بـيـت حـريـجـة

2 تشرين الثاني 05

كتابات - شلش العراقي

بالضبط كما حصل مع كريكور سامسا ، بطل كافكا في روايته الشهيرة ( المسخ  )،حصل مع سويلم بن حريجة عندما استيقظ صباحا ووجد نفسه ( حصيني ) ,في اللحظات الاولى كان سويلم بن حريجة يضحك  مرة من الحصيني الذي وجد نفسه فيه ، ومرة يضحك ابو الحصين من هذيان سويلم بن حريجة الذي كانه,ومرات اخرى كانا يضحكان سوية ويبكيان  على انفراد ،

وعندما  تاكد الاول من انه اصبح الثاني  ،بكى بكاءً مرا من كونه حصيني بكامل المواصفات ونزلت على خديه دموع سوداء وحارقة ,قال في نفسه كيف ساواجه العالم وخاصة نحن على ابواب العيد ,هل اقول لهم( مسخني الله حصيني) ، ام اختفي تحت السرير واجعل الحجية تتدبر الامر وتقول لهم ان  سويلم اختفى في حادث غامض ظهر هذا اليوم ,

((ثم  ان المصيبة الكبيرة هي كيف اواجه الحجيّة التي ليس لها غيري في هذه الدنيا , كيف ستستقبل الفاجعة بعد ان تحول وحيدها الى مجرد حصيني ... يالها من مصيبة حلت فوق رأس هذه العائلة المقطوعة من شجرة))

الحجية ام سويلم بن حريجة افاقت من صدمتها بعد ساعتين من الصاعقة التي نزلت عليها ،وسلمت امرها الى الله واعترفت ان هذا الابن العاق المستهتر والذي لايوفي نذوره، يستحق ان يمسخه الله (حصيني و أجرب)..ولكنها كأم ما فتأت تمشي وتذرف دموع الالم والحسرة والخوف من عيون الشامتين بها .وانها لفضيحة حقيقة لاتستحقها هذه المرأة المظلومة ،

((ياالهي لقد ولدته في ليلة شديدة المطر والظلام وصادفت فوق ذلك ايام برد العجوز المهلكة ، كدت افقد حياتي من اجله ، وانتظرته ليعيلني في كبري ، واذا به حصيني في الثلاثين من العمر ...ماذا سافعل  به ... وكيف سيصدق الناس الحكاية ... وماذا عني .. هل سيكون اسمي من الان  فصاعدا - ام الحصيني -

 سويلم بن حريجة في الغرفة يتدرب على حياته الجديدة ، حياة  الحصيني الحافلة بالقفزات والالتواءات والحركات التي يسمح بها جسد حيوان مرن تكاد فصيلته ان تنقرض ,

 كان مبعث راحته الوحيد ،هو  انه  اصبح خفيف الحركة ومرن الالتفاتة ، ثم  انه من الان سوف لن يذهب الى العمل ، او بالاحرى البحث عن عمل ،

انتشر الخبر بعد ان عرفت  به نويرة مرت غراب التي عقدت اجتماعا تلو الاخر، لتذيع السرَّ بين الناس ،الذين من جانبهم استغلوا فرصة حلول العيد ، وصاروا يتوافدون على غير عادتهم زرافات وافواجا الى بيت حريجة  ، لكنهم لم يشاهدوا الحصيني المزعوم  ،حيث استطاع الاخير التخفي عن عيونهم  الباحثة في الزوايا والاركان وخلف الابواب ، بعد  ان عرف نواياهم الخبيثة ،

كُذبت رواية نويرة مرت غراب على الفور، وخرج الجميع بانطباع ،ان الرجل اختفى لامرٍ غامض , فسّره البعض على انه  ربما  نفذ عملية انتحارية ، او انه راح ضحية لعملية من هذا النوع , البعض قال انه شاهد الحرس الوطني وقد اقتادوه معصوب العين في الليلة الماضية ، واخرون قالوا انه فرّ بعد ان استلم تهديدا من مليشيات معروفة بقسوتها وهكذا صار لدينا الف تفسير وحصيني واحد ، حصيني واحد هام على وجهه في البراري ، بعد ان فشلت الحجية امه في تدبير غذائه الذي لاتعرف نوعه بالضبط ،اذ لم يسبق لها التعامل مع حصيني  تحت سقف واحد .

هرب الحصيني المسكين  ليلا بعد ان قطع الجوع احشائه ،  في الطرقات الموحشة  نبحته الكلاب وتناوشته القطط وطاردته اضواء السيارات ، واخيرا استقر به الامر في مزرعة على اطراف بغداد مع مجموعة من الحيوانات الرشيقة والسريعة الحركة والشديدة الحذر والانتباه ،حيوانات من بنات اوى ، ذئاب وضباع, فصيلة لاتشبه بعضها البعض , ولايجمها اي جامع سوى انها كانت فيما مضى (كائنات بشرية) تعمل كشرطة سرية  في اجهزة النظام السابق ، مسخها الله حيوانات برية من ذوات الاربع .

 

Shalash70@hotmail.com