http://www.kitabat.com/i9312.htm

 2 تشرين اول 5200

مدينة الثورة .. من الفقر والتخلف .. الى الظلام

كتابات - شلش العراقي

مدينة الثورة مظلومة من لحظة تاسيسها ،صحيح ان تاسيسها جاء كحلٍ هو افضل بكثير من حال سكان احياء الصرائف النازحين من الجنوب ، والذين اقاموا تجمعات في مناطق شتى من اطراف العاصمة بغداد ، لكن هذا الحل لم يأخذ بنظر الاعتبار ، العدد الكبير الذي تتالف منه العوائل والذي سيشكل انفجارا سكانيا بعد جيل واحد فقط  ، حيث وزعت اراض لاتتجاوز مساحتها 144 متر او حتى اقل من ذلك في بعض الاحيان,وهذه  البيوت الصغيرة بنيت من امكانيات اصحابها المتواضعة ماليا.فجاءت تصاميمها لاتلبي الاغراض الانسانية في اقل شروطها ,

لم يحسب التخطيط العمراني اي تطور مستقبلي للمدينة ، وحاجاتها الخدمية من المدارس والمستشفيات وساحات الالعاب والمرافق الخدمية الاخرى ،كما ظلت بدون  شبكة صرف صحي حتى عام 1980 عندما جرى انشاء منظومة ترقيعية غير فاعلة من الناحية العملية ، وشكلت مشكلة كبيرة من ناحية ارتدادها العكسي منذ ساعة  تشغيلها,,

ولم تبنى في الثورة مدارس جديدة الا بعدد محدود جدا ،كما نفذت عدة عيادات شعبية عن طريق العمل الشعبي وبمواد رخيصة ،وحصل ذلك عندما كان صدام يهدي دول افريقية محهولة على الخارطة ، ملايين من الدولارات حيث فترة الطفرة النفطية..

الثورة كانت مزدحمة في الستسينيات عندما كانت  نفوسها لاتتجاوز النصف مليون نسمة ، فما بالك اليوم وهي تقدر بثلاث ملايين نسمة يشكلون مجموع اكثر من  سكان ثلاث دول خليجية مجتمعة..

من بين شوارع هذه المدينة خرج جيش من الرياضيين والادباء والفنانين والاطباء والمهندسين والقضاة والمحامين والخبراء من مختلف الاختصاصات ، بعضهم غادر المدينة الى امكنة اخرى اكثرها قريبة من الثورة .كحي الامانة وجميلة والطالبية والشعب والبلديات .والبعض الاخر لم تسمح له الظروف المالية بهكذا تغيير، ولاسباب اخرى من بينها التعلق بالحياة البسيطة والعلاقات العائلية المتشابكة التي تميز مدينة الثورة..بالاضافة الى الصداقات الحقيقية التي تطبع علاقات ابناء المدينة.

لايتذكر ابناء المدينة في تاريخهم وزيرا خرج منهم في اية حكومة حكمت العراق ، كما لااعتقد ان منصب وكيل وزارة احتله احدهم ،ومنصب المدير العام الذي حصل عليه بعض ابنائها ، لم يكن بسبب من الاختصاص والخبرة والشهادة الاكاديمية ، بقدر ما كان لاسباب الولاء لنظام صدام الفاشي ,

من بين حروب صدام العبثية التي شارك فيها عدد كبير جدا من ابناء المدينة وقضوا فترة مراهقتهم وشبابهم والكثير منهم حياتهم في خنادقها ومزاغلها وسجونها تخرج جيل عنيف ادمن استخدام الاسلحة وتعلق بها.

وينخرط بعض هؤلاء حاليا في ميليشيات جيش المهدي ،ليس عن ادنى فهم لطبيعة هذا الانتماء الاعمى ، وكذلك دون ادراك ان هذه الميليشيات ستعرقل اية عملية تحول ستشهدها المدينة..حيث يستقوي بهم المستفيدون لعرقلة اية تطور تنموي تنفذه الحكومة او الدول المانحة، وذلك من خلال التدخل الامي من قبل ما يسمى بمكتب السيّد في مجريات اي مخطط لانقاذ المدينة من حالها المزري ..ويشترط هؤلاء الجهلة المتدخلون ، والذين سيطروا بالقوة على مجلس بلدية المدينة ومفاصلها الادارية ، ضريبة تسمى حصة المكتب ، كما لوان الهدف من العمل هو محاصصات مالية تتوزع بين اشباه المقاولين ، الذين ظهروا على الساحة من مثل فتاح الشيخ وحاشيته التي تشكل اخطر عصابة للسيطرة على كل ما يدخل ميزانية المدينة من اموال الدول المانحة والمساعدات الانسانية ، بما في ذلك وجبات الافطار المهينة التي تبرعت بها احدى الدول الخليجية بمناسبة شهر رمضان ، حيث اشرف فتاح الشيخ على توزيعها كمنحة من اموال اجداده العظماء الذين اّزروه عندما كان يعمل واشيا عند عدي ومحررا هامشيا في صحافته الصفراء.

 

الثورة الان بحاجة الى مساعدة مكتب السيد الجادة في البناء ،وذلك عبر عدم تدخل هذا المكتب بخطط البناء ، و كذلك من المقاولين الذين تسلسلوا من مرتبة عمال رفع الانقاض الى( لباخين) ثم الى خلفات بناء واخيرا مقاولين لصوص بشهية بشعة لكل ماهو مال عام.

على مكتب السيد ان يتحول الى منظمة مدنية تحقق اهدافها عبر الوسائل المدنية لاباساليب القمع الصدامي التي توارثها الجهلة والرعاع والاميون من جلادهم صدام وعصاباته البعثية التي عاثت فسادا وملئت المدينة رعبا واضطهادا لثلاث عقود من الزمن..

اتركوا الثورة ترى طريقها ، وكفاكم تجارة بشعارات لم تجلب لنا  الا المزيد من التخلف والعبودية والظلام..

لقد امتلات بطونكم من اموال الفقراء والمساكين ، اولاد اجيال من الفقراء والمساكين ، واذا اردتم قيادتهم الى الجنة بلحاكم الكالحة ، دعوهم يعيشون الحياة الكريمة اولا،لكي يعبدوا الله في الهواء الطلق لا تحت العمائم الرطبة والدائمة العفونة ، التي قاطعت منذ زمن طويل كافة انواع مساحيق غسيل الملابس.اتركوها تنهض وتشق طريقها مادامت محط انظار العالم كواحدة من اكثر مدن العالم تخلفا واضطهادا..

الثورة بحاجة الى وكالات اغاثة عالمية اكثر من حاجتها الى (وكلاء السيّد) الخارجين من جحور العصور الوسطى

الثورة بحاجة الى جيش من المهندسين والبناة اكثر من حاجتها الى شراذم جيش المهدي..

الثورة بحاجة الى اكاديمات ومعاهد تقنية اكثر من حاجتها الى مجالس نحيب وعويل وتباكي

الثورة بحاجة الى لجان حقوق انسان اكثر من حاجتها الى لجان القصاص والقتل المجاني

الثورة بحاجة الى  ثورة شاملة على كافة صعد الحياة لا الى دكتاتورية مقيتة تحكم باسم المهدي

الثورة بحاجة الى اليات ومعدات ورافعات للبناء وليست الى اربيجيات وبيكيسيات وهاونات

الثور بحاجة الى ادمغة للفكر والفن والجمال لا الى رؤوس معدة للتطبير والدم والاستعراض

الثورة بحاجة الى صدور المحبة والحنان لا الى صدور سلختها الزناجيل وادمتها الايادي

الثورة بحاجة الى اياد لرفع القمامة ،لا الى اياد تفتش فيها .

 

Shalash70@hotmail.com