http://www.kitabat.com/i11816.htm

3  كانون الثاني 2006

الـمـطـرب شـلـش الـعـراقـي

 

كتابات - شلش العراقي

 

صرفت ابنة عمي  كما تدعي ، اربع بطاقات تليفون على برنامج عراق ستار، الحاحاً منها في  ترشيح احد المتسابقين ، وعندما استكثرت  المبلغ بعد عدم فوز مطربها ، اتصلت بي موبخة اياي

* كلها من وراك .

* اني شعلية  .

* لان المطرب يشبهك .

* يشبهني ؟

* اي يشبهك .

* قبل ميروح  للبنان لو بعد ما راح ؟

* لا  هو ميشبه شكلك ، يشبه صوتك من جنت مطرب وبراسك خير .

وطلبت مني ابنة العم المدللة ان اغني لها تعويضا  عن البطاقات الاربع ،اغنية (تمنيت ) لحاتم العراقي ، وهذه الاغنية كما يعرف معجبوا حاتم هي من بواكير اعماله وربما كانت مع اغنيته (انا اللي عذبني حبيبي ) سببا لشهرته ،وبعد الحاح من جانبها اضطررت الى غلق باب غرفتي  لان الاغنية من طبقة صوتية عالية وبدأت اغني :

* تمنيت

* تمنيت . (ترد ابنة عمي على الجانب الاخر من الخط )

* تمنيت .. تمنيت

* انه وياك فد بيت . . تمنيت .. تمنيت .. تمنيت

انهيت الاغنية بصعوبة وودعت المجنونة بت المجنون شناوة ، بعد ان اجتمع الجيران على صوتي وقد ذهب ظن الكثير منهم  الى ان  شلش عاد الى العرك والمرك والطربكة ...

ايها الاخوة فاتني في بداية تعارفنا ،ان اقول لكم انني مطرب واتمتع بصوت شعبي جميل ، كما انني واحد من افضل عازفي الايقاع في مدينة الثورة واتفوق احيانا على حازم الاصلع ومحمد لفتة العازفين المحترفين في فرقة كاظم الساهر .

وحكايتي مع الغناء سودة ومصخمة وهي تفيد خصومي كثيرا، لانني وللاسف الشديد بدأتها رسميا في ايام الدراسة الثانوية ، حيث صعدت اول مرة على مسرح حقيقي ، منهيا حياة الطرب والسكر في راس الشارع مع الشلة . وكان ذلك واكرر اسفي ، بمناسبة عيد ميلاد السيد الرئيس القائد حفظه الله. والمشكلة لاتقف عند هذا الحد  ابشركم اخواني في فيلق بدر الكرام ، لقد غنيت تقريبا في كل اعياد ميلاد القائد وانتصاراته، كما غنيت في مناسبات متفرقة اخرى تخص سيادته مثل يوم النخوة ويوم البيعة ويوم العبور الناجز ويوم الايام . ويعرفني طلاب كليتنا ويتذكرون اغنياتي الوطنية والعاطفية جيدا ،وقبل اسبوعين اتصل بي احدهم وطلب ان اغني في حفل زواج اخيه ولما اعتذرت قالها بصراحة ودون خجل او تردد :

* لو عيد ميلاد ابو الليثين جان رحت تركض .

ومن الغناء اخوتي الاعزاء اصبحت لدي معجبات كثيرات، ولكن للامانة التاريخية كلهــن (فحطانات )، يعني مينطلع بيهن لراس الشارع ،بس وحدة شوية بيها لزمة ومشكلتها تتعيقل وتريدني اغنيلها بالتليفون كلما شعرت بالضيق  والضجر  .

ومن المفارقات التي حصلت لي في حياتي الفنية ، انني دعيت مرة للغناء في منطقة (العبيدي) التي تقع بين مدينة الثورة والكمالية في حفلة عرس، اصر منظموها على ان تكون في الشارع العام ، وبعد وصولي مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو جاسم كسّارة، دخلنا الى غرفة خصصت لاستراحة الفنانين  وبعض من اخوتنا الشعراء الشعبيين ، تناولنا العرق والبيرة والجاجيك ، قام احد الاخوة الشعراء بتدمير حياتي ،حيث بدا يقرأ امامي كل ما تيسر له من الشعر الشعبي ، بدأها بمظفر النواب  وعريان السيد خلف وكاظم الكاطع مرورا بعباس جيجان وحيدر الكعبي وحسين الشريفي  وانتهاء بشعراء الحصارالجائر المفروض على قطرنا الصامد ، كان يقرأ وانا اشرب ، هو يقرا واني اشرب ، هو يقرا  واني اشرب ،حتى سكرت ايها السادة سكرة شديدة تعذر علي معها اداء وصلتي الغنائية رغم توسلات الجمهور واهل العريس المحرجين، مما اضطر عم العريس(الذي يعمل حاليا سائق اسعاف ) لاخراجي بالدفرات والرفسات ، تطافر من جرائها اعضاء الفرقة الموسيقة كعادتهم، ورجعت اتطوطح وحدي لاصل بيتنا  في اخرة الليل بما تبقى من ملابسي . لكن امي الحنون كعادتها وقفت الى جانبي وحمتني من غضب اخوتي الكبار مرددة على مسمعي حكمتها الشهيرة :

* طريق الفن والشهرة طويلة ياولدي.

 

ومرة وبينما كنت مع مطربين اخرين نحيي (حنة) عبدالرضا صديق العمر ،التي اقيمت فوق سطح بيتهم، وباشرنا فور وصولنا مكاسرة العرق بالثلج والماء ورحنا نشفط  على انغام الموسيقى الصاخبة ،وعندما جاء دوري في الغناء  صعد الى السطح  فجأة خمسة اشخاص يلبسون الزيتوني فهربت مع المطربين والموسيقيين الى سطوح الجيران الملاصقة ، والسبب ان الجميع كانوا هاربين من الخدمة العسكرية . في صباح اليوم التالي تبين لنا ان لابسي الزيتوني  هم الرفيق ابو فرقد مسئول القطاع ومجموعة من الرفاق حضروا لتقديم التهاني وشرب مخلفاتنا من العرق ومصمصة قطع الليمون الحامض ، وبسبب الاحراج الذي تسببوا فيه بادر الرفيق المسئول شخصيا الى الغناء بينما قام بعضهم بالعزف على الآلات التي تركها الموسيقون خلفهم ، وهكذا اقيم لعبد الرضا عرسا تاريخيا ،حيث رقص الجميع على انغام الجوبي :

"هلا ياصكر البيده  يل شايل سيفه  بأيده ...

كل شعبك  صدام جنود . . . صدام اليضوي هلالة . .  العب العب .. جوّب ..انوب انوب ".

ويقال ان ام عبد الرضا رفعت صورة صدام ورقصت ببراءة على ايقاعات الاغنية .

 

ومنذ تلك الليلة المباركة بدأ الرفيق ابو فرقد التملص التدريجي من مهامه الحزبية والوطنية ليتحول الى مطرب شعبي  شبه مشهور يقال انه الان  يعيش في الشقيقة سوريا ، ويقوم باحياء حفلات صاخبة لفلول حزب البعث المنحل وبعض قادة المقاومة الوطنية وكثير من ابنائنا الحواسم حرسهم الله.

اما انا فانسحبت عن الاضواء تماما ، مكتفيا  بغناء (تمنيت) لابنة عمي شناوة عبر التليفون، داعيا الله ان تأتي قسمتها سريعا ، لاعتزل نهائيا عالم الغناء والطرب واتحجب واكعد بالبيت اساعد الحجية الى ان تجي قسمتي .

 

shalash70@hotmail.com