مسيحيو الموصل الى اين؟

الى  أصحاب الضمير الحي في العراق وفي العالم

الى صوت المعتدلين من اخوتنا المسلمين في العراق وفي العالم

الى كل من يهمه  امر استمرار العراق كوطن لجميع ابنائه

الى كل قادة الفكر والراي والناطقين بحرية الأنسان

الى كل المدافعين عن كرامة  الانسان والأديان

سلام ورحمة من الله

ان استيلاء الجهاديين الاسلاميين على الموصل واعلانهم دولة اسلامية، وبعد أيام من الأستكان والترقب، انعكس الأمر سلبا على مسيحيي المدينة والمنطقة المجاورة. وكانت أولى بوادر هذا الأنعكاس خطف راهبتين وثلاثة ايتام اطلق سراحهم بعد 17 يوما، استبشرنا خيرا بهذا التطور واعتبرناه بارقة امل وانفراجا.

واذا بنا نتفاجأ بآخر المستجدات وهي توزيع الدولة الاسلامية بيانا تدعو فيه المسيحيين صراحة الى اعتناق الاسلام، واما دفع الجزية من دون تحديد سقفها، او الخروج من مدينتهم ومنازلهم بملابسهم دون اية امتعة، وأفتت ان منازلهم تعود  ملكيتها منذ الان فصاعدا  الى الدولة الاسلامية. وكانوا في وقت سابق قد كتبوا على بيوت المسيحيين حرف (ن) اي نصارى! كما كانوا قد كتبوا على بيوت الشيعة حرف (ر) أي روافض. ومن يدري ماذا بعد في الأيام القادمة حيث أن نظام الدولة الاسلامية مبني على ما يدعون أنه الشريعة، ومن ضمنها اعادة تعريف الهويات على اساس ديني ومذهبي.

 هذه الاشتراطات تسيء الى المسلمين والى سمعة الدين الأسلامي الذي يقول بأن "لكم دينكم ولي ديني"، و"لا إكراه في الدين"، وانها نقض لأف وأربعمئة سنة من تاريخ وحياة العالم الإسلامي وتعايش مع ديانات مختلفة وشعوب مختلفة شرقا وغربا واحترم عقائدها وتآخى معها، وكم تقاسم المسيحيون في شرقنا بالذات ومنذ ظهور الأسلام الحلو والمر واختلطت دماؤهم في الدفاع عن حقوقهم وارضهم، وبنوا سوية حضارة ومدنا وتراثا. وحرام أن يعامل المسيحيون بالرفض والطرد والملاشاة. ولا يخفى ما لذلك كله من نتائج وخيمة على التعايش بين الأكثر والأقليات، لا بل بين المسلمين انفسهم، على المدى القريب والبعيد. والا فالعراق مقدم على كارثة انسانية وحضارية وتاريخية.

لذا نطلق نداءنا اليهم، حارا أخويا ملحا وخطيرا، ونناشد أخواننا العراقيين الذين معهم ان يعيدوا النظر في استراتيجتهم، ويحترموا الناس الابرياء العزل، من كافة القوميات والديانات والمذاهب. فالقران الكريم يوصي باحترام الابرياء ولا يدعو الى الأستيلاء على ممتلكات الناس عنوة، ويجير الأرملة واليتيم والمعدم والأعزل، ويوصي حتى الى سابع جار. 

كما نهيب بالمسيحيين في المنطقة اعتماد العقلانية والفطنة، وان يحسبوا حساباتهم بشكل جيد ويفهموا ما يُخطط للمنطقة، ويتكاتفوا بالمحبة ويتدارسوا معا وسوية وبتضامن سبل بناء الثقة بأنفسهم وبجيرانهم والألتفاف حول كنيستهم ويصبروا ويتحملوا ويصلوا الى ان تعبر العاصفة.

 

لويس روفائيل ساكو

بطريرك بابل على الكلدان

17. 7. 2014