عرض موجز لندوة "مستقبل العراق" مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 25-28/7/2005.

د. عبدالوهاب حميد رشيد

 

(1)

- بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية، انعقدت ندوة "مستقبل العراق" في بيروت (25-28/7/2005)، واقتصر الحضور على العراقيين المناهضين للاحتلال. بلغ عدد المشاركين 108 عراقيا". عبَّرت طريقة التمويل الذاتي للندوة عن مبادرة جديدة، ربما انفرد المركز بها، إذ تحمَّل جميع المشاركين نفقات سفرهم، كما تحمل أكثر من خمسين مشاركاً تكاليف إقامتهم، وتبرع عدد منهم بتكاليف إقامة واحد أو أكثر من المشاركين دون تحديد الأسماء. بينما تحمل المركز تكاليف إقامة بقية المشاركين من خلال دعم محدود من الصندوق القومي العربي. وبالإضافة إلى أهمية هذه المبادرة التمويلية الذاتية في تخفيف أعباء المركز المالية، فإنها عبَّرت عن ظاهرة تعاونية تُجسّد قيمة عليا من قيم منظمات المجتمع المدني.

- تم افتتاح الندوة صباح 25/7 بكلمة مدير عام المركز الدكتور خيرالدين حسيب. ركّزت الكلمة على مسببات اهتمام المركز بعقد هذه الندوة، باعتبار أن المركز ينظر إلى احتلال العراق كونه يشكل جزءاً من مخطط أمريكي لإعادة رسم المنطقة حسب المقاييس الأمريكية. من ها فإن ما حصل ويحصل في العراق سيؤثر ليس على العراق فقط، بل على كافة أجزاء الوطن العربي، علاوة على آثاره ونتائجه الأقليمية والدولية.

- ومع اتساع القناعة بِأن "المقاومة الوطنية" هي الوسيلة الرئيسة لتحرير العراق من الاحتلال، وأنها أصبحت حقيقة واقعة في سياق إنجازاتها المتلاحقة، عليه ظهرت الحاجة إلى برنامج واضح لعراق ما بعد التحرير، يمكن أن تستعين به أية حكومة وطنية بعد إنتهاء الاحتلال. كما كانت هناك تساؤلات كثيرة مطروحة ومشروعة حول برنامج المقاومة وبرنامج القوى الوطنية العراقية: القومية، الإسلامية، واليسارية.

- من هنا شعر المركز أن من واجبه التصدي لهذه المهمة بعقد هذه الندوة لمناقشة البرنامج المُعَد لحكومة ما بعد تحرير العراق. ولقد استعان المركز بعدد من الكفاءات العراقية والعربية لإعداد هذه الدراسات والبرامج، كمشاريع للمناقشة وإبداء الرأي بشأنها وليس مجرد الموافقة عليها.

_ كما دُعي جميع المشاركين إلى هذه الندوة على أساس الصفة الشخصية، كما هو التقليد المتبع في ندوات المركز، وروعي أن يكون المشاركون من التيارات الوطنية الرئيسة في العراق، ممن لم يتعاونوا مع الاحتلال، ويجمعهم الهدف المشترك: التحرير وبناء الديمقراطية.

_ تضمنت الدراسات المقدمة من قبل المركز سبع أوراق بحثية: برنامج إعادة الإعمار- التجربة والتطلعات.. قراءة في صناعة النفط في العراق والسياسة النفطية.. الإعلام في العراق: المسيرة، الواقع، وإعادة البناء.. الجوانب القانونية والمضاعفات المالية والسياسية للتعويضات المفروضة على العراق بواسطة مجلس الأمن.. القضية الكردية.. إعادة تشكيل الجيش العراقي: رؤية أولية.. يُضاف إلى هذه الأوراق، فقد قدَّم المركز أربعة مشروعات/ مسودات قوانين للاستفادة منها من قبل حكومة التحرير: دستور جمهورية العراق.. قانون خاص بالجمعيات والأحزاب السياسية.. قانون انتخاب الجمعية الوطنية العراقية (وفقاَ لنظام التمثيل النسبي).. قانون الهيئة الوطنية العليا للانتخابات في العراق.

- نوقشت الأوراق البحثية على أساس مجموعات (لجان) تشكلت من المشاركين في الندوة، بينما خضعت تقارير هذه اللجان، وكذا مشروعات القوانين لمناقشات عامة لغاية 27/7، حيث أعلن عن اختتام الندوة.

 

(2)

- تضمنت حصيلة اجتماع لجنة "برنامج إعادة الإعمار" خلاصة المناقشات التي تمت حول الورقة البحثية: إعادة الإعمار في مفهوم الاحتلال لا تعني التنمية التي تتطلب حزمة مشروعات وفق الأولويات مترابطة مع بعضها لخدمة الاقتصاد الوطني.. الحاجة إلى العودة لتحديد مفهوم التنمية.. التميز بين الإعمار وبين التنمية.. ستراتيجية شاملة.. فلسفة تحكم الإعمار.. حصر الموارد المادية والقوى البشرية وتحديد الأولويات.. الاستعانة برأس المال الأجنبي مع إخضاعة لسيطرة الدولة.. سياسة الاستثمار تتطلب الإقرار بمبدأ تدخل الدولة في الاقتصاد، وعدم التفريط بما تبقى من القطاع العام.. زج مؤسسات المجتمع المدني.. إعادة إعمار القطاع العام إجمالاً.. توسيع الموضوع المطروح ليشمل كافة الخدمات الأساسية.. الاهتمام بالنزاهة.. كيفية إعادة العقول العراقية التي هاجرت في ظل الاحتلال.. التركيز على طرد المحتل أولاً.. الاستقرار والأمن شرطان أساسيان للإعمار.. كانت حصيلة جهود الإعمار بعد حرب الخليج (1991) مفخرة للعراقيين.. التدمير الجديد رافقه، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية، كذلك سرقة أموال العراق من قبل عصابات جاءت مع المحتل.. المطلوب جهد كبير لإعادة الإعمار يتناسب وزيادة السكان.. مواجهة البطالة الواسعة، عدا البطالة المقنعة.. معالجة الخراب النفسي.

 

- شمل تقرير لجنة السياسة النفطية، النقاط الموجزة التالية:

+ التزام مبدأ بقاء الموارد الطبيعية تحت السيادة الوطنية الكاملة للدولة.

+ بقاء إدارة الصناعة النفطية خاضعة للسلطة المركزية بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي.

+ الحاجة إلى الاستقرار والأمن لمعالجة مشاكل الصناعة النفطية وتطوير طاقاتها الإنتاجية من النفط الخام ومشتقاته والغاز.

+ عزل السياسة النفطية عن التناحر السياسي الداخلي، واعتماد سياسة وطنية تستهدف تحقيق أعلى المردودات للشعب العراقي بعيداً عن السيطرة الأجنبية.

+ بناء طاقات تصفية رئيسة جديدة بتكنولوجيا متطورة ضمن إنتاج نسبة أكبر من المشتقات الوسيطة والخفيفة لضمان تأمين الحاجات المحلية.

+ تطوير صناعة الغاز وضمان الاستغلال الكامل للغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط الخام، وأيضاً الحقول الغازية.

+ تطوير منشآت الخزن والنقل والتوزيع، بما يكفل حصول المواطنين على احتياجاتهم بإنسيابية من المشتقات النفطية.

+ تشجيع دور القطاع الخاص في مجال توزيع المشتقات النفطية والعمليات الهندسية، وكذلك- وضمن حدود متدرجة- في مجال التصنيع.

+ أن يكون تغيير هيكلية أسعار المشتقات النفطية بشكل متدرج وضمن برنامج اقتصادي ومالي يأخذ في اعتباره الوضع المعاشي والقوة الشرائية للمواطنين.

+ تطوير الكوادر النفطية والعمل على إدخال المتغيرات الحاصلة في تكنولوجيا استكشاف وإنتاج وتصنيع النفط والغاز.

   وفي سياق المناقشات التي تمت في هذا المجال، ذكر رئيس لجنة السياسة النفطية، ضمن أمور أخرى، أن تعديل الحدود العراقية- الكويتية (1991) وفق قرار مجلس الأمن وبضغط أمريكي، منح الكويت أراضٍ عراقية تضم جزءاً من حقول الرميلة.

     كذلك أثيرت في المناقشات مسألة التوزيع النقدي لجزء من العوائد النفطية على المواطنين، وما تتضمنها هذه الدعوة من مخاطر كبيرة باتجاه توسيع الاستهلاك والتضخم على حساب التنمية في اقتصاد مدمَّر يحتاج أولاً إلى البناء والتطوير.

 

- قدَّمت لجنة الإعلام حصيلة مناقشبتها للورقة البحثية في الجوانب التالية:

+ التأكيد على مبادئ حرية الإعلام وتدفق المعلومات، والابتعاد عن أي دور حكومي رسمي في السيطرة على الإعلام وتوجيهه، وضمان حرية الأداء الإعلامي وتنوع روافده.

+ بناء إعلام مستقل في سياق تعزيز دور القطاع الخاص (بما في ذلك الأحزاب والمنظمات والنقابات) والمختلط في تأسيس المشاريع الإعلامية.

+ التأكيد على استخدام التقنيات الحديثة في آليات العمل الإعلامي، وبشكل خاص استخدام خدمات الانترنيت ووسائل الاتصال الحديثة الأخرى بشكل عام.

+ توصيف دور ومهام المجلس الأعلى للإعلام والاتصال (المقترح) في إطار دعم الإعلام ويشكل خاص على مستوى التشريعات القانونية الضامنة لحرية واستقلالية الأداء الإعلامي.

+ تأكيد أهمية المبادئ الواردة في مواثيق الشرف الإعلامي والصحفي باعتبارها الضمانة لسلامة الأداء الوطني للإعلام في الميادين الاجتماعية.

+ ضرورة الاستناد إلى مواثيق العمل المهني الإعلامي، واعتماد نقابة الصحفيين مرجعية أولى قبل اللجوء إلى القضاء لحسم المنازعات الصحفية.

+ التأكيد على دور الخطاب الثقافي في تعزيز الوحدة الوطنية وبناء العراق الموحد على أسس جديدة.

+ إطلالة أشمل نحو المستقبل، وبناء الإعلام وفق تصورات جديدة تتوافق مع مبادئ حرية الإعلام وحق الاتصال وتدفق المعلومات في سياق مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية.

+ إيجاد المنافذ الوطنية المشروعة لدعم وتمويل المشاريع الإعلامية الوطنية مع ضرورة توفير دعم حكومي محدود دون أن يكون له أي تأثير في الأداء الإعلامي وسياساته.

+ الأخذ في الاعتبار الآثار المدمِّرة التي ترتبت على العدوان والاحتلال الأمريكي، وما تبعه من إصدار "قوانين" بِإلغاء مؤسسات الإعلام، وبشكل خاص فيما يتعلق بحقوق الدولة تجاه قوات الاحتلال وإجراءاتها التي أدت إلى تدمير أو تفكيك البنى التحتية للإعلام، وضمان حقوق العاملين فيها.

+ إيلاء النشاط الإعلامي الخارجي أهمية خاصة، وبناء الأطر والمؤسسات الوطنية العراقية المتوافقة مع أهداف العمل الإعلامي الوطني بشكل عام، على أن يتولى ذلك بدرجة أساسية القطاع الإعلامي الخاص.

 

- بينما إنتهت لجنة التعويضات إلى التوصيات التالية:

+ حيث أن العراق ما زال يخضع لاستقطاع 5% من عوائده النفطية إلى صندوق التعويضات، وبما أن الحكومة العراقية الانتقالية كانت قد قدَّمت طلباً إلى مجلس الأمن بِإيقاف دفع هذه المبالغ دون أية استجابة، فعلى العراق أن يطرح الموضوع على محكمة عراقية مختصة لاستصدار قرار قضائي، أو إصدار تشريع يقضي ببطلان هذه التعويضات والتوقف عن دفعها، خصوصاً وأن قرار مجلس الأمن ذاته، بخصوص دفع العراق للتعويضات، مشوب بالبطلان، لأِن المجلس ليس مخولاً أصلاً بِإصدار قرارات من هذا النوع، لأِنها ليست من واجباته أو اختصاصاته.

+ المطالبة بدفع تعويضات للعراق عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمنشآت الاقتصادية الحيوية والتراث والآثار العراقية، إضافة إلى الخسائر البشرية، بما لا علاقة له بالعمليات العسكرية من جانب دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

+ التأكيد على أن مواصلة العراق دفعه للتعويضات، يلحق أضراراً فادحة بحقوقه ومصالحه العادلة والمشروعة، وينتقص من سيادته على موارده الطبيعية، ويتعارض مع الشرعية الدولية كحقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة والطفل.

     وفي سياق المناقشات العامة لهذه الورقة البحثية بشأن التعويضات التي تطالب بها إيران عن حرب الثماني سنوات، ذكر رئيس لجنة التعويضات أن مجلس الأمن طالب بوقف الحرب بعد أيام معدودة من اندلاعها. وافق العراق بينما رفضت إيران وأصرَّت على استمرار الحرب. فمن يا ترى يستحق عليه دفع التعويضات؟ يُضاف إلى ذلك أن قرار مجلس الأمن بِإيقاف الحرب الذي وافق عليه الطرفان بعد سنوات من رفض إيران للقرار، طالب- ضمن أمور أخرى- تحديد المعتدي. فكيف يمكن معالجة التعويضات قبل تحديد المسؤول عن الحرب وفق إجراءات قانونية دولية؟

 

- وفي مناقشة الأفكار الواردة بشأن ورقة "القضية الكردية" طُرحت آراء متباينة تراوحت بين مؤيد لها ومعارض معها.. وما بين هذين الحدّين ظهرت أفكار أخرى تتلخص في:

+ أعترض رأي على ما أسماه الغموض في بعض العبارات التي وردت في بداية الورقة، واعتبر أن التاريخ أصبح يُفهم بصورة خاطئة، وأن بعض حوادثه أو حقائقه أصبحت تُفهم خارج إطارها العام، وأن الأمر يحتاج إلى كتابة أو فهم التاريخ بصور صحيحة بحيث لا يخضع العراقي إلى مفاهيم ابتزازية واتهامات شوفينية عندما يحاول أن يصحح المفاهيم الخاطئة.

+ أكد رأي ثان على أن كل المقترحات الواردة في الورقة لن تكون مقبولة من قبل الحزبين الكرديين الرئيسين. واقترح فتح حوارات ونقاشات مع أحزاب وشخصيات كردية أخرى من غير الحزبين المذكورين.

+ أكد رأي ثالث على ضرورة أن نعترف بحقيقة أن "الشعب الكردي شعب" مختلف وبالتالي  يستحق أن يتمتع بحق تقرير المصير بعد بناء عراق ديمقراطي موحد. كما تم التأكيد على ضرورة مراعاة حالة الرعب الذي خلقه النظام السابق في نفوس الأكراد. في حين أكد آخرون على أن هذا الرعب مختلق ووهمي أكثر مما هو حقيقي. بينما شدد غيرهم على أن الأمر لا يتعلق بفشل الحكومات السابقة وسياساتها الخاطئة فحسب، وانما يشترك في ذلك السياسات الكردية الخاطئة والاصطفافات المرفوضة للقيادات الكردية مع الأجنبي.

+ تحدث رأي رابع عن قضية أو شكوى الأكراد من الاضطهاد، وأكد أن الاضطهاد لم يكن مركزاً ضد "الشعب الكردي" وإنما شمل العراق بأكمله.

+ اعترض رأي خامس على أن النقاش أخذ منحاً ايديولوجياً أكثر من اللازم في ظلّ وضع يتسم بعدم وجود الدولة. وهذا الوضع خلط المشاعر وأججها بدون حدود أو تفكير عقلاني. وطالب بِأن نفكر بكيفية حل المشكلة. وبكلمة أخرى أن نسأل أنفسنا في ظلّ هذا الوضع: ماذا يمكن أن نقدمه لـ "شعبنا الكردي" لكي نقربه بدلاً من أن ننفره.

+ أكد رأي سادس أن الحزبين الكرديين الرئيسين حوّلا العداء بينهما وبين أنظمة الحكم المختلفة، والحكم السابق خاصة، إلى عداء بين "الشعبين" والتحريض على "الشعب العربي" بالذات.

+ أقترح رأي سابع أن على العرب العراقيين منح القيادات الكردية كل ما يريدون حتى يكتشفوا خطأهم بعدم إمكانية استمرارهم بدون العراق، ويعودوا إلى القبول بالحلول المعقولة.

+ أوضح رأي ثامن أنه لا يمكن البت في أي حل قبل أن يتحرر العراق والعراقيون جميعاً من الاحتلال.

+ وأخيرا، كان هناك شبه إجماع على أن الفيدرالية كما تُطرح الآن هي خيار غير مرغوب فيه، وأن الحكم الذاتي الحقيقي والموسع هو الحل المعقول والمقبول. كما كان هناك شبه إجماع على حقيقة أن ما يربط بين "الشعبين العربي والكردي" في العراق هو أكبر بكثير مما يفرقهما.

 

- نوقشت ورقة- إعادة تشكيل الجيش العراقي، وأفرزت التوصيات التالية:

+ الغاية من إعادة التشكيل: إعداد قوات مسلّحة عراقية وطنية متوازنة مهمتها الدفاع عن العراق وردع التهديدات الموجهة إليه.

+ الجانب القانوني: نظراً لأِن قرار حل القوات المسلّحة العراقية كان غير شرعي ولا قانوني، لذلك يقتضي الواجب إعادة استدعاء القوات المسلّحة السابقة بهيكليتها السابقة لإعادة الإطار القانوني لهذه القوات، لأِنها لم توقع مع القوات الغازية أية وثيقة تخص الهدنة، أو الصلح أو حتى وقف إطلاق النار. وستشكل هذه القوات المعاد استدعاؤها نواة التشكليل الجديد للقوات الجديدة، حيث يتم إشغال المناصب الرئيسة من المعين المتيسر في هذه القوات بعد عملية انتقاء وتحقق دقيقين وفق الأسس المشار إليها في الدراسة. ويتم بذلك حفظ حقوق هذه القوات ومنتسبيها وحتى الاستمرارية الزمنية للجيش العراقي. ويراعى الجانب القانوني ومتطلباته وضوابطه في تشكيل وزارة الدفاع والقوات المسلّحة.

+ العقيدة العسكرية: إقرار العقيدة العسكرية العراقية باتجاه: الدفاع عن العراق وسلامته في مواجهة التهديدات باعتبارها أسبقية أولى والاشتراك مع الدول العربية الأخرى في تحقيق متطلبات الدفاع العربي المشترك.

+ نظام المعركة: أقتراح بِأن يتولى منصب وزير الدفاع في مراحل التشكيل الأولى ضابط ركن قدير ذو خبرة، مشهود له بالكفاءة والوطنية، ومتقاعد.. توفير الهيكلية المقترحة لتشكيل القوات المسلّحة العراقية مع إدخال بعض التعديلات عليها.

     كما تضمنت الورقة البحثية ضرورة إيجاد صيغة للموازنة بين حالتي التطوع والمكلفية لتشكيل قوات تتمتع بمزايا النوعية وتحقق تمثيلاً طيباً لتنوعات المجتمع العراقي.

 

(3)

- أرتأى مركز دراسات الوحدة العربية، كما فعل في بعض المناسبات المماثلة (ندوة احتلال العراق/2004) أن يُتيح للمشاركين في الندوة فرصة الاجتماع والمداولة في أمور عامة أخرى تهمهم، وأن تقتصر مهمة المركز على تسهيل عقد الاجتماع وتقديم الخدمات الضرورية له دون التدخل في أو تحمل مسؤولية نتائجه.

- ونظراً لتزايد الشعور بتخلف العمل السياسي الوطني، رغم بعض الجهود الأولية الناجحة، اللحاق بالمستوى الذي بلغته المقاومة الوطنية في العراق، إضافة إلى غياب الجانب الإعلامي الذي يخدم أهداف المقاومة، ولغياب إطار وطني مناسب بين عراقيي الداخل والخارج، والسبل الملائمة لتنسيق العمل السياسي باتجاه دعم المقاومة وتحرير العراق، عليه أتاح المركز الفرصة للراغبين من المشاركين في الندوة أن يعقدوا اجتماعاً على مدى يوم ونصف (من بعد ظهر الأربعاء 27/7 لغاية بعد ظهر الخميس 28/7) للتداول حول مدى رغبتهم التعاون فيما بينهم، وصيغة هذا التعاون. كما أوضح المركز أنه ليس جزءاً من هذا الاجتماع تمثيلاً أو مسؤولية، وسواء تمخض هذا الاجتماع عن أية نتيجة إيجابية أو سلبية، وسواء تم الاتفاق على قيام "جبهة وطنية" أو "تجمع" أو "لجنة تنسيق" أو أية صيغة أخرى، فلن يكون المركز- كمؤسسة وكأشخاص- طرفاً فيها، وذلك بسبب طبيعة أهدافه ومسؤولياته. أما وضع هذا الاجتماع ضمن برنامج الندوة فكان بقصد تنبيه المشاركين إلى إمكانية عقد هذا الاجتماع وفق رغباتهم.

- بعد اختيار المشاركين في الاجتماع لكل من رئيس ومقرر الجلسة، جرت مناقشات واسعة بشأن التحضير لتأسيس جبهة وطنية للتحرير والديمقراطية في العراق وذلك في ثلاث جلسات. تلخصت المناقشات في: رفض التسميات على أساس طائفي وما يماثله والاكتفاء بصفة كل مشارك في الاجتماع باعتباره عراقي مناهض للاحتلال.. مناقشة تأسيس جبهة أم مناقشة كيفية معالجة الخلافات والحزازات بين المنظمات والأحزاب الوطنية.. الكلام عن المصالحة يعني وجود نزاع بين طرفين أو أكثر، تحديد أطراف النزاع، كيفية المصالحة. الواقع في ظل الاحتلال وجود فريقين: متعاون مع الاحتلال ومقاوم للاحتلال. ليس بين الفريق الثاني- القوى المناهضة للاحتلال- العداء والشقاق بحيث تتطلب المصالحة، كما أن ساحة المقاومة تذيب مثل هذه الخلافات.. رأس البلاء هو الاحتلال، ومع خروج الاحتلال يمكن حل المشاكل بين كافة القوى الوطنية المناهضة للاحتلال.. الواقع الحالي هو أن الجميع يقاتل المحتل دون أن يطرح مع من هو ومع أي حزب، ضرورة تركيز كافة الجهود على إزالة الاحتلال.. الجبهة تتطلب إثبات حسن النية بالنسبة لمن أساؤوا إلى شعب العراق ومن نشروا الظلم. ومع ذلك لا يمكن حرمان أي طرف وطني مقاوم من جهود الخلاص من الاحتلال، وهذا يتطلب: ديمومة الحوار، لقاءات مستمرة، توجه حقيقي نحو الشعب العراقي. وعندما تكتمل الرؤية يكون العمل الوطني موحداً أو شعبياً. يجب أن يكون هدف كل طرف مناهض للاحتلال تحرير الوطن وتحاشي المكاسب السياسية الآنية والمكاسب الشخصية والحزبية.. الشعب العراقي لا يمكن أن يتقبل القيادة السياسية السابقة.. لا نريد السلطة، بل تحريرالعراق. يوضح تاريخ العراق السياسي أن العديد من القوى الوطنية سواء كانوا يساريين أم قوميين أم بعثيين قد جرّبوا حظهم في قيادة العراق، وكان لكل طرف مشروعه للنهوض بالبلد إلا أنه ومع الأسف الشديد لم تفلح أي من هذه القوى منفردة السير بالعراق إلى شاطئ الأمان. وهذا ما يؤكد تاريخياً أن العمل المنفرد ليس كافياً للنهوض بالعراق. لذا فإن واقع المقاومة العراقية اليوم يوحي بحالة من التلاحم والعمل الجماعي عِبْر فصائل المقاومة العراقية، الأمر الذي يعني أن هذا الاستذكار لدروس الماضي إنما هو قاعدة الانطلاق لشركاء المصير الوطني لمسيرة عمل جماعي مأمول منه أن يصل بالعراق إلى بر الأمان على أرضية التحرير والديمقراطية.. اعتبار المقاومة العراقية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي.. رفض هذه المقولة باعتبار أن الممثل الشرعي للشعب العراقي، وليس الممثل الوحيد، هو من يفوز في مرحلة التحرير بثقة الشعب عن طريق صناديق الاقتراع وفي ظلّ انتخابات دستورية دورية. وحتى لو تم الفوز لأِي طرف بنسبة 75% في انتخابات نزيهة، يبقى لا يمثل كل الشعب العراقي لأِن التمثيل الكامل يتطلب الفوز الكامل (100%) وهو أمر غير واقعي. كما أن تسمية الممثل الوحيد مرفوضة لأِنها تعني الوحدانية والاستمرارية في السلطة وهذا أمر غير وارد دستورياً.. أن يكون هدف هذا التجمع حماية المقاومة بشرياً ومادياً وإعلامياً في الداخل والخارج.. إن تأسيس جبهة وطنية للتحرير والديمقراطية لا يأتي إلا بالفعل المقاوم والإيمان بقضية شعب يرزح تحت الاحتلال. وقبل البحث عن منطلقات العمل والأسس التي تقوم عليها هذه الجبهة، المطلوب الوفاء للمقاومة والإيفاء باستحقاقاتها.. العملية السياسية الوطنية لا زالت دون مستوى حاجة المقاومة.

- أتفق المجتمعون على تشكيل لجنة تحضيرية لخلق الظروف الملائمة لتأسيس الجبهة الوطنية للتحرير والديمقراطية. جاء تشكيل اللجنة التحضيرية من خبرات فردية داخل العراق وخارجه، بضمنهم ممثلي بعض الأحزاب. ولم يتمكن المجتمعون من مناقشة وتحديد الجوانب الفكرية والمفاهيمية والتنظيمية والتحضيرية والفترة الزمنية اللازمة لانتهاء اللجنة التحضيرية من مهامها والدعوة إلى عقد اجتماع آخر يضم القوى المناهضة للاحتلال- أفراداً وأحزاباً ومنظمات. وربما يرتبط ذلك بسعة هذه الموضوعات، وتركها  إلى اللجنة التحضيرية لرسمها على نحو ملائم باتفاق جميع الأطراف المعنية من خلال اتصالاتها في سياق الفترة التحضيرية. لكن الأمانة تقتضي، رغم بعض الحوارات المفيدة، القول بِأن رئاسة الجلسة اتسمت بضعف الانضباط وضعف القدرة على توجيه هذه الجلسات في إطار تصورات مسبقة، بحيث تقلص عدد الحضور في الجلسة الأخيرة إلى ما لا يتجاوز 35 مشاركاً من مجموع 108 شاركوا في الندوة ابتداءاً وربما ما يقارب هذا العدد في الجلسة الأولى لاجتماعات الجبهة هذه.

- كما أن تشكيل اللجنة التحضيرية من عناصر تضم بعضاً من الأحزاب/ المنظمات السياسية، بل واقتصار رئاستها على ممثل منظمة سياسية، وبغض النظر عن الموقف من هذه المنظمات/ الأحزاب تأييداً أو معارضة، قد تولد الخلافات والحزازات ابتداءاً وتضع المعوقات أما نجاح جهود اللجنة التحضيرية. من هنا ربما كان أكثر قبولاً وأقل تعرضاً للعقبات تأسيس اللجنة التحضيرية من خبرات عراقية مستقلة ومعروفة تحاشياً لمشكلة التمثيل والمحاصصة. عليه يُقترح:

+ إعادة تشكيل اللجنة التحضيرية من خبرات عراقية مستقلة معروفة تضم مختلف التخصصات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية..

+ تحديد فترة زمنية لا تتعدى نهاية العام الحالي لاتصالات اللجنة التحضيرية بالقوى المناهضة للاحتلال (خبرات فردية مستقلة، أحزاب سياسية، منظمات اجتماعية) لغاية عقد الاجتماع وإقرار تأسيس الجبهة الوطنية للتحرير والديمقراطية في العراق.

+ أن يكون ضمن الجهود التحضيرية للجنة تطبيق صحيفة استقصاء موجهة إلى عيّنة من القوى العراقية المناهضة للاحتلال للوقوف عند توجهاتها ونقاط الاتفاق والتباين بينها في هذا الأمر وبما يقود إلى تسهيل مهمة إنجاز المشروع (إعداد مشروع منهاج الجبهة/ النظام الداخلي).

+ بناء على اتصال اللجنة التحضيرية وحصيلة الاستقصاء، تقوم اللجنة بكتابة مشروع/ مسودة النظام الداخلي للجبهة: التعريف بالجبهة، المبادئ والأهداف والمهام، الوسائل والأساليب، المالية والتمويل.. ثم الدعوة إلى اجتماع الأطراف المعنية تمهيداً للاعلان عن تأسيس الجبهة من قبل المجتمعين.

+ أن يتضمن مشروع الجبهة جملة أولويات تتقدمها:

.. تحقيق المصالحة بين القوى الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال والتأكيد على إلغاء العنف السياسي، وتحريم الوحدانية/ احتكار السلطة.

.. التنسيق بين مختلف أطراف ومحاور المقاومة.

.. أن تمثل الجبهة صوت المقاومة الوطنية وإعلامها، أي إنشاء جهاز إعلامي وطني قادر على مواجهة إعلام المحتل.

.. تحقيق التكامل في عملية المقاومة باتجاهين مترابطين: عمودياً (السياسية والاقتصادية والمسلّحة) وأفقياً (ضم أكبر عدد من القوى المناهضة للاحتلال).

.. مساهمة الجبهة في التعبئة الشعبية الداعمة للمقاومة من منظور متكامل لمحاورها: إضرابات ومظاهرات، مقاطعة اقتصادية لمنتجات وخدمات المحتل، المقاومة المسلّحة.

.. انتخاب الهيئة الإدارية/ التنفيذية للجبهة من خبرات عراقية مستقلة ومعروفة على غرار ما هو مقترح بالنسبة إلى اللجنة التحضيرية، تحاشياً لإشكالية المحاصصة التي قد تشكل قنبلة موقوتة لنسف جهود إنشاء الجبهة و/أو فعالية استمرارها، خاصة وأن الجبهة وهيئتها الإدارية هي جهة تنسيقية إعلامية، يُفترض أن تمارس دورها في سياق تحقيق التكامل في عملية المقاومة وبناء التعبئة الشعبية لتشكل ظهير المقاومة في الدعم البشري والمالي والإعلامي، بخاصة المقاومة المسلّحة كشرط ضروري لتحقيق النصر النهائي.        

 

===

 

تعليق منذر نعمان الأعظمي على مقالة د. عبدالوهاب حميد رشيد

 

إن مقالة د. عبدالوهاب حميد رشيد عن ندوة بيروت مساهمة هامة في هذا الموضوع الحيوي.  ولا شك أن لنا أن نفخر بهذه الكفاءة الصحفية العراقية  في التوصيف الموضوعي والأختصار والتمييز بين الوقائع والرأي.  وعسى أن تجد المقالة  طريقها للنشر الواسع.

 

بودي توضيح فهمي لما سمته المقالة "اللجنة التحضيرية" وما يمكن أن  يؤمل منها واقعيا.  وهذه التوضيح لا ينفي أهمية المقترحات التي قدمتها المقالة لعمل مثل هذه اللجنة لو تمت.  بل الهدف توضيح أن ما أتفق عليه في الواقع هو هيئة أكثر مرونة أو ليونة او بساطة ، وانها "تحضيرية" مجازا كونها  تدفع القوى الوطنية للتفاهم فيما بينها وتطرح مساعدتها للوساطة أو لأيجاد الصيغ الملائمة لتحفظاتها أو مطالبها من بعضها البعض.

 

 ذكر البيان الذي صدرعن الندوة ان الاتفاق قد  تم ما بين جميع القوى الوطنية التي حضرت الاجتماع على "تشكيل لجنة حوار لغرض إنضاج مستلزمات قيام جبهة وطنية شاملة".   و قد  اتخذت هذه الصيغة لكونها أقترحت من قبل التيار الصدري كتابيا كما يبدو بأعتبار الحوار الوطني مطلوبا قبل ان تقوم أية جبهة، وبدون الألتزام بشيء آخر مسبقا.  وقد كان جو التأني هذا قد تثبت منذ بداية الندوة باضافة وتكرار كلمتي" أستكمال"  و"مستلزمات" على العنوان الأصلي.  ذلك ان من وقعت عليهم مهمة أدارة الندوة سواء بالتنسيب او الصدفة، قد فهموا من قراءتهم للجو العام ان الظروف مهيئة للصراحة والمواجهة  وأعلان النية  بأن الجبهة هو الحاجة الموضوعية الرئيسية لنا، وليس لأبعد من ذلك.

 

 أما تنسيب الأشخاص للجنة الحوار، فإنطباعي انه قد  تم في أجواء لا تسمح بالتشاور الواسع، وفي وقت تعب فيه الحضور، وكانوا يستعدون للسفر.   بل كان بعضنا قد أعتبر ان مهمة  الندوة قد استكملت عبر المصارحة والوضوح الذي أثبت قدرتنا على سماع الذع الأنتقاد من بعضنا البعض بشكل حضاري، وأن أي عضو في تنظيم قد لا يحق له التحرك أبعد من ذلك  بدون استشارة تنظيمه.

 

وبودي هنا أن اسجل رأيي ان أدارة الجلسة من قبل د.وميض نظمي، مهما كانت شكليا قد اتسمت "بضعف القدرة على توجيه هذه الجلسات في إطار تصورات مسبقة" كانت ملائمة تماما للظروف الفعلية المتوفرة لسبب رئيسي هام هو انه لم تكن هناك تصورات مسبقة واضحة.  لقد كنت الاحظ، كمقرر للجلسات مثلا، ان د. وميض يكتب اسماء طالبي الكلام لكنه يتصرف في تسلسلهم بحثا للتوازن وتشجيعا لهذا الموقف أو ذاك، ويعلق أيضا أحيانا  بإستفاضة بنفس الهدف ، وربما لتمثيل مواقف لا تنعكس في الحاضرين انفسهم بينما هي موجودة في الساحة. لقد شعرت انه كحال أي أستاذ جامعي قدير وتفاعلي، يقرأ جو الندوة دقيقة دقيقة، فيكون متأنيا ومراوحا او يسعى للتقدم حيثما هناك مجال للتقدم وبالصيغة التي تبدو مقبولة للحضور المعيينين انفسهم من جهة ولما يعتقده الطريق الأفضل أيضا. وفي هذه الحالة فأن ما يبدو "ضعف انضباط" هو أما أمر حتمي في مجموعة لايعرف أغلبها أغلبها ولا تقاليد راسخة لديها بعد، وأما أمر ضروري مع بعض روح الدعابة لخلق جو من الود وحتى يشعر الحاضرين أنهم يملكون جلستهم.   

 

 

 لقد جرى التنسيب للجنة الحوار من قبل من تطوع من الداخل والخارج من كان قد ساهم أو ابتلى بالتحضير لبعض جوانب العمل العام عبر الطيف الوطني، بدون أفتراض انهم سيعملون كلجنة تمثل أحدا أو تقوم بخطوات عملية بشكل جماعي الخ.

 

وبالنسبة لمن كانو في الخارج فقد أستطاع ستة منا ممن توفر له الوقت، ( ولا يدري بعضنا ان كنا قد نُسبنا أم لا) أن نعقد أجتماعا سريعا فسّرنا فيه فهمنا بالدور الذي نقوم به بالدور الأعلامي المشجع للوحدة الوطنية العراقية من جهة والعمل لتوحيد صياغات طرح برامج الحركة الوطنية العراقية في الأعلام العالمي من جهة أخرى.

 

وقد حددنا نفسنا بالخارج كوننا غير عارفين بما يجري على الأرض وبين القوى الفاعلة.  ولا زلنا في أول طريق التنسيق فيما بيننا.

 

أن هذا التوضيح لا يلغي المقترحات التي طرحها د. عبد الوهاب وانما يضعها في مكانها ، في نظري، في مرحلة لاحقة نتأملها من القوى الوطنية الفاعلة، أو من الناشطين العراقيين في المهجر اذا استطاعوا توحيد انفسهم وتأسيس عمل جبهوي بمبادرتهم.

 

منذر نعمان الأعظمي