http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C17qpt698.htm&arc=data%5C2011%5C10%5C10-17%5C17qpt698.htm

 

ثورية الجلبي... نفقات الطالباني الباهظة... وزيارة جبريل للعراق
د. سعد ناجي جواد

2011-10-17

http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif

في الأشهر الأولى للاحتلال التقاني أحد الصحافيين الأجانب في بغداد وسألني فيما سأل عن رأيي بما يجري في العراق. وأذكر أني قلت له أن ما يجري هو مهزلة بكل المقاييس، وكم أتمنى أن أكون متفرجا خارجيا على ما يجري، وأكتفي بالضحك، إلا أن الطامة الكبرى أن هذه المهزلة ممزوجة بالكثير من الدم العراقي البريء.
وما قلته آنذاك لايزال صحيحا حتى اليوم. وهذا ما أثبتته أخبار ثلاثة عن العراق وساسته نشرت في الأسابيع القليلة الماضية. الخبر الأول هو ذلك الذي ذكر أن السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني طلب من وزارة المالية أن تخصص له مبلغ مليوني دولار لتغطية نفقات سفره لأيام لاتتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لحضور أفتتاح الدورة الجديدة للأمم المتحدة. وأعترف بأني عندما قرأت الوثيقة التي ارسلت لي بالبريد الألكتروني ظننت أنها تلفيق أعلامي الهدف منه الأساءة الى الرئيس، اذ لا يمكن أن يكون الرجل بهذه السذاجة ويطلب مثل هذا المبلغ الذي يمكن أن يغطي تكاليف سفر رئيس جمهورية أي دولة من دول العالم الثالث لعام كامل، حتى أطلعت على تصريحات أعضاء في البرلمان وقيادات حزبية مشاركة في العملية السياسية تؤكد هذا الخبر وتنتقده. ثم ازداد الحديث عن ذلك حتى أنه غطى على الحديث عن تلك السفرة والخطاب القومي بامتياز الذي القاه الرئيس هناك والذي لم يتطرق فيه الى أمور تهم العراق ومعاناة شعبه تحت الأحتلال ولا على طبيعة وأسماء الأشخاص الذين رافقوه.
وهذه أمور لن أتطرق لها الآن، ولكن ما أضحكني هو تصريحان لأثنين من مستشاري الرئيس، وهم يالمناسبة لا يعدون ولا يحصون ويتسلمون مبالغ شهرية تساوي ما كانوا يتسلمونه من رواتب ايام كانوا موظفين بسطاء لمدة سنة كاملة، أبدى فيه الأولى تعجبه من الضجة الأعلامية التي أحدثها خبر المبلغ المخصص للسفرة مضيفا أن هذا المبلغ هو ما يتقاضاه الرئيس في كل سفرة يقوم بها للخارج، ربما من حق هذا المستشار أن يتعجب لأنه يعلم ان هذا المبلغ هو لاشيء اذا ما قيس بمخصصات الرئيس البالغة مائة وعشرون مليون دولار خاصة به وبمنصبه يصرفها كما يرتئي، وهذا الرقم ذكره وزير المالية الثاني بعد الأحتلال الذي لم يعارضه الى أن غادر العراق بعد أن تولى سلسلة من المناصب الكبيرة. أما المستشار الثاني فلقد صرح بأن الرئيس اعاد مبلغ مليون دولار الى المالية بعد عودته لأنها فاضت عن الحاجة.
الخبر الثاني هو الذي صدر اثناء ألزيارة المفاجئة وغير المتوقعة الى العراق التي قام بها السيد محمود جبريل عضو المجلس الأنتقالي الليبي ومسؤول العلاقات الخارجية للنظام الجديد.
وهنا أيضا لا أريد ان أتحدث عن هذه الزيارة المفاجئة والتي لم أستطع أن أفسر سببها، وكل ما جال في ذهني هو أن السيد جبريل ورفاقه لم يجدوا من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة أقرب من العراق، أو ربما كانت لافهام العالم بأنهم سيمثلون نفس النهج العراقي التابع لأمريكا، المهم أن ما أضحكني وبصورة أكبر هو ما صدر عن أحد مستشاري السيد رئيس الوزراء اثناء الزيارة حيث أعلن بعد إجتماع السيد جبريل بالسيد رئيس الوزراء العراقي أن العراق أبلغ السيد جبريل بانه على استعداد لنقل تجربته في مجال إعادة الأعمار الى ليبيا، ولا أدري إن كان هذا المستشار يعيش في العراق أم أنه أحد الذين يتمتعون بهذه الصفة وهم يعيشون في الخارج، ولا أدري إن كان على علم بأن العراق لم يفشل في أعادة أعمار ما دمرته الولايات المتحدة وبريطانيا وحليفاتهما فحسب وأنما فشل في توفير الكهرباء و الماء الصالح للشرب و الخدمات الأخرى اليومية للعراقيين، وأن عملية إعمار البلد نتج عنها سرقات وفساد بمليارات الدولارات. أو ربما قصد نقل تجربة الفساد ونهب المال العام الى الحكام الليبيين الجدد، الله أعلم.
أما الخبر الثالث والأخير فكان حول أستضافة مؤتمر برعاية حزب الله لنصرة نضال شعب البحرين من أجل الديمقراطية لشخصية عراقية مسؤولة مسؤولية كاملة عن أحتلال العراق وتدميره، وتعاونت مع الأجهزة الاستخباراتية للولايات المتحدة وبريطانيا وأسرائيل بدون أي حدود أو اعتبارات أنسانية او أخلاقية، وهوالسيد أحمد الجلبي، وعندما فشل في الحصول على موقع القيادة في العراق، تحول الى أيران ولبس ثوب الطائفية، والكل يعلم بانه أبعد ما يكون عن الدين او الطائفة التي ينتمي اليها، لكي يصل الى مبتغاه، ولم يصل. ويجب ان أعترف بأني من محبي ومؤيدي حزب ألله وأفتخر بأنجازاته في الصراع مع الكيان الصهيوني، ولكني أذكر باني عندما دعيت الى الحديث في الذكرى السنوية الأولى لأنتصار حزب الله في حرب 2006، تحدثت عن النقلة النوعية التي أحدثها هذا الأنتصار ووصفته بأنه أرجع الكرامة والثقة في نفوسنا بعد سنين من الهزائم، ولكني أذكر أيضا بأني تمنيت على هذا الحزب المناضل والشريف أن لا يجعل العامل الطائفي أساسا لتعامله مع الساسة العراقيين الذين وصلوا على الدبابات الأمريكية ولا يزالون يمثلون أجندتها باخلاص وتهافت. ويؤسفني أن أقول أن هذه الحادثة أكدت ما كنت أشعر به عندما تحدثت في الذكرى السنوية لأنتصار 2006. كم أتمنى أن يتم تصحيح هذا الخطأ لأنه خطأ بحق شعب البحرين أولا وبحق الشعب العراقي ثانيا وبحق حزب الله ثالثا. وأعود الى ما أضحكني في هذا الخبر والحادثة.
وقد يعجب القارئ اذا ما قلت بأنه ليس محاولة شخص جلب الأحتلال والنفوذ الأجنبي لبلده وتعاون معه بدون حدود أن يصور نفسه مدافعا عن الحرية والديمقراطية، ولا الطريقة التي تعامل الحاضرون فيها معه وهو ما يستحقه، وأنما أضحكني الهتاف الذي ظل يردده وهو يستمع لهجوم الحاضرين عليه وهو "يسقط الجهل".
وفي الحقيقة لقد وجدت في هتافه هذا جحودا كبيرا وإنكارا لجميل بل جمائل الجهل عليه. إذ لولا الجهل لما تمكن هو بالذات أن يخدع عددا غير قليل من العراقيين وينسيهم تاريخه والأحكام الصادرة بحقه في المحاكم وأساءته للعراق والعراقيين. بل ولولا الجهل لما استطاع أن يبقى على الساحة السياسية لحد الآن، ضحكت وأنا استمع لهذا الهتاف، ولكنه كان ضحكا كالبكاء.

' أكاديمي
من العراق