مرة ثانية : ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز

 

 

            كنت قد انهيت في 31/1/2007 مقالتي: "ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز"، ونشرت في موقع "الغد" اليساري، مع صورة "مسودة قانون النفط والغاز"، المؤرخة في 15/1/2007، وبهذا النشر يكون موقع "الغد" هو اول من نشر هذه المسودة، ومنها اخذت الجهات الاخرى وباعتراف النيويورك تايمز بذلك. بعد ذلك تحرك موقع السيد رعد جرار (من اميركا)، والمتعاون دائما مع مؤسسة بلاتفورم Platform البريطانية والمختصة بقضايا البيئة والنفط والتي نشرت دراسات ممتازة حول نفط العراق، بالاضافة الى انها قامت بتحضير ندوات لعمال نفط الجنوب. قام موقع السيد رعد جرار – مشكوراً – بترجمة القانون وملاحظاتي الى اللغة الانكليزية، وبهذا يكون اول من نشر مسودة 15/1/2007 للقانون، وكذلك مقالتي باللغة الانكليزية. اضافة لذلك فلقد كان موقع رعد جرار هو اول من نشر باللغة العربية مسودة القانون المؤرخة في 15/2/2007 مع الملاحق الاربعة، اضافة الى مذكرة، غير موقعة، من ورقتين مؤرخة في 26/2/2007، وكأن هذه المذكرة هي الاتفاق النهائي الذي تم بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم. وقام ايضا موقع رعد جرار بترجمة هذه الوثائق الى الانكليزية. بعد اتمام الاجراءات، اصبح من الممكن تداول وارسال صور مسودات القانون في 15/1 و 15/2، اذ الامر قبل ذلك الوقت كان يتم في سرية تامة وكأنك توزع منشوراً في زمن "النضال السري". ولقد لامني بعض القراء من الخبراء او السياسيين الذين تداولت معهم مباشرة او من خلال التلفون او الانترنت، لاستعمالي تعبير "تمرير القانون في الظلام" ، او "بمعزل عن الجماهير"، والذي جاء في ملاحظاتي واعتبروه تعبيراً قاسياً. بالواقع لا اعرف تعبيرا آخراَ، فالى يوم نشر مسودة القانون في موقع الغد لم اعرف اكثر من شخصين لديهما مسودة قانون 15/1، حتى لدى اقرب المقربين من النواب او الخبراء الى مراكز القيادات السياسية. والاغرب من ذلك عند مناقشة القانون في 7/3/2006، ومابعده، مع خبراء في احزاب قائدة للعمل السياسي الحالي لم اجد معهم في احسن الاحوال الاّ مسودة 15/1، وليس مسودة 15/2 واضطررت الى اعطائهم اسماء المواقع الاجنبية لاستحصال المعلومات الاساسية لكي يتمكنوا من ابداء المشورة اللازمة حول القانون. اين الشفافية التي يتكلم عنها القانون؟!! واين الديمقراطية التي تتكلم عنها الدولة؟!!. ولعل من المفيد ان اذكر هنا مادار في مجلس الشيوخ الاميركي في 11/1/2007 حيث كان اعضاء مجلس الشيوخ "يحاسبون" كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الاميركية، استهزأ السيناتور الجمهوري عن نيوهامشاير، جون سنونو، من رايس قائلاً: "انت تقولين عن قانون النفط العراقي بانه قانون معتبر ولافت للنظر.. جيد، انه اهم قانون معتبر ولافت للنظر والذي لم يره احد لحد الآن"!!. ومن المفيد ايضا بهذه المناسبة، ان نذكر ان في الوقت الذي كان السيناتور سنونو يتكلم عن الشفافية بالنسبة للعراق في 11/1، اعلن في اميركا في 8/2/2007 عن فقدان (12) مليار دولار نقدا كانت قد ارسلت للعراق في بداية الحرب واختفت!!، وبدأت الآن التحقيقات حولها، ولكن هذا ليس هو المكان الذي نتكلم عن "الشفافية" في المسائل المالية.

          ان هذه الملاحظات ليست بديلا عن الملاحظات التي كتبتها في 31/1، وانما تتمة لها، لهذا فمن لم يقرأ ملاحظاتي السابقة سوف يجد صعوبة في متابعة الموضوع في هذه الملاحظات. انني لاازال ملتزم بالكامل بما قلته واوضحته في 31/1، وهنا احاول ان اضيف ماذا تم منذ ذلك الوقت لحد الان، كذلك توضيح الاختلاف الموجود بين مسودة القانون في 15/1 و 15/2، اضافة الى شرح وافٍ حول الملاحق الاربعة ومعنى حصر الملحقين (1) و (2) بشركة النفط الوطنية، اذ لاحظت اثناء مناقشاتي حول الموضوع، فان عدد لابأس به من الخبراء يعتقدون ان شركة النفط الوطنية ستعمل بعقود الخدمة وعقود الادارة او التنفيذ المباشر فقط، وسوف لن تعمل من خلال عقود مشاركة للحقول المناطة بها بضمنها الحقول العملاقة. كذلك حاولت توضيح مانُشر مؤخراً حول وجود ثروة "هائلة" نفطية وغازية في المناطق "السنيـّة".

          وعلى ضوء ذلك اود تبيان مايلي:-

1)  ماذا تم من 31/1/2007 لحد الان حول مسودة قانون النفط:-

سنبين بعض الامور التي نراها مهمة:

‌أ)       تسلسل الحوادث بما يتعلق بتمرير مسودة القانون:-

لقد ذكرنا في مذكرتنا السابقة ان سبب تأخير عرض مسودة القانون على مجلس النواب كان اعتراض ممثلي اقليم كردستان على المسودة المقترحة، وكنا نتكلم في حينه عن مسودة 15/1، ولكن كما يظهر ان في اثناء المناقشات التي تمت سواء داخل الجهات الاتحادية المعنية، او نتيجة المناقشات التي تمت مع ممثلي كردستان توصل الى تعديلات على مسودة 15/1 للوصول الى مسودة (15) شباط، والتي لم يوافق عليها ممثلي كردستان ايضاً.

على ضوء ذلك جاءت رايس الى العراق في 17/2 في زيارة مفاجئة، تكلمت عنها اجهزة الاعلام العالمية، وخصوصا العراقية، قائلة ان سبب الزيارة هو "متابعة الخطة الامنية" . ولكن يتضح من مقالة نشرت في النيويورك تايمز في 17/2 تحت: "رايس في زيارتها المفاجئة لبغداد تضغط على القادة العراقيين لتحقيق المنجزات" ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا عن اية منجزات تتكلم رايس؟. اما الواشنطن بوست فقد جاءت مقالتها الرئيسية في 18/2 تحت عنوان "في بغداد : رايس تعلن نفاذ صبر الولايات المتحدة". هل نفاذ صبر الاميركان هو عدم استطاعة الحكومة العراقية حل المسألة الامنية، ولكن الكل يعلم ان الاميركان بجيشهم وامكانياتهم الهائلة وبعد اربع سنين من بدأ الاحتلال لم يحلوا المسألة الامنية. عندما تقرأ المقالتين اعلاه، ستعرف مباشرة ما المقصود "تحقيق المنجزات"، او "نفاذ صبر الولايات المتحدة"، ان المقصود هو قانون النفط، حيث تقول رايس عن المسألة الامنية : "الامر مبكر للبحث عن نتائج"، ولكن اوضحت للصحفيين بانها اكدت على القادة العراقيين "ان عليهم انهاء العمل على قانون النفط"، واجابها قادة العراق-على حد قولها-،: "ان القانون تقريبا قد تم اكماله"، ثم تضيف رايس للصحفيين معبرة عن نفاذ صبرها!! "لقد قلت لزملائي بانني سمعت مثل هذا الكلام سابقاً، وفي هذه المرة يجب ان يعني ان القانون قد أُكمل فعلا.. كما في المعنى الحرفي لكلمة أُكمل"!!. وتضيف الواشنطن بوست ان رايس ابدت للقادة العراقيين "ان الشعب الاميركي لايمكن ان ينتظر طويلاً، وان الضغط ونفاذ صبر الاميركان قد وصل حدوده"!!.

عمليا كانت تكرر، او محتمل "تأمر" اين القانون، ويجب انجازه اليوم قبل غد!!.

من المتوقع ان الحكومة المركزية ابدت بعض الملاحظات حول موقف الكرد من القانون ورفضهم له او اعتراضهم على بعض فقراته.

هنا نرى ان نوضح مايلي: وهو ان مسودة القانون الاقليمي لكردستان وُضعت بشكل بحيث تستلم حكومة كردستان كل عائدات النفط من الحقول الشمالية، وتضعها في صندوق تحت وصايتها، وتعطى الحكومة المركزية (ومعها المحافظات الاخرى) حصصها المالية من هذا الصندوق، بنفس الوقت تؤكد ان حصتها من اموال الحقول الجنوبية تؤخذ من الصندوق الذي سيكون تحت تصرف الحكومة المركزية. وهذا الموضوع هو احد الامور التي يتشبث بها القانون الاقليمي لاضعاف الحكومة المركزية ووزارة النفط الاتحادية، وعلى اساس ان الدستور العراقي يخول له ذلك. ان رأي الحكومة الاميركية غير ذلك، وهو اقرب الى موقف الحكومة المركزية، وذلك بانشاء صندوق مركزي لكل الموارد النفطية، يكون تحت تصرف الحكومة المركزية، ويوزع منه الى الاقاليم والمحافظات وفق النسب التي جاءت بالدستور. كما ان الحكومة الاميركية تؤيد وجود سلطة اكبر للحكومة المركزية على النفط. لهذا قالت رايس في الاجتماع مع مجلس الشيوخ الذي تم في 11/1/2007 والمشار اليه سابقاً، "بالرغم من توقع ان يؤكد الكرد بانهم سيسيطرون بسهولة على الموارد النفطية بنفسهم، ولكن هذا ليس ماسيقوم به القانون". ان موضوع توزيع الموارد المالية سيكون احد الفقرات المهمة وكما سنوضح لاحقاً.

  وفي اعتقادنا ان الحكومة الاميركية تدخلت لصالح الحكومة العراقية المركزية، ولهذا سافر السفير الاميركي زلماي خليل زادة والتقى في اربيل السادة جلال الطالباني، رئيس الجمهورية، ومسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان لانهاء الامور المتعلقة بالقانون، وتوصل الى الاتفاق الصادر في 26/2 والذي سنتكلم عنه لاحقا. اعلن في بغداد نجاح المفاوضات وصدر بيان عن مجلس الوزراء بان المجلس وافق "بالاجماع "على القانون الذي سيعرض على مجلس النواب. وجاءت برقيات التهاني من بوش ورايس وزلماي وأُعتبر ماتم نصراً كبيراً!!. ولقد اكد السيد وزير النفط في 14/3 – نقلا عن راديو سوا في 15/3 – حول "الاجماع" في مجلس الوزراء على القانون، كما اكد السيد نائب رئيس الوزراء، برهم صالح، بنفس الخبر"ان الزعماء السياسيين في البلاد تعهدوا بالعمل على نيل موافقة البرلمان على القانون وتنفيذه في نهاية أيار"، والمعروف ان السيد "برهم صالح" من اشد المناصرين لعقود المشاركة. علما ان تصريحات جبهة التوافق بعدم موافقتها على القانون، وذلك بعد ايام قليلة من اعلان مجلس الوزراء، يتناقض مع الاعلان بان الموافقة في مجلس الوزراء تمت بالاجماع!!، فهل هناك اختلاف داخل الكتل السياسية حول الموضوع وهو امر منطقي في هكذا مسألة حساسة؟. ونود ان نضيف باننا في هذه الملاحظات سنناقش مسودة القانون المؤرخة في 15/2، وهي المتوفرة لدينا، ولكن لانعرف فيما اذا اجريت بعض التعديلات عليها في اجتماعات اربيل في 26/2،  بوجود السفير الاميركي.

مايجلب النظر في هذا التسلسل الزمني ان بعد ايام قليلة جداً من اعلان مجلس الوزراء الموافقة على القانون وعرضه على مجلس النواب، قام السفير الاميركي خليل زادة بزيارة السيد مسعود البارزاني، ومعه السيد اياد علاوي، الذي ليس له اية صفة رسمية في الدولة عدا انه رئيس الكتلة العراقية في مجلس النواب، وهو ايضا المرشح بين اوساط عديدة على انه رئيس الوزراء العراقي القادم!!. ولايسع البعض الاّ ان يتسائل: هل مهمة الوزارة الحالية قد  انتهت او قريبة من الانتهاء بعد ارسال مسودة القانون لمجلس النواب، والآن مرحلة البحث عن بديل مناسب آخر لمرحلة سياسية اخرى، وان سؤال البعض سيستمر، في انتظار الاجابة، وذلك في حالة موافقة مجلس النواب على مسودة القانون، هل سيتم بعد ذلك تنفيذ مقترحات السيد اياد علاوي (وسياسيين آخرين)حول تشكيل حكومة "انقاذ وطني" جديدة تقوم بتجميد الديمقراطية باعلان الاحكام العرفية وتمديد حالة الطوارئ وتجميد الدستور والبرلمان لمدة سنتين!!. هل الزيارة الى اربيل كانت صدفة، وهل الاسئلة المشار اليها اعلاه، هي تصورات اناس يغردون خارج السرب، والذين يؤكدون دائما، ان اميركا ليس لديها "صاحب صديق"، وستحرق من يتعلق بالمرحلة بعد اتمام اغراضها!!. المرحلة الحالية تقتضي جدا اكمال قانون النفط، ولكن ماذا سيكون الامر بعد اكمال مصادقته من قبل مجلس النواب هل هناك احتمال بان ينتهي دور مجلس النواب عند ذاك. وهذا السؤال يتم طرحه ايضا من قبل نفس البعض!!.   

ان الولايات المتحدة – حسب اعتقادي – تريد  قانوناً شرعياً مصادق عليه من مجلس النواب، يسمح بالرساميل الاجنبية بالدخول الى حقول النفط من اوسع ابوابها، وعند ذاك سيكون بمستطاع بوش الاعلان باعلى صوته "لقد حققت انتصاراً ستراتيجيا"، وليكن بعد ذلك الطوفان لكل عراقي ساعده في تنفيذ هذا النصر او عارضه في التنفيذ، وحكم التأريخ يأتي لاحقاً!!!.

‌ب)  صيغة "اتفاق" 26/2 بين الحكومة المركزية وحكومة كردستان

جاء ضمن الوثائق التي نشرت مع مسودة القانون والملاحق الاربعة، مذكرة غير موقعة ولكن مؤرخة في 26/2/2007، وتقع في صفحتين. ولو تركنا الديباجة، فالمهم في هذه المذكرة مايلي، علما ان الديباجة تشير الى الفقرات 111 و 112 من الدستور فقط وتترك الفقرات الاخرى التي تهم النفط والتي اشرنا اليها في ملاحظاتنا في 31/1:

اولاً: الجدول الزمني للتنفيذ:

            تقول "المذكرة" ، بانه "ستتخذ الاجراءات التالية من اجل استكمال تنظيم قطاع استخراج النفط والغاز في العراق":

1)  يقدم قانون النفط والغاز هذا مع ملاحقه الاربعة الى مجلس النواب بعد الاتفاق على الشروط العامة لمعايير ونماذج العقود بالتزامن مع مشروع قانون ادارة الموارد المالية. وستعمل الا طراف على انجاز هذا قبل الخامس عشر من آذار/2007.

ان مسودة القانون التي ستقدم هي مسودة 15/2، ولااعرف فيما اذا كانت هناك تعديلات اخرى عليها تمت بين 15/2 و 26/2 (تأريخ المذكرة). كما يشترط التقديم للقانون ان يتم بالتزامن مع مشروع قانون ادارة الموارد المالية (اي عملياً كيفية توزيع عوائد الثروة النفطية على الاقليم والمحافظات، وهذا القانون يعد بناءاً على متطلبات الدستور). لحد الان لااستطيع فهم معنى قانون "ادارة الموارد المالية"، واننا باننتظار القانون لمعرفة كيفية انسجام هذا القانون مع الميزانية والمنهاج الاستثماري للدولة. وكمثال اذا اردنا تطوير حقل نفطي في الانبار او واسط، فهل ستقترض هاتين المحافظتين من البقية لتطوير الحقول فيها؟!، ام المنطق يقول هناك ميزانية ومنهاج استثماري لكل القطر يقرها مجلس النواب وتوزع المبالغ حسب الحاجة الفعلية المبينة في الميزانية والمنهاج الاستثماري. والذي لاافهمه ايضا هو "الاتفاق على الشروط العامة لمعايير ونماذج العقود"، من يتفق مع من؟. وهل ستعرض هذه المعايير على مجلس النواب كملحق خامس للمصادقة عليها. ان المعايير ونماذج العقود هي روح مفهوم معدي القانون لمعنى "عقود المشاركة"، او مايسميه الجانب العراقي "عقود تنقيب وتطوير"، ونتيجة لهذه المعايير وحدودها نستطيع ان نفهم كم ستحصل الشركات من عائد، وماهي الاختلافات في نسب العوائد وعلى اي اسس وضعت المعايير. هذه امور تخص مجلس النواب بالكامل، خصوصاً وان صلاحية مجلس النواب حسب مسودة القانون هذه، ، محصورة فقط بالمصادقة (او عدم المصادقة) على هذه المسودة، وسوف لن تعرض عليه في المستقبل اية اتفاقية او عقد لاحق يخص الحقول حتى لو وصل الى مليارات الدولارات. وهو عيب في مسودة القانون سبق ان اوضحناها في ملاحظاتنا السابقة، وبينا ان "القانون الاقليمي"، يتضمن ان اي عقد يتجاوز (50) مليون دولار يتم عرضه على مجلس النواب للاقليم.

2)  تقول المذكرة في الفقرة (3): "انجاز مشروع قانون شركة النفط الوطنية وقانون وزارة النفط بما يتفق وينسجم مع احكام هذا القانون. كما وانه من الضروري ان يكون مشروع قانون النفط والغاز في اقليم كردستان منسجما مع نصوص واحكام قانون النفط والغاز الاتحادي ومتفقا مع الدستور".

ان انسجام القانون الاقليمي مع القانون الاتحادي امر جيد جداً، اما عندما يضاف "ومتفقا مع الدستور"، فهذا امر سوف لن يمكن تحقيقه الاّ بتبديل مواد الدستور او وضع اجهزة مركزية اتحادية للنفط لاحول لها ولاقوة. وهذا الامر اوضحناه باسهاب في ملاحظاتنا في 31/1.

3)  ان الفقرتين 3 و4 من المذكرة تؤكد على تعليق تنفيذ العمليات ومنح التراخيص في المناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة (140) من الدستور . كذلك التوقف عن ابرام عقود جديدة.

4)    اما الفقرة (5) من المذكرة ، فلقد جاءت محيرة (على الاقل بالنسبة لي) ولهذا ساذكرها نصاً:

تقول الفقرة (5): "ستعمل الحكومة الاتحادية، بالتنسيق مع حكومة الاقليم، لاستكمال مستلزمات تنفيذ القانون وتفعيل الهيئات والهياكل المنصوص عليها في القانون في مدة لا تتجاوز أيار/2007. واذا تم تجاوز هذا التاريخ يجتمع رئيس وزراء العراق ورئيس اقليم كردستان لبحث سبل انجاز ذلك خلال شهر وايجاد حل على اساس احدى الخيارات التالية:

أ‌)   في حالة عدم تنفيذ الفقرة (5) حتى 31/5/2007 يكون للطرفين الحق بابرام عقود التطوير والانتاج وفقاً لما جاء في الدستور ومشروع قانون النفط والغاز والمبادئ العامة لمعايير نماذج العقود (الخيار الاول).

ب‌)  تمديد الفترة المذكورة في البند اعلاه.

بالواقع لااعرف كيف يمكن تنفيذ الفقرة (5أ) اعلاه، وكلا القانونين الاتحادي والاقليمي لم يتم مصادقتها من قبل المجالس النيابية المعنية؟!. وهناك ملاحظة جانبية، هنا يتكلم "عقود التطوير والانتاج"، كما في الصيغة الواردة في المسودة "الاتحادية" ، بينما المسودة "الاقليمية" اكثر صراحة اذ لايوجد "عقود تطوير وانتاج"، وانما "عقود مشاركة". هل الجهة الاقليمية لا تستطيع توقيع "عقود مشاركة"، ام ان الاثنين لهما نفس المعنى كما كررنا ذلك مرارا. 

‌ج)   تسلسل الحوادث، فيما يتعلق بمعارضة القانون.

يعتقد المحتل الامريكي، ومن يريد ان يمرر هذا القانون من العراقيين لاسباب محتلفة سنناقشها في ختام هذه الملاحظات، ان الظرف الحالي في العراق مناسب جدا لتمرير القانون. ففي الوقت الحالي يسير العراقيون – خصوصاً في بغداد – في حقول فعلية من الالغام، فلا يعرف الشخص اذا كان سيرجع حياً الى بيته. القتل اصبح هواية ومهنة ومصدر رزق، سواء تم القتل من المجاميع الارهابية او المحتل، والاثنان –برأيي – وجهان لعملة واحدة. لذا لايتوقع ان تكون هناك مظاهرات  او اجتماعات او مناقشات علنية لمعارضة القانون، اذ لايعرف احد من اين ستأتي الطلقة القاتلة ومن سيقوم بها، لذا هناك تجنب لمثل هذه الاعمال الجماهيرية، والناس كما يقال "تسير قرب الحائط"!!. وبالرغم ان من المعروف ان العراقيين تظاهروا  لاسباب جداً اقل اهمية من هذا الموضوع الذي يهم جميع اجيال العراق القادمة، ولكن راهن المحتل ان مثل هذه الامور لن تحدث، وهو قد يكون مصيباً بذلك، اذ ماذا  يعمل الشخص المقهور على امره، والذي يفكر بسلامة حياته وحياة اطفاله وايجاد اللقمة لهم. بنفس الوقت بدأ بوش وادارته، وكان صداه لدى قسم من القادة العراقيين الحاليين بترديد نفس المفاهيم، والمتعلقة بالفوائد الجمة للقانون في العدالة في "توزيع الثروة النفطية"، وكأن الامر جديد وهو محدد في الدستور بالتوزيع حسب نفوس المحافظات، مع الاخذ بنظر الاعتبار المحافظات المتضررة، وياليت شعري هل ستعتبر بغداد احدى المحافظات المتضررة وهي اكثرها تضرراً. كما تكلموا من ان القانون المقترح  سيزيد من "لحمة وتآخي العراقيين"، او القول "لاول مرة يتفق العراقيون، سنّة وشيعة  وكرد والآخرون على شيء"!!، وهو امر مضحك مبكي، اذ مااراه ان القانون سيفرق العراقيين ويتضمن قنابل واحزمة ناسفة لاعدد لها. والشيء المؤلم ان عدداً من الصحفيين الاجانب كان قد ذكر ان مرور القانون في مجلس النواب سيكون "تحصيل حاصل"، "ولن يقابل بأية معارضة"!!. هل الامر كذلك، وهل فعلاً، سيجابه القانون بعدم اهتمام كلي تجنباً للشر، كما يقول البعض؟!.

          من خلال اطلاعي ومداولاتي ومناقشاتي مع العديد وخصوصا داخل العراق، اضافة الى مايجري خارج العراق، فان تمرير القانون، وبرغم الظرف السيئ الحالي سوف لن يكون "تحصيل حاصل"!.

          هنا اود ان اشير الى حدثين مهمين. الاول وهو الاهم برأيي رغم التعمية المعتمدة على نشره واذاعته، وهو الاجتماع الهام الذي قامت به نقابات عمال النفط في البصرة، وبتأييد كبير من الادارات النفطية والكادر الجامعي في البصرة ومن الجماهير البصرية. إن هذا الاجتماع الذي تم في 6/2/2006 في "المركز الثقافي النفطي" في البصرة وحضره اكثر من (500) شخص، اعاد لي الكثير من الثقة بالجماهير العراقية وقدرتها حتى في اسوأ الظروف التي يتوقعها انسان. القيت في الاجتماع عدة دراسات كلها تندد بالقانون، ولعل ماجاء في كلمة السيد حسن جمعة رئيس  اتحاد نقابات النفط في العراق، ومقره البصرة، يعطينا الجو العام لهذا الاجتماع حيث قال: "نحذر الشركات الاجنبية، وخصوصا الاميركية، من الدخول الى مواقعنا النفطية عبر اي قانون لايراعي مصلحة الشعب العراقي"، مضيفا: "ان اهم العوامل الرئيسية لشن الحرب على العراق هي ثروته النفطية ومخزونه النفطي الستراتيجي"، ويستمر ليقول "ان اهم بنود هذا المشروع الجديد هو انه سيجعل العراق تابعا للاحتكارات الاجنبية مما سيجعله دولة ضعيفة مستقبلها مرهون تحت رحمة تلك الاحتكارات.... ان المشاركة في الانتاج التي يتيحها القانون للشركات الاجنبية سيعطي لها الحق بوضع اليد على المخزون النفطي للعراق والتلاعب به، عبر اساليب هذه الشركات المعروفة بالاحتيال واستنزاف دماء الشعوب"، ويضيف "نوجه رسالة الى البرلمان والحكومة بان يضعوا العراق والعراقيين نصب اعينهم ويعيدوا النظر بالقانون". كما القى عدد من المحاضرين دراساتهم والتي تصب بهذا الاتجاه.

          اما الحدث الثاني المهم، فهو الاجتماع الذي تم في عمان، في 17/2/2007 والذي حضره حوالي الخمسين شخصاً من الخبراء والمختصين العراقيين في مجالات النفط والاقتصاد والقانون والادارة النفطية، وغالبيتهم العظمى ممن قادوا مختلف فعاليات وزارة النفط ، وتوصلوا الى عدد من التوصيات والنتائج ليست في صالح القانون وارسلوا رسالة منهم الى السادة رئيس الوزراء ورئيس مجلس الامة واعضاء المجلس ووزير النفط، وارفق بهذه نتائج الاجتماع، وتطلب التريث في موضوع القانون لدراسته ومناقشته وتعديله واقراره في ظروف افضل. وان العجالة في تمرير القانون ستضر بمصالح العراق. ولما وافق مجلس الوزراء على القانون وعرضه على مجلس النواب، قاموا بجمع تواقيع للقيادات النفطية السابقة بنفس المعنى وارسلت الى نفس الجهات اعلاه، وحسب المعلومات المتوفرة لي ان عدد الموقعين لحد الان (61) شخص من كبار النفطيين العراقيين.

          من الملفت للنظر ان من بين الحضور في هذا الاجتماع هما السادة فاروق القاسم وطارق شفيق، وهما اثنان من الثلاثة الذين وضعوا القانون اصلا وذلك في تموز/2006، وكما ذكرت في ملاحظاتي في 31/1. بعد الاجتماع اصدر السيد طارق شفيق مذكرة نشرت في بعض المواقع الالكترونية منتقداً القانون ومبيناً ان مااعد سابقا يختلف عما توصل اليه، وان  الامور عدلت بطريقة لاتخدم العراق، كما اشار الى ان زميله فاروق القاسم يؤيد رأيه هذا.

          هذا ولقد تمت ندوة اخرى في لندن في 19/2/2007 حول قانون النفط في مؤسسة دار الاسلام في لندن، حيث تحدث فيها الدكتور عبد الهادي الحساني عضو مجلس النواب ومسؤول ملف الطاقة في البرلمان العراق، قال فيها عن قانون النفط، نقلا عن موقع المرصد العراقي في 19/2، "نعتبره من اهم التحديات التي ستواجه الاقتصاد العراقي حيث يعتبر هذا القانون قنبلة موقوتة ستسبب خسارة اقتصادية كبيرة للشعب العراقي في حالة حدوثها...والقانون النفطي يعطي شراكة كبيرة للشركات النفطية العالمية بثمن بخس". وذكر د. عبد الهادي الحساني: "ان الكثير من اعضاء مجلس النواب يرفضون تطبيق هذا القانون وتوجد كذلك معارضة سياسية قوية له".

          هنا نرى من الواجب الرجوع الى جريدة "الغد" اليسارية التي نشرت في عددها في 22/11/2004 النص الكامل للسياسة النفطية لرئيس الوزراء في حينه، السيد اياد علاوي، حيث كان عنوان المقالة تلخيصا لها: "شركة النفط الوطنية العراقية للحقول المنتجة حاليا، وشركات النفط العالمية للحقول الباقية"، وردت "الغد" في عددها في 9/1/2005 على هذه السياسة. ان السياسة النفطية التي وضعها السيد اياد علاوي وطلب تطبيقها في وزارة النفط، برغم عدم وجود اي قانون يسمح له بذلك، كانت اكثر مضرة بالشعب العراقي وبمراحل، مما جاء في مسودة القانون الحالي. لم يبد السيد علاوي رأيه بالقانون الحالي لحد الآن، وذلك حسب المعلومات التي لدينا، ولكن مالاحظناه ان الدكتور مهدي الحافظ، عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية (والتي يرأسها علاوي)، والذي ايضاً يشغل حاليا رئيس المركز العراقي للتنمية والحوار الدولي، وكان وزيرا للتخطيط في حكومة علاوي التي وضعت السياسة النفطية المذكورة اعلاه، ولم اقرأ معارضة منه لتلك السياسة عندما كان وزيرا. ولكن الذي جلب نظري واراحني ان الدكتور الحافظ ارسل مذكرة في 5/3/2007 الى السيد رئيس مجلس النواب واعضاء المجلس يتبنى فيها ماجاء في المذكرة الناجمة عن اجتماع الخبراء في عمان في 17/2، حيث يرفق في مذكرته، بيان اجتماع عمان ويذكر بانه : "يتحتم دراسة هذا الموضوع بدرجة عالية من المسؤولية، وتوفير المناخ اللازم لمعالجته بغية الوصول الى صيغة سليمة لقانون النفط والغاز.......... على اسس مدروسة ورشيدة". هذا الامر يعطي الانطباع بانه ليس مع اقرار القانون الحالي في الظروف الحالية وضمن الجدول الزمني المحدد له. اما النائب البرلماني الآخر عن القائمة العراقية ووزير الصناعة السابق السيد اسامة النجفي، فلقد ابدى رأيه بوضوح اكبر في جريدة الشرق الاوسط في 12/3/2007 (نقلا عن وكالة الانباء الالمانية)، حيث قال "ان مشروع قانون النفط والغاز الجديد بشكله المرسل الى مجلس النواب خطير جدا وفيه بذرة لتقسيم العراق وتبديد ثرواته"، ويضيف: "ان مشروع القانون بحاجة الى دراسة مستفيضة ومراجعة شاملة ويجب تأجيل مناقشته الى مابعد زوال الاحتلال وتهيئة ظروف مناسبة لمناقشته".

          ان موقف النائبين (عن القائمة العراقية) اعلاه يثير عددا من التساؤلات، هل هذا هو موقف القائمة العراقية برئاسة السيد اياد علاوي، او هو موقف شخصي للسيدين المذكورين. اذ بالنسبة لي من غير المعقول ان يقف السيد علاوي اليوم (وهو لايزال كما يقال في الصحافة الغربية والعربية والعراقية رجل اميركا المقبل في العراق، وهو يتصرف حاليا على انه كذلك)، اكرر من غير المعقول ان يقف ضد القانون او يطلب تأجيله. ماهو موقف النواب الآخرين عن القائمة العراقية. هل المفروض ان يمرر القانون من قبل الحكومة الحالية، والتنصل لاحقا من قبل الآخرين من التبعات، اذ ان موقف اي نائب في المجلي سيكون ملتصقاً به تأريخيا الى ابد الآبدين، نظراً لاهمية الموضوع الاكيدة و القصوى لمستقبل الشعب العراقي.

          لقد كـُتبت عدة مقالات حول القانون، لم اجد اي منها يؤيده لكي استطيع الاجابة عليه، ولكن على العموم ان التحرك لايقاف القانون لايزال دون المستوى جداً ويحتاج الى عمل مستمر وخصوصاً بين النواب والكتل السياسية الرئيسية لرفضه او ايقافه او على الاقل تأجيل مناقشته الى زمن تكون فيه ظروف المناقشة واتخاذ القرار السليم مواتية. اضافة لذلك فان ماينشر في الجرائد العراقية، عدا البصرية منها، محدود ولايصل الى مستوى الحدث.        

 

2)  شركة النفط الوطنية العراقية والملاحق الاربعة

لقد تطرقنا في ملاحظاتنا السابقة في 31/1/2007 حول مسودة قانون النفط والغاز، عن دور شركة النفط الوطنية العراقية، المفروض ظهورها للحياة مجددا حسب مسودة القانون الاتحادي. وارتأينا ان نتوسع هنا حول هذا الامر، لسببين الاول متعلق باصدار الملاحق الاربعة مع مسودة القانون المؤرخة في 15/2/2007، والتي لم توجد في مسودة 15/1/2007. وهذه الملاحق لها تأثير مباشر كبير على شركة النفط الوطنية. اما السبب الثاني فهو سوء الفهم لما موجود في مسودة القانون والغموض والارتباك في المواد المتعلقة بالشركة والتي اشرنا اليه في ملاحظاتنا في 31/1 ، ولكن كما يظهر لم يكن الشرح وافياً وواضحاً، اذ ظهر لنا وعلى اثر مناقشاتنا مع الجهات المعنية داخل وخارج العراق الى اختلافات في فهم هذه المواد وبالتالي في فهم دور شركة النفط الوطنية ، لهذا نضطر للرجوع الى هذه النقطة بتفصيلات اكثر.

وحول هذا الموضوع نود توضيح مايلي:

أ‌)      ان الملاحق الاربعة جاءت تحت العناوين (التسميات) التالية:-

اولاً- الملحق رقم (1) الحقول المنتجة.

          ويضم الملحق (27) حقل. كنا نعتقد في ملاحظاتنا في 31/1 بأن "الحقول المنتجة" التي جاءت في سياق مسودة القانون، هي فقط المنتجة فعلاً على نطاق تجاري لاغراض التصدير او لتغذية المصافي العراقية، اي عملياً حقول كركوك وحقول البصرة وجزء من ميسان. ولكن لاحظنا ان الملحق رقم (1) الحقول المنتجة، يتضمن حقول عملاقة مثل شرقي بغداد، حيث ذكرنا سابقا انه يحوي احتياطي (11 مليار برميل)، ولكن ظهر مؤخراً جدا انه يحوي (15 مليار برميل)، وكما سنوضح لاحقاً، وكذلك حقل مجنون في البصرة وميسان (ويحوي احتياطي قدره 21 مليار برميل)، وحقل نهر عمر في البصرة (باحتياطي قدره 6 مليار برميل)، وحقل طوبا في البصرة (باحتياطي مليار برميل)، وحقل غرب القرنة في البصرة وميسان (باحتياطي قدره 15 مليار برميل)، وحقل حلفاية في ميسان (باحتياطي قدره 3.5 مليار برميل)، اضافة الى حقول اخرى مثل بلد وكركوك (خرمالة) وتكريت وغيرها. ان جميع هذه الحقول تم ذكرها ضمن الجدول الموجود في ملاحظاتنا السابقة في 31/1،  ولكن لم نعتبرها ضمن الحقول المنتجة، اذ من الناحية العملية لانستطيع ان نعتبرها حقول منتجة حيث  لاتوجد البنية التحتية والصناعية لانتاج فعلي، وما ينتج منها قليل وضئيل جداً. فمثلاً حقل شرق بغداد او مجنون لايتجاوز الانتاج عن (10-15) الف برميل / اليوم، بطريقة بدائية، ومن الآبار الاستكشافية التي كان قد تم حفرها سابقاً، ولحاجات ضرورية آنية مثل تزويد المحطات الكهربائية بالوقود او للمصافي العراقية وبكميات قليلة جدا. ان الانتاج الممكن لو اكملت البنية التحتية والصناعية لبلغ عشرات اضعاف الانتاج الحالي.

نود ان نؤكد ان ادخال هذه الحقول ضمن الملحق رقم (1) افرحنا جداً، اذ يعني ان مسودة القانون اعطتها الى شركة النفط الوطنية، وذلك وفق المادة (6 أولاً)، وبعد ربط شركة نفط الجنوب وشركة نفط الشمال بشركة النفط الوطنية العراقية.

 

ثانياً-  الملحق رقم (2) : الحقول غير المنتجة القريبة من عقد الانتاج.

          يضم هذا الملحق (25) حقل، منها حقل كبير هو الرطاوي في البصرة (باحتياطي قدره 2 مليار برميل)، كذلك حقول اخرى مكتشفة، من قبل الكوادر العراقية، ذات احتياطيات متوسطة ، او لاتزال كميات الاحتياطيات غير مقدرة وتحتاج الى اعمال اضافية للتقدير الاكثر دقة، لهذا سماها الملحق (2) " الحقول غير المنتجة القريبة من عقد الانتاج".

ان هذا الامر ايضا افرحنا، اذ يعني ان القانون اعطى حقول مهمة الى شركة النفط الوطنية العراقية، وذلك حسب المادة (6 ثانيا) من مسودة القانون.

 

ثالثا- الملحق رقم (3) : الحقول غير المنتجة البعيدة عن عقد الانتاج.

          يضم الملحق (26) حقل، وجميع هذه الحقول كانت قد اكتشفت وحددت من قبل الجهات العراقية في مراحل سابقة.

ان الذي اثار استغرابنا في هذا الملحق، هو تضمنه بعض الحقول التي كان من المفروض برأينا نقلها على الاقل الى ملحق (2) ان لم يكن ملحق (1). ومثال ذلك حقل الاحدب في محافظة واسط والذي كان مغطى بعقد مع الصين في التسعينيات من القرن الماضي. كذلك يتضمن الملحق حقل الغراف في محافظة ذي قار (ذو احتياطي يقدر بمليار برميل)، وحقل الناصرية في محافظة ذي قار ايضا (ويحوي احتياطي يقدر 2 مليار برميل)، وحقل الرافدين في محافظة ذي قار ايضا (ويحوي احتياطي يقدر بنصف مليار برميل).

في هذا الملحق حقول اخرى مثل حقل قمر في محافظة ديالى، وحقل طق طق  في محافظة اربيل، وحقلي جلابات وخشم الاحمر في ديالى، وحقل عطاس الغازي في الانبار (ولقد اثار هذا الحقل ضجة عالمية في الاسبوعين الماضيين وكما سنوضح لاحقاً). باعتقادنا ان جميع هذه الحقول يجب وضعها على الاقل ضمن الملحق (2). ومن المحتمل وجود حقول اخرى اهم مما ذكرت اعلاه موجودة في ملحق (3) يجب تحريكها الى ملحق (2). علماً ان وزارة النفط لها معلومات ودراية اكثر منا بكثير، ويحتمل وضع هذه الحقول في ملحق (3) لاسباب اخرى، ولو نحن نؤكد ادخالها ضمن الملحق (2).

 

رابعا- الملحق رقم (4) الرقع الاستكشافية.

          ويضم الملحق (65) رقعة في مختلف انحاء العراق، ويوجد عدد كبير منها في الصحراء الغربية، اضافة الى المحافظات العراقية الاخرى. ان قسم من هذه الرقع كان قد تم التفاوض حولها مع بعض الشركات الاجنبية في التسعينيات كجزء من خطة الحكومة السابقة لكسر الحصار والذي لم يؤد الى نتيجة، وكما اوضحنا في ملاحظاتنا السابقة في 31/1.

          تختلف مساحات هذه الرقع بين (17700) كم² في الصحراء الغربية ، وهناك قطع اخرى في الصحراء الغربية بمساحات تصل بين 10-12 الف كم². وتقل المساحات الى قطع لاتتجاوز مساحتها (1000) كم²، او حتى اقل من (500) كم² في المناطق العراقية الاخرى المأهولة بالسكان.

نود ان نشير هنا ان المادة (6 ثالثاً) تسمح لشركة النفط الوطنية في الحصول على بعض الحقول المبينة في ملحق (3) والقطع المبينة في ملحق (4) بشرط المنافسة مع الشركات الاجنبية او المحلية الاخرى، فهي ليست حصراً بها كما في حقول الملحقين (1) و (2).

 

‌ب)  كيف تنفذ شركة النفط الوطنية اعمال التنقيب والتطوير، ماهي نوع العقود.

لقد ذكرنا في الفقرة السابقة باننا كنا فرحين من حصر الملحقين (1) و (2) بشركة النفط الوطنية، واقترحنا اضافة حقول من الملحق (3) الى هذين الجدولين لتعزيز مكانة شركة النفط الوطنية وحصر ماتم سابقا من تحديده من مكامن نفطية او غازية من قبل العراقيين بيد هذه الشركة المملوكة بالكامل من قبل الحكومة العراقية. وهنا يجب ان تكون لنا وقفة، إذ إن الفرحة في هذا الامر تعتمد على كيفية عمل شركة النفط الوطنية، فهناك من يعتقد وعلى ضوء قراءة نصوص القانون فان عمل الشركة سيكون من خلال عقود الخدمة او التنفيذ المباشر، ولاتقوم الشركة بالتنفيذ بعقود مشاركة (او ماتسميها مسودة القانون عقود تنقيب وتطوير)، فعند ذاك يكون عمل شركة النفط الوطنية في المسار الصحيح. اما اذا نفذت بعقود المشاركة فالامر في مسار خاطئ جداً، ولايهم ان حصرت بيد شركة النفط الوطنية او لم تحصر. إن فهمي لمسودة القانون ، واتمنى ان اكون على خطأ ، تبين ان باستطاعة شركة النفط الوطنية التعاقد بعقود مشاركة وفي حقول الملاحق (1) و(2)، وكما سنوضحه في الفقرات التالية. في كل الاحوال هناك عدم وضوح في مسودة القانون الاتحادي، والسبب قد يكون سهواً او عدم تحديد واضح، او ان الجهة المعدة للقانون تحت ضغط الجدول الزمني الموضوع لها بحيث لم تلاحظ ذلك، خصوصاً بعدم وجود مناقشات جدية حوله. هنا من الواجب ان اذكر ماقاله السفير الاميركي زلماي خليل زادة في مقالته التي نشرها في الواشنطن بوست في 3/3/2007 مبتهجا بالانتصار العظيم بسرعة انجاز العمل ولموافقة الحكومة العراقية على القانون وتقديمه للبرلمان، حيث بعض مما قاله كان: " ان الوصول الى مثل هكذا اتفاق – يقصد مسودة الدستور – ليس بالامر السهل، فان العملية استغرقت في دول العالم سنوات لاكمال مثل هذا القانون"!!؟. فإذا كان اعداد مثل هذا القانون يستغرق سنوات في دول العالم، فكيف يمكن اكماله في اسابيع او شهور قليلة في العراق!؟ . اذا اردنا ان نكون اكثر شكوكاً بالامر، وهو امر يجب ان لانلام عليه نظراً للطريقة التي يمرر بها القانون والاجراءات السرية القاسية لاعلان بنوده حتى لاعضاء مجلس النواب والقيادات السياسية والفكرية المشاركة في العملية السياسية، توصلنا هذه الشكوك الى ان المقصود اصلا، ان من حق شركة النفط الوطنية الدخول بعقود مشاركة في الملحقين (1) و (2) ، ولهذا وضعت نصوص غير واضحة ومتضاربة. وسنرى ذلك واضحاً عند الدخول بالتفاصيل في هذا الامر. علما ان دخولنا في التفاصيل لايعني اننا نؤيد صدور القانون الآن، اذ نحن لانرى حاجة لقانون الآن، ولايمكن ان يـُنجَز قانون يخدم الشعب العراقي في هكذا عجالة وفي هكذا ظروف شاذة.

          حول الموضوع نود الرجوع الى مسودة القانون ونذكر مايلي:

اولا – ان المادة (8أ) تقول: "فيما يتعلق بالاولويات الهادفة الى تأهيل وتعزيز الانتاج المقترنة بتحسين استخلاص النفط من الحقول المنتجة حالياً، تعتبر شركة النفط الوطنية العراقية المشغل والمفوض بالدخول مباشرة في عقود الخدمات او عقود الادارة مع شركات مناسبة للنفط او الخدمات، ان اقتضت الحال ذلك من اجل التعجيل في تحقيق الاهداف بمقتضى هذه المادة".

طبعا هذا اتجاه صحيح، فالتنفيذ اما مباشر او من خلال عقود الخدمات او عقود الادارة. ولكن المشكلة ان هذه المادة لم تقل بوضوح ان هذا الامر يتعلق بالملحق (1) الحقول المنتجة. وهذا الامر يزداد ضبابية عندما نرى ان ضمن الملحق (1) هناك حقول سماها منتجة ( وكما اوضحنا سابقا)، ولكنها منتجة شكليا وتحتاج الى استثمارات عالية للتطوير مثل مجنون وشرق بغداد وحلفاية وغرب القرنة.

ثانيا – مازاد الامر غموضا هو المادة (8ث)، والتي تقول: "يجب بذل الجهود الحثيثة من اجل ضمان التطوير العاجل والفعال للحقول المكتشفة غير المطورة كليا او جزئيا عند صدور هذا القانون. على انه يجوز تطوير هذه الحقول مع شركات نفط ذات سمعة محمودة وتتمتع بامكانيات مالية رصينة ومهارات ادارية وتقنية وتشغيلية مرموقة وفقاً للصيغ التعاقدية والتعليمات الصادرة من المجلس الاتحادي للنفط والغاز".

نلاحظ مايلي:

-    هنا لايتكلم عن شركة النفط الوطنية بالخصوص فالامر يشمل الكل، وبالتأكيد يشمل النفط الوطنية لانه ذكر حقول مطوّرة جزئياً .

-         لم يحدد عقود خدمات او عقود الادارة، كما في المادة (8أ) السابقة.

-    يتكلم عن حقول مكتشفة غير مطورة كلياً او جزئياً. وبوجود كلمة (جزئياً) فان الامر يشمل الحقول العملاقة الموجودة في الملحق (1)، اذ اعتبرت منتجة وهي عملياً مطورة جزئياً. وتشمل اكبر من نصف الملحق (1) ولكل الملحق (2).

علما من الناحية القانونية لايوجد في القانون تعريفاً للحقول المكتشفة المطورة كلياً او جزئياً. وتعاريف الحقول موجودة في الملاحق اذ لايوجد فيها مثل هذا التعريف، وهنا لاندري على اي ملحق تتكلم هذه المواد القانونية بالضبط.

-    يطلب ان يتم التنفيذ بالتعاون مع شركات نفط تتمتع بامكانيات مالية رصينة. اي مايريد ان يكون الاعتماد في الاستثمارات عليها.

-    التعاقد يتم وفق الصيغ التعاقدية والتعليمات الصادرة من المجلس الاتحادي . وهذه الصيغ تتعلق بعقود المشاركة (او مايسميها القانون التنقيب والانتاج)، اذ لا اعتقد ستوضع صيغ لعقود خدمات والتي نتعامل بها للخمسين سنة الماضية.

كل ماجاء اعلاه يعطي الانطباع ان غالبية ملحق (1) وكل ملحق (2) هو ليس ضمن عقود الخدمة او عقود الادارة او التنفيذ المباشر، وانما ضمن عقود المشاركة على اكثر احتمال.

يجب ملاحظة ان هذه المادة تبتدأ "يجب بذل الجهود الحثيثة من اجل ضمان التطوير العاجل والفعال"، وكأنه يطلب التوقيع مع الشركات العالمية حالما يصادق على القانون بنوع عقود مرفوضة تماما وخصوصا لما جاء من حقول في الملحق (1) و (2).

ثالثا- ان المادة (8ب) تقول: "على الوزارة وبالتشاور مع الاقاليم والمحافظات المنتجة وبمقتضى احكام المادة (9) من هذا القانون ان تقترح للمجلس الاتحادي للنفط والغاز اكثر الاساليب نجاعة في تطوير الحقول المكتشفة وغير المطورة".

وهنا ايضا غموض، ماهي "الحقول المكتشفة وغير المطورة"، هل المقصود الملحق (3) "الحقول غير المنتجة البعيدة عن عقد الانتاج"، ام الملحق (2) الحقول غير المنتجة القريبة من عقد الانتاج، والتي تعود اصلا لشركة النفط الوطنية . حسب منطوق هذه المادة الظاهري فان الامر قد لايعني النفط الوطنية. وفي كل الاحوال اعطى حرية لاقتراح اي نوع من العقود.

من المهم ان نلاحظ هنا ان الملحق (3) يتضمن حقول مهمة تعتبر جاهزة، واشرنا في الفقرة (2أ ثالثا اعلاه)، الى ضرورة ادخالها في الملحق (2) مثل الاحدب في واسط وغراف في ذي قار وحقلي جلابات وخشم الاحمر في ديالى، وناصرية في ذي قار وغيرها.

رابعاً- تقول المادة (5 جـ ثانيا): " تتضمن مهام ونطاق عمليات شركة النفط الوطنية العراقية تنفيذ عمليات التنقيب والتطوير والانتاج  والنقل والتخزين والتسويق والمبيعات لغاية نقطة التسليم فيما يتعلق بالنفط والغاز وذلك بمقتضى الحقوق والواجبات المنصوص عليها في هذا القانون والعقود المعنية والموافقات والتصاريح الواجبة التطبيق على جميع حاملي التراخيص الآخرين".

     من الواضح هنا ان شركة النفط الوطنية تعمل بما جاء به القانون في حرية التعاقد بعقود مشاركة، عدا حقول حددها مسبقا وهي حقول البصرة وكركوك وميسان المنتجة فعليا حاليا، فان تطويرها يكون بعقود خدمة او عقود ادارة او مباشرة.

اما المادة (5 جـ ثالثا)، فلقد اعطت شركة النفط الوطنية، "حق المساهمة كشريك تجاري في العقود الدولية المرتبطة بنقل وتسويق وبيع النفط والغاز، كما لها ان تساهم في عقود التنقيب والانتاج خارج جمهورية العراق وذلك بعد استحصال موافقة مجلس الوزراء". وواضح ان هذه المادة وضعت لاعطاء مرونة للشركة للعمل خارج العراق، ولكن بالنسبة الى التعاون مع الشركات الاجنبية داخل العراق، فهي تعمل ضمن بنود القانون المقترح، وليس في القانون مايمنعها ان يكون لها شريك اجنبي (عدا فيما يتعلق بحقول كركوك والبصرة وميسان المنتجة على نطاق تجاري حاليا).

خامساً – هناك فقرات كثيرة في القانون تؤكد على الاستثمار الاجنبي، فالمادة (9 ب تاسعا)، تقول: "ان الهدف وراء توزيع تراخيص التنقيب والانتاج في جمهورية العراق هو من اجل الحصول ... (وتنتهي)، ويجب الاخذ بعين الاعتبار اللجوء الى اتحادات بين شركات مختارة ولاسيما في الحقول الكبرى".

          فهناك نية عند من وضع القانون ان يعطي الحقول الكبرى الى شركات عالمية من خلال عقود مشاركة، سواء تم ذلك عن طريق شركة النفط الوطنية (ضمن الملحقين 1و2) او وزارة النفط او الهيئات الاقليمية، ضمن الملاحق (3و4).

          ولو رجعنا الى الاسباب الموجبة للقانون نرى "انه ينبغي ان توزع الفعاليات النفطية التي تقوم بها حاليا وزارة النفط بين هيئات وكيانات تجارية وتقنية رئيسية بما فيها شركة نفط وطنية عراقية مستقلة واعطاء دور للاقاليم والمحافظات المنتجة". ان "الكيانات التجارية" امر جيد، ولكن الكيان او "الشركة" التجارية تستطيع بموجب قانون الاستثمار الجديد وقانون النفط هذا ان تشترك مع الشركات الاجنبية ولكي تمنع من المشاركة مع الاجنبي يجب ان يتم ذلك بمادة قانونية واضحة، وفي هذا القانون لاتوجد هذه المادة عدا الحقول المنتجة تجاريا حالياً.

          وتضيف الاسباب الموجبة للقانون "ان التحديث والتطوير الاضافي للصناعة النفطية سوف يعززان بمشاركة مستثمرين دوليين ومحليين يتمتعون بمهارات عملية وادارية وتقنية معتمدة، بالاضافة الى مصادر رأسمالية نشطة لمساعدة وتحديث الخبرات الوطنية وفعاليتها في قطاع النفط".

          وهنا ايضا يؤكد على "المستثمرين الدوليين"، وكذلك "المحليين"، والذي اوضحت في ملاحظاتي في 31/1 لماذا يجب رفض المستثمرين المحليين رفضا باتا.

 سادساً- من كل ماجاء اعلاه نرى ان من فهم ان شركة النفط الوطنية ستعمل وفق سياسة عقود الخدمة وعقود الادارة والتنفيذ المباشر فقط، وعلى الاقل في حقول الملحق (1) والحقول الكبيرة في الملحق (2). فان هذا الفهم خاطئ، فهي ستعمل – عن الدولة – لتنفيذ سياسة هذا القانون الذي ليس فقط يسمح وانما يشجع ويعمل على ان تكون للاستثمارات الاجنبية دور رئيسي وكبير في نوعية عقود مجحفة، وهي عقود المشاركة او مايسميها القانون عقود تنقيب وانتاج، فمن الناحية العملية فان "الفرحة" التي ابديناها عند مناقشة الملاحق لم تتم!!.

     قد يسأل احد لماذا نعتبر عقود المشاركة مجحفة، لذا اضطر ان اضع المثال التالي:-

          ان كلف الانتاج في العراق منخفضة جدا، وهي بحدود نصف دولار/ البرميل، والجميع يتوقع ان الامر سيكون كذلك بالنسبة لتطوير الحقول الجديدة وخصوصا العملاقة. لنبالغ ونقول ان كلف الانتاج (بضمنها كلف الاستثمارات من اندثار وفائدة)، ستكون دولار واحد/ البرميل.

          لنفترض ايضا ان عقود المشاركة تعطي المستثمر الاجنبي بالنتيجة (5%) فقط من النفط (اي 5% من الارباح بعد طرح كلف الانتاج). لو افترضنا ان سعر البيع هو (61) دولار للبرميل. ولذا فان ربح البرميل الواحد (60) دولار. وربح المستثمر الاجنبي (3) دولار للبرميل. وهذا يعني ان ربح الشريك الاجنبي ثلاثة مرات كلف انتاج هذه المادة (اي النفط). ليدلني اي شخص في العالم، بان ربح اي منتج صناعي او زراعي او خدمي هو 300% من كلفة انتاجه. اذ في المشاريع الصناعية اذا بلغت الارباح 30% من كلفة الانتاج فان المشروع يعتبر ناجح جداً. اما اذا اعطيت الشركات الاجنبية 10% من الارباح (ويحتمل ان هناك من العراقيين من يفكر اعطائهم اكثر من هذه النسبة، وبالنسبة للمستثمر الاجنبي فمن المؤكد انه سيعمل المستحيل للحصول على نسبة تتجاوز الـ 10%). فاذا افترضنا 10%، فان الربح الذي سيحققه المستثمر الاجنبي سيكون ستة امثال كلف الانتاج، اي 600% من كلفة الانتاج. سواء كانت الارباح 300% او 600% فان المستثمر الاجنبي يقوم بنهب ثروة العراق ، ليست لثروة جيلنا فقط وانما لاجيال ابنائنا واحفادنا واحفاد احفادنا. ولهذا نحن نعارض هكذا انواع عقود.

   

3)  الثروة النفطية في المناطق "السنيّة"

ارجو المعذرة من القارئ باستعمال تعابير "سنية" او "شيعية"، فلم استعملها في حياتي بالمرة الاّ بعد مجئ الاحتلال واصبحت هذه التعابير الطائفية المقيتة جزء من القاموس السياسي العراقي، لهذا ساضطر الى استعمالها.

          لقد كتبت النيويورك تايمز في 19/2/2007 مقالة رئيسية تحت عنوان: "الاراضي العراقية السنيّة تظهر امكانيات واعدة للنفط والغاز". وتناقلت في اليوم التالي جميع وكالات الاخبار والجرائد والتلفزيونات المهمة هذا الخبر. وقبل ان اعلق او اذ اذكر سبب نشر هذا الخبر في هذا الوقت بالذات، اود ان ابين مايلي حول المقال والوقائع على الارض حسب المعلومات المتوفرة لي، وبالتأكيد لدى وزارة النفط معلومات اكثر شمولاً ودقة بكثير، وباعتقادي ستصل الوزارة الى نفس النتيجة التي سأتوصل اليها.

 

أ‌-      ماقالته النيويورك تايمز في 19/2/2007:

اعتمدت المقاولة على محورين لمعلوماتها، الاول من القائد العسكري في الانبار واطلاعها على بئر غازي هناك، والمحور الثاني على مقابلة ادعى كاتب المقالة انه اجراها مع السيد ناطق البياتي (وحاليا يشغل مدير عام دائرة المكامن والاستكشاف في وزارة النفط)، ولو ان بعض المعلومات تقول انه لم يقابل السيد البياتي شخصياً. ويضيف كاتب المقالة بعض آراء ما سماهم "الخبراء الاميركان". نوجز ماجاء بالمقالة بما يلي:

اولاً:  يتكلم عن بئر واضح للعيان في منطقة في الصحراء الغربية تبعد حوالي (32)كم عن الحدود واان اقرب تجمع سكاني له هو مدينة القائم الواقعة على الفرات قرب الحدود السورية العراقية، ويؤكد انها منطقة "سنيّة". فلقد تكلم الكاتب عن حقل "عكاس" الذي سبق ان تكلمنا عنه في شرح الملحق رقم (3) والذي كان بعنوان "الحقول غير المنتجة البعيدة عن عقد الانتاج". ذكر ان الحقل يحوي كميات هائلة من النفط والغاز، واشار الى زيارة الجنرال ألين Allen الى موقع البئر لان "جزء من مهامه تحفيز التطوير الاقتصادي في محافظة الانبار"، ويضيف الجنرال ألين قرب هذا البئر "ان هذا البئر يعطي الانبار والسنّة مستقبلا واملا اقتصاديا يختلف عن الفوسفات والسمنت وهي الصناعتين الرئيستين في المحافظة ذات المعامل المتقادمة..... كما ان الغاز يمكن انتاجه لتوليد الكهرباء وللصناعة الكيمياوية في الانبار". كما اضاف كاتب المقال، ان قائمقام القائم قال "ان استخدمنا هذا النفط فسيكون كافياً لكل غرب العراق".

كل ماجاء اعلاه يعطي صورة ساذجة عن الحقل وامكانية تطويره وازدهار محافظة الانبار، وكأن الامر سيتم غدا!!

ثانياً: ان المقالة جدية في بقيتها، وليست بالسذاجة التي نراها في اعلاه. فالكاتب يذكر ان هناك توجهات عراقية خلال السنتين الماضيتين لزيادة احتياطي الغاز والنفط من مكامن في المناطق السنية وذلك من خلال دفع مبالغ تبلغ عشرات الملايين من الدولارات وبصورة هادئة لاتثير الضجة لاعادة تقييم المعلومات القديمة الزايزمية (الارتدادية) Seismic ، ونتائج الآبار الاستكشافية التي حفرها العراقيون في الصحراء الغربية ومناطق اخرى، وذلك باعتماد الطرق الحديثة في هذا التقييم، ورجعت التقييمات الجديدة بنتائج مشجعة. وفي مقابلة مع السيد البياتي وبحضور عدد من الخبراء العراقيين وبتخويل من السيد وزير النفط، ذكر البياتي المعلومات التالية:

-         " لقد حصلنا على نتائج مفاجئة ومفرحة".

-    مثال على ذلك، فان احتياطي الحقل الممتد من التاجي (شمال بغداد) الى جنوب شرق بغداد قد زيد الى (15) مليار برميل. علما في ملاحظاتنا في 15/1 ذكرنا ان احتياطي شرق بغداد (11) مليار برميل.

-    ان نتائج الدراسات الجديدة ، التي شملت كل العراق، زادت احتياطيات الغاز في المناطق "السنية" في نينوى والانبار. ومن الناحية النظرية فان الغاز الممكن انتاجه يوميا من حقل عكاس (الانبار) بعادل طاقة يتم انتاجها من قبل النفط تعادل (100) الف برميل/اليوم.

-    ان التقديرات السابقة القائلة بان في الصحراء الغربية مايعادل (100) مليار برميل نفط تحتاج الى تأكيدات على الارض من عمل زايزمي Seismic بوجود معدات وعمل فعلي لايمكن تنفيذه في الوقت الحاضر. وإن حقل عكاس سيعطي الاولوية عند تمرير قانون النفط والغاز.

ويضيف صاحب المقال الى تعليق مسؤول امريكي كبير، لم يحدد اسمه، يقول فيه: "ان هناك اناس يعتقدون ان حقل عكاس حقل كبير جداً..... ولكن يحتاج الى عمل موقعي كبير لوضع الخريطة النهائية  له".

كما يذكر المقال "ان النفط والغاز في المناطق السنيّـة" يقع تحت محاذير كبيرة بوجود الظروف الامنية الصعبة لانه يجب اتمام العمل الموقعي على الارض"، ويضيف، وهذا المهم، انه  "حتى لو استطاعت الشركات الاجنبية تطوير هذه الحقول، نستمر سنوات عديدة قبل اكمال الآبار والبنية التحتية". كذلك يضيف "إن اصدار القانون سيسمح في اكمال المفاوضات لتطوير هذه الحقول والتي قد تكون كبيرة، ولكن هذا الامر لايعني بانها ستنافس الحقول العملاقة الموجودة في مناطق اخرى من العراق". 

 

ب‌-  الوضع الفعلي للحقول في المناطق السنيـّة

لقد اممت الحكومة العراقية بموجب قانون 80/1960 حوالي 99.5% من الاراضي العراقية التي كانت جميعها امتيازات لشركات نفط العراق (كركوك)، ونفط البصرة ونفط الموصل، وابقت للشركات الاراضي المستغلة فعلاً فقط. علماً ان الشركات كانت قد قامت سابقاً ببعض البحوث والتحريات في  مواقع يمكن ان تكون محتملة للنفط في الاراضي التي تم تأميمها. بعد سنة 1964، عند تكوين شركة النفط الوطنية، تم التوسع في هذه الابحاث، ولكن كانت هناك اتجاهات ومحاولات ضمن الاجهزة المسيطرة على السياسة النفطية العراقية آنذاك بالالتفاف على قانون 80/1960، للتوصل الى اتفاق مع شركات النفط العاملة في العراق للعمل في المناطق الموعودة، وسنتطرق لهذا الامر لاحقاً، علما فشلت هذه المحاولات، ونشطت الاجهزة العراقية في أواخر الستينيات وفي السبعينيات وحتى الثمانينيات ، وخصوصاً بعد تأميم النفط في 1974، في العمل الجدي لتوسيع الاحتياطيات العراقية من خلال اعمال يقوم بها العراقيون لوحدهم او مع شركات اجنبية، وتمت اكتشافات مهمة جداً. من الطبيعي ان يبدأ بالعمل في مناطق قريبة من البنية التحتية النفطية الموجودة فعلاً، لتعزيز الاحتياطيات من الحقول المنتجة فعلاً، ولكن الحقول الكبرى المكتشفة كانت في ميسان وبغداد وصلاح الدين والناصرية. كذلك وجدت تراكيب وحقول في الصحراء الغربية، وكان في معظمها حقول غازية او سائلة غازية Condensate. ونظراً لعدم اهتمام العراق في حينه بحقول الغاز الطبيعي وذلك لوجود كميات كبيرة جدا من الغاز تنتج عرضياً من عملية انتاج النفط، ويسمى بالغاز المصاحب (للنفط)، وخصوصا في حقول البصرة مما ادى الى حرق كبير له وهدر لهذه المادة العرضية المهمة نظراً لعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستعماله كوقود او انتاج الاسمدة النتروجينية والمواد البتروكيمياوية، او ارجاعه الى المكامن. ولكن عندما تم التوسع في محطات الكهرباء وصناعة الاسمدة والبتروكيمياويات والتوسع في صناعة الغاز السائل، قلّ الهدر في الحرق ولكن لم ينقطع. ان عمليات تصدير الغاز هي عمليات وتقنيات معقدة وتحتاج الى بنية تحتية مكلفة، في مواقع الحقول وفي موانئ التصدير وفي النقل مابينهما، والتي لم تطور جدياً في العالم الاّ في الثلاثين سنة الماضية في الوقت كان فيها العراق ملتهباً في حروب مدمرة لاقتصاده ولحياته الاجتماعية . اضافة لذلك فان البنية التحتية في الصحراء الغربية متأخرة جداً، وكانت مفقودة بالمرة قبل تنفيذ المشروع العملاق للفوسفات والاسمدة الفوسفاتية والمركبة، ولذا لم يهتم احد بتطوير هذه المناطق نفطياً مع استمرار العمل في التحريات. علما ما مقصود بالصحراء الغربية هي المناطق الغربية الصحراوية التي تمتد من غرب البصرة والسماوة والناصرية والنجف والانبار، وتضاف لهذه الاغراض منطقة الجزيرة في نينوى. وكما بيّنا في ملحق 4 (الرقع الاستكشافية)، فان العديد من هذه الاستكشافات والتوقعات تقع ضمن هذه الرقع.

ان الاعمال التي تمت حول هذه المناطق هي بالاساس دراسة المعلومات المتوفرة مما امّم من اراضي الشركات الاجنبية حسب قانون 80/1960 وحسب قوانين التأميم في عام 1974 ، ودراسات جيولوجية واعمال موقعية جيوفيزياوية وزايزمية وحفر آبار تجريبية، ودراسة نتائج الآبار المحفورة, ولكن ونظرا لانقطاع العراق عن التكنولوجيا العالمية الجديدة منذ الثمانينيات في هذه العلوم وسهولة الحصول على النتائج باستخدام البرامج الكومبيوترية، لذا كان من الواجب اعادة التقييم للنتائج التي توصل لها سابقاً، وذلك على ضوء التكنولوجيا الحديثة . ولقد استفادت وزارة النفط في السنوات الثلاثة او الاربعة الماضية من عروض لمساعدات مالية من شركات النفط العالمية (وبضمنها الشركات النفطية العظمى في العالم)، وذلك للتدريب على مختلف المستويات وكذلك لاعادة تقييم هذه النتائج. طبعا ان الشركات التي تعيد التقييم ستستفاد هي ايضا استفادة جمة فالامر منفعة متبادلة، وعلى افتراض وجود شفافية في الاعلان واعطاء الوثائق لجميع الشركات بنفس المستوى. وكما يظهر لقد اكملت الكثير من دراسات اعادة التقييم وبنتائج اكثر ايجابية من التحليلات السابقة.

ان هذا الامر جيد ويدعو للتفاؤل ، ولكن هناك مبالغة كبيرة ومفتعلة حول الامكانيات الانتاجية او الاحتياطات المتوفرة، حيث لايمكن الوصول الى ارقام تقارب الحقيقة الا بعد جهود كبيرة فعلية على الارض، اضافة لذلك فان هذا لايعني بالمرة ان الحقول التي سيتم تحديدها سيتم تطويرها في القريب العاجل، وخصوصا في مناطق الصحراء الغربية، حتى لو كانت الامور طبيعية، ووضع جدول زمني لاعطاء الاولوية لهذه الحقول. ان اعطاء الاولوية لهذ الحقول غير الكبيرة – ان تم – سوف لن يكون لاسباب اقتصادية تجارية وانما لاسباب سياسية . البنية التحتية لاكمال صناعة نفطية او غازية في هذه المناطق امر مكلف جداً، مقارنة بحقول كبيرة اخرى. ولو كان القانون يتضمن الاستثمار الاجنبي في الصناعات اللاحقة، لكان من الممكن جدا، وفي صالح العراق، التوصل الى تطوير حقل غازي مثل عداس الى سلة تتضمن انتاج الغاز والغاز السائل والبنزين الطبيعي . وانشاء صناعة للاسمدة التروجينية والمواد البتروكيمياوية ومحطات كهربائية على الفرات قرب مدينة القائم، خصوصاً ان من الممكن استخدام البنية التحتية التي بنيت اصلا لمشروع الفوسفات، مثل خطوط الكهرباء فائقة القدرة ، والسكك الحديدية، والطرق الحديثة، ومنشآت ومدن مشروع الفوسفات.

ولكن هذه الاعمال تحتاج الى سنوات طويلة جدا لايمكن ان تقل عن (5-7) سنوات، وهي بكل الاحوال ستفيد المنطقة اقتصاديا ولكن سوف لن تأتي بمردود مالي ناجم عن تصدير النفط او الغاز يمكن مقارنته في حقول المناطق "الشيعية" او "الكردية-التركمانية". قد يكون من الممكن وبعد عشر سنوات من الجهد المستمر الوصول الى موارد مالية مناسبة لهذه المنطقة. اما في نينوى وصلاح الدين وديالى، فقد يكون الامر اكثر سهولة، ولكن لانزال نحن نتكلم عن حقول صغيرة او دون المتوسط.

هنا يجب ان نؤكد مااوضحناه في ملاحظاتنا في 31/1 ، ان جميع هذه الاعمال والتوسع في تطوير انتاج النفط يجب ان يتم من خلال خطة مركزية، تحدد حاجة العراق الكلية للنفط المصدر والمنتج، والاّ ستحدث فوضى عارمة في الانتاج تؤدي منافسة غير شريفة بين المحافظات وبين الشركات في التصدير او تقليل الاسعار وبالتالي خسارة جسيمة للعراق من الناحية الاقتصادية او السياسية التي قد تؤدي الى استفحال الآراء التي تريد تقسيم العراق.    

من اعلاه نعتقد ان سبب اذاعة هذه الاخبار الآن هي لمحاولة جر النواب "السنة" في مجلس النواب للتصويت في صالح تمرير القانون، وكذلك على مدى ابعد العمل على تمرير مشروع تقسيم العراق، اذ يعتقد المحتل ان وجود موارد مالية عالية من هذه المناطق قد يساعد في نزعة التقسيم والانفصال. ولكن من الواضح ان مثل هكذا موارد لاتأتي في احسن الاحوال قبل انتهاء عقدين من الزمن.

 

4)  ماهي الفروقات بين مسودة 15/1 ومسودة 15/2

اود ان ابيّن ان ماذكرته في ملاحظاتي في 31/1 عن تفاصيل مناقشة مسودة القانون الاتحادي المؤرخ في 15/1 لاتزال قائمة، اذ لم يحدث بها تغيير عدا ما سأذكر ادناه. كما ناقشت في الفقرات السابقة من هذه الملاحظات الامور التي اعتقدتها مهمة في مسودة قانون 15/2، وهي دور شركة النفط الوطنية، وماهية الملاحق الاربعة. اما ادناه فهو موجز جدا للتغيرات بين مسودتي 15/1 و 15/2، وضعتها لتسهيل مهمة من يريد المقارنة، وكما يلي:

‌أ)       المادة (4) تعاريف الفقرة (24) حول تعريف "المحافظة المنتجة":

في مسودة 15/1 عرفها بالمحافظة التي نتتج بصورة مستديمة وبمعدلات تجارية لاتقل عن (150) الف برميل/ اليوم. واضاف "يتطلب مناقشتها".

في مسودة 15/2 حددها نهائيا بما لايقل عن (150) الف برميل/ اليوم ورفع "يتطلب مناقشتها". ان الدور الرئيسي لهكذا تعريف للمحافظة المنتجة هو لكي يؤهلها لتكون عضو في "المجلس الاتحادي للنفط والغاز". وبهذا تكون ثلاث محافظات فقط في المجلس المذكور وهي التأميم والبصرة وميسان. في تخميني ان هذا الامر سيمنع مايسمى المحافظات "السنية" من دخول المجلس لفترة طويلة جداً. وهذا الامر قد يخلق حساسية طائفية. من المفضل في رأيي ان تكون كل المحافظات في المجلس طالما النفط وخطط انتاجه واولويات تطويره تخص جميع المحافظات. كما وان وجود النفط من الناحية الفعلية هو في جميع محافظات العراق، ولكنه مطور في عدد محدد منها، ومن الضروري جدا ان تعرف وتخطط جميع المحافظات لمستقبل تطوير النفط وان لاتشعر انها مهملة، وهذا الامر يأخذ اهمية خاصة في ظروف الدستور الحالية حيث الحكومة المركزية ذات صلاحيات محدودة بالنسبة لشؤون النفط وكذلك بالنسبة الى التخطيط العام للدولة.

‌ب)  اضيفت الى التعاريف الفقرتين 37 (المجلس الاتحادي للنفط)، و 38 (مكتب المستشارين المستقلين).

‌ج)  بالنسبة للمادة (5) صلاحيات السلطات، ابقى على نفس الصيغة السابقة بالنسبة لصلاحية مجلس النواب (5أ)، اي فقط تصديق القانون، ونحن نرى اعطاء صلاحيات اوسع جداً لهذا المجلس.

اما المادة (5ب) صلاحيات مجلس الوزراء، فلقد اضيفت على الفقرة ثالثاً (وفقاً لما نص عليه الدستور). وهذه الاضافة تؤكد التناقضات بين الدستور والقانون والذي بيناه بالتفصيل في ملاحظات 31/1، ولما كان الدستور يعطي الكلمة النهائية في السياسة النفطية للاقاليم والمحافظات، فعملياً صلاحيات مجلس الوزراء مكبلة.

‌د)   في (5 ت) صلاحيات المجلس الاتحادي للنفط والغاز، عدّلت الفقرة (ثالثا)والتي كانت تشير الى المادة (9) منح التراخيص، الى الاشارة الى المادة (10) وهي آليات التفاوض والتعاقد. اي عمليا لايدخل المجلس على التراخيص (والتي تتضمن آليات ايضا)، وانما يدخل على آليات التفاوض والتعاقد، وهو امر غير صحيح، اذ المفروض يدخل على كلا المادتين (9) و (10).

‌ه)   بالنسبة لصلاحيات شركة النفط الوطنية (المادة 5ج)، فلقد حذفت من الفقرة سادساً، الصلاحية الممنوحة لها وفق مسودة 15/1 وهي "للشركة تأسيس شركات خدمة بالمشاركة مع شركاء من الاقاليم والمحافظات المنتجة". ولااعرف سبب الالغاء ، اذ ان هذه الصلاحية مفيدة.

‌و)  في المادة (9) منح التراخيص، رفعت من الفقرة (أ)، "بعد عرض الفقرة على المجلس الاتحادي"، وهذا ينسجم مع ماجاء في (د) اعلاه!!.

‌ز)  المادة (11) الموارد النفطية. عدّلت الفقرة (ت)، اذ رفعت الجملة التي تقول "وتوزع الواردات العامة بضمنها النفطية بموجب الميزانية الاتحادية"، ووضع مايشير الى تنظيم قانون الموارد المالية الاتحادية، الذي اشرنا اليه سابقاً.

‌ح)  المادة (13) عقد التنقيب والانتاج، الفقرة (خ) بدّلت الصلاحية من المجلس الاتحادي للنفط الى "الهيئة المختصة".

‌ط)  في المادة (33) النظام المالي اضيفت الفقرة (5) الرسوم الكمركية، بينما حذفت الرسوم الكمركية من المادة (35) مسك الدفاتر، مما يرينا تناقض. كما حذفت من المادة (33)، التي كانت تقول "لمجلس الوزراء اقتراح مشروع قانون ينضم فرض الضرائب والرسوم والنسب والاعفاءات على انشطة استكشاف وتطوير وانتاج ونقل البترول).

‌ي)   حدث تبدل في ارقام المواد 39 (كانت 41)، و40 (كانت 39)، و41 (كانت 40).

‌ك)    المادة (40) العقود القائمة، بدّلت جذرياً.

‌ل)  المادة (39) حل المنازعات، اضيفت جنيف او القاهرة ال ماكان سابقا باريس فقط. علما هذه المادة اصلا ضعيفة، وتأثير القانون العراقي محدود جداً.  

5)  ما المطلوب؟

منذ ان نشرت الملاحظات في 31/1، وانا مقتنع تمام الاقتناع بما كتبت ولكن اردت معرفة الرأي الآخر من العراقيين والذي يريد ان يمرر قانون النفط، وهم في الغالبية العظمى من اشخاص وخبراء وفنيين وسياسيين لاغبار عليهم ويحملون حبا للعراق، ولكن لديهم وجهة نظر اخرى اردت ان افهمها، والواقع لم اجد اجوبة مقنعة او قريبة من الاقناع.

          السؤال الذي كنت ولاازال اطرحه، لماذا القانون الآن ومافائدته للعراق في الوقت الحاضر طالما نستطيع ان نطور الحقول النفطية بامكانياتنا الذاتية، وضمن التشريعات الحالية، اذ التشريع الجديد فقط لادخال الشركات الاجنبية، كما اوضحت في ملاحظاتي السابقة. طبعا الاجابات الاولى هي الاجابة التقليدية، وهي الحاجة الى التكنولوجيا الحديثة والحاجة الى رؤوس اموال. والاجابة هنا واضحة جدا وقد شرحت في ملاحظاتي السابقة، اذ التكنولوجيا تشتري والاموال ممكن توفيرها من خلال الميزانية الوطنية، والمنهاج الاستثماري. ولم اسمع او اقرأ اي اعتراض على ماقلت على هاتين الفقرتين، خصوصا عندما نتفق على زيادة تدريجية بالتصدير بالتنسيق مع اوبك والضغط عليها لاعطاء العراق حصة اكبر (على حساب الاعضاء الباقين). اذ لاتوجد مشكلة مالية للوصول الى انتاج (6.5-7) مليون برميل/اليوم في نهاية الخمس سنوات المقبلة. كما ان امكانية العراق للصرف والاستثمار لاتسمح ولاتشجع لزيادة الواردات عن المبالغ التي يحتاجها العراق فعلا. اذاً لماذا القانون الآن؟!!.

          هنا تأتي الاجابة من مجموعات وطنية، احيانا مباشرة واحيانا على استيحاء، والاجابة قد يراها القارئ حزينة مؤلمة غريبة، اذ تتلخص بان علينا تمشية القانون "لان الاميركان يريدوه!!" ، "واذا مرر القانون قد تستقر الامور، اذ ان الاميركان سيحصلون على مايريدون ولذا سيساعدون جديا في حل الامور".كما يضاف دائما "ان القانون سيمرر فلماذا لانحاول تعديله قدر المستطاع"، او "ان هذا القانون هو احسن مانستطيع الحصول عليه في الظرف الراهن، لذا لنساعد على تمريره مع ا قل خسارة"!!.

        *      *      *

          ليعذرني القارئ، فانني ساضطر في ختام هذه المقالة التطرق الى السياسة (اذ الاجوبة اعلاه سياسية وليست اقتصادية او فنية)، كما ساضطر الى الرجوع الى التاريخ السياسي للنفط العراقي وذلك في فترة الستينيات من القرن الماضي، لاننا نجابه حالة مشابهة تقريباً لما هي عليها اليوم.

          في بداية 1960 رجعت من انكلترا بعد انتهاء دراستي كطالب بعثة، وكان عليّ ان اخدم في وزارة النفط لمدة (10) سنوات لقاء مدة البعثة البالغة (5) سنوات. عيّنت لمدة عدة شهور في حقل النفطخانة، ثم التحقت بالجندية وبعد شهور انتدبت الى مصفى الدورة كمهندس كيمياوي منتدب. تم نقلي من مصفى الدورة الى معتقل رقم (1) في 9 شباط/1963، وخرجت في اول تموز/1963، ولكن لم توافق الجهات الامنية على رجوعي الى مصفى الدورة، لانه منطقة حساسة، واضطرت وزارة النفط لتعييني في اواخر 1963 في دائرة في الوزارة كانت تشرف "شكليا" على شركات النفط. بقيت في هذه الدائرة (بين بغداد ومقري الثاني في كركوك) الى سنة 1970، ومنها نقلت الى شركة المعادن الوطنية التي كانت جزء من وزارة النفط والمعادن، والتي انتقلت الشركة الى وزارة الصناعة والمعادن في سنة 1974.

          ان وزارة النفط كانت تريد من الدائرة المذكورة ان تراقب شكلياً شركات النفط، ولكن غالبية مهندسي وجيولوجيي هذه الدائرة كان لهم رأياً آخر، اذ في ذلك الوقت كنت في خضم العمل السياسي السري، والآخرون كانت ايضا لهم علاقة بالسياسة بشكل او بآخر من مختلف الاتجاهات السياسية في ذلك الوقت. في منتصف الستينيات برزت مجموعة تقود الاجهزة الرسمية النفطية، وكانت تريد الالتفاف على قانون 80، وذلك بارجاع الاراضي المؤممة، ليس من الباب ولكن من الشباك، اي من خلال اتفاقية ثنائية سميت لاحقاً "اتفاقية بغداد"، وتقريباً لنفس الاسباب التي تثار هذا اليوم، مع اضافة ان تحدي الشركات سيؤدي بالعراق الى نفس ماحدث في ايران عندما امم مصدق النفط. كانت المفاوضات تجري بسرية تامة، وفي الدهاليز والاجتماعات غير المعلن عنها، ولكن نحن، شباب هذه الدائرة، كنا وراء الاخبار التي قد تنضح من هنا او هناك. وبحكم عملي في الدائرة وعملي الحزبي السري وعلاقاتي الكثيرة، حصلت على صورة من "اتفاقية بغداد"، منشورة لاول مرة في نشرة نفطية اجنبية باللغة الانكليزية، وكان هذا "الاكتشاف" مهم جدا في حينه، اذ لاول مرة يحصل شخص من خارج المجموعة الصغيرة المتنفذة في السياسة النفطية على هذه الوثيقة. قمت بترجمة الوثيقة (الاتفاقية) الى العربي، ودرستها بامعان ووضعت دراستي في ملاحظات وارسلتها للحزب الشيوعي العراقي، وبعد ايام قلائل استلمت بفرح غامر رزمة من عدد خاص لجريدة طريق الشعب السرية في اربع صفحات كلها بالكامل مكرسة للملاحظات التي كتبتها ونقلتها الجريدة السرية حرفياً، عدا عنوان رئيسي اتذكر المعنى ولااتذكر النص، والمعنى "ليلتف الشعب العراقي جميعا لاسقاط اتفاقية بغداد". بعد ذلك حضرت اجتماعات عديدة مع قوى سياسية معارضة لاتفاقية بغداد لتوضيح ماكتبت، وكتبت هذه القوى، وحركت كل قوة جماهيرها واسقطت هذه الاتفاقية. استمرت اهتماماتي بالنفط بحكم عملي المهني والسياسي، وبحكم علاقاتي الوثيقة والحميمة مع الدكتور ابراهيم علاوي ، الذي نشر في اواخر الستينيات كتابه القيم "النفط وحركة التحرر الوطني"، وكذلك مع الاقتصادي الالمعي الشهيد الدكتور محمد سلمان حسن، والذي لاول مرة في العراق يدعو لتأميم النفط، وبدراسة عميقة جدا القيت في نقابة الاقتصاديين في اواخر الستينيات ونشرت بكتاب تحت عنوان "نحو تأميم النفط العراقي". استمر اهتمامي بهَمّ العراق الاول وهو النفط، من خلال المطالعات والمداولات والبحث محليا وعالميا، ولهذا تضمنت كتبي الثلاث التي نشرتها، آخرها "الطاقة : التحدي الاكبر لهذا القرن" والذي صدر في ايلول/2005، تضمنت جميعا معلومات وتحليلات حول المسألة النفطية محلياَ وعالمياً. والآن وبعد (41) سنة على مساهمتي المتواضعة في اسقاط اتفاقية بغداد، ارى نفسي وانا في السبعين من عمري ان عليّ التزام كبير نحو العراق ونحو اولادي واحفادي واحفاد احفادي، ان اساهم في اسقاط مثل هذا القانون، والاصرار على قيام العراق ولوحده وبدون مشاركة الشركات الاجنبية بتطوير موارده النفطية لتغطية حاجاته وحاجات الاجيال القادمة وبعقلانية تخدم مصالحه فقط. وإن التأميم الذي تم بنضال كبير لشعبه، امتدت آفاقه لجميع دول الشرق الاوسط ، والتي اممت صناعتها النفطية، وكذلك امتدت لانحاء العالم الاخرى. يجب ان لايتراجع عنه بأي شكل كان.     

 

        *      *      *

          الآن لنرجع الى العراقيين الذين يريدون ان يمرروا القانون الآن وبشكله الحالي الذي لم يستوف حتى الصيغ القانونية الرصينة، وبغض النظر عن فائدة او عدم فائدة "عقود المشاركة" للحقول العراقية، ونقول لننظر الى "المصالح" فقط. لاتوجد "مصالح" اقتصادية، طالما نتسطيع التطوير وبالحدود التي يحتاجها العراق وبامكانياتنا المالية الخاصة، فهنا لايوجد امامنا غير "المصالح السياسية".

          لقد صرفت الولايات المتحدة على حرب العراق مايزيد عن (600) مليار دولار والرقم في ازدياد، وآلاف القتلى والرقم  في ازدياد، وهذه النتائج تجعل البعض يقول "هل يترك الاميركان العراق وبعد هذه الضحايا والنفقات، ولذا سيبقى الاميركان ويمررون بشتى الطرق قانون النفط؟!".

          هنا اعتراف ضمني بان الاميركان سيحاولون من خلال قانون النفط استرجاع ماصرفوه مضافا له "دية" جنودهم!!، فمن البداية هذه صفقة خاسرة للعراق. والجواب ايضا يتضمن هل على الضحية ان يعوض المعتدي، وهل نقبل بذلك، وبأي شرع ديني او قانوني  او اجتماعي او "عشائري" يمكن ان يتم ذلك. هل صرف الاميركان هذه المبالغ والنفوس على تعمير العراق، ام على تدمير كل مرفق طراً في العراق. المفروض العكس ، هم يدفعون التعويضات و "دية" مئات الالوف من القتلى العراقيين.

          الاميركان امامهم خيارين لابديل عنهما، اما الخروج بما يسموه "خروج مشرف"، والذي يعني ابقاء بعض النفوذ وبذرة التقاتل العراقي والتقسيم. او الطرد النهائي كما في فيتنام. ان خروج الاميركان بالنسبة لي اكيد، الواضح الآن على المستوى الشعبي  في اميركا يؤكد ذلك. ان تقرير "العقلانيين" في اميركا، اي تقرير "بيكر-هاملتون" والذي يؤكد على جدولة الخروج كليا وبدون ابقاء اي جندي او قاعدة اميركية في العراق، وان القواعد الاميركية في الاقطار المجاورة تفي بتحقيق اغراض الستراتيجية الاميركية. كما وان النتائج النصفية لمجلس الشيوخ والكونغرس الاميركيان تؤكد ذلك، وكانت المعركة الانتخابية هي معركة العراق.

          ان بقاء الاميركان ليس الحل بل هو سبب التوترات والفوضى والقتل الجماعي ، ولننظر للاربع سنوات الماضية، كلما استمر وجودهم كلما ازدادت الامور سوءاً، فمدة البقاء وزيادة  القتل علاقة طردية، والنتيجة واضحة، اذ لو بقوا سنوات اخرى فالقتل سيزداد ولن يقل بالمرة. هم العلة وليس الدواء، اقطع العلة تجد الدواء. لايمكن حل مشكلة العراق مع وجود جندي امريكي فيه.

          في الوقت الحاضر وحكم بوش وجماعته في اضعف حالاتهم، وهم في نهاياتهم، اذاً لماذا نعطيهم جرعة تقوية (وستكون جرعة قوية ستراتيجية) بتمشية قانون يخدم بالاصول والفروع اجندتهم فقط. هم الحصان الخاسر بوضوح، فاذاً لماذا نراهن على الحصان الخاسر؟.

          هل يعتقد من يريد ان يمرر القانون من العراقيين، بان الاميركان سيلتزموهم ويساندوهم، لماذا يقوم الاميركان بذلك وقد ادى الجانب العراقي مايريدون. ان الحكومة ومجلس النواب، وبيوم تصديق القانون، يكونون قد حكموا على انفسهم بالانتهاء والانقراض، والظواهر واضحة للعيان، سوف لن يبقوا وسيتم المجيء بحكومة اخرى. ولذا من الناحية التكتيكية هو المناورة بعدم تمشية القانون للبقاء اطول، واذا كان في كل الاحوال فهم سينتهون، فعلى الاقل يتم ذلك ولايكون القانون وزراً تاريخياً في رقابهم. لاتمرروا القانون او على الاقل يؤجل لظروف افضل وبدراسة اقيم له، ليس فقط حفاظاً لمصالح هذا الشعب المضحي الصبور الكريم المثابر، ولكن بنفس الوقت الحاقد المدمر الذي يحرق الاخضر واليابس ان يصل الضيم مداه. ايضاً لاتمرروه  حفاظاً على وجودكم وتاريخكم ومستقبلكم ورفع  رؤوسكم، وعدم الخنوع لارادة الظالم والمعتدي، وتذكروا دائما "هيهات، هيهات منا الذلة".

 

                                                                                        فؤاد قاسم الامير

                                                                                      بغداد 15/3/2007