http://www.kitabat.com/i80494.htm

19  شباط  2011

بعد خمسة اعوام من توقفه عن الكتابة .. وبعد غياب طويل عن كتابات .. شلش العراقي ينضم الى " يوم الغضب العراقي " ويعود اليكم بمقالته هذه ومقالات اخرى قادمة

 

وصل استلام صورة جماعية

 

كتابات - شلش العراقي

 

في اول ايام العيد القديم ، استيقظنا صباحا بملابس شتائية انيقة ، وجدنا ابراهيم كعادته ، ينتظرنا بخطة شيطانية ، شتكولون لو نروح لباب الشرجي؟ صعقنا نحن الثلاثة انا وسمير ورحومي ، الباب الشرجي ؟؟؟ صرخنا بوجهه ، والباب الشرجي كان بالنسبة لمراهقين في الثالثة عشرة هو ابعد نقطة يمكن ان تطأها اقدامنا الفتية ، نحن  الخائفين من قسوة الاهل لاتفه الاسباب ... لم يطل بنا الامر حتى وجدنا انفسنا ننحشر في باص مصلحة نقل الركاب  الرقم 46 – الثورة – ساحة التحرير ،،، مشت بنا الامانة المحشوة بوجوه الفقراء، مارة من ساحة 55 ، ثم الى شارع الداخل ، ثم الى عوالم بعيدة لم ناْلفها من قبل ، حتى بلغنا الباب الشرجي ، كان سمير نحيلا ومريضا ويرتجف من هول خوفه حين يعرف الاهل بهول مغامرتنا ... شاهدنا نصب الحرية ، ومن تحت جداريته نزلنا الى حديقة الامة،،، عالم جديد تماما ، بنات حلوات وعوائل تفترش الحديقة تحت شمس شتائية خجولة ، وباعة يعرضون اشياء تخص العيد ، لعبنا ولهونا ثم وضعنا ايادينا على اكتاف بعضنا بوجوه ترتبك خجلا  امام عدسة المصور الجوال ، ابراهيم وانا وسمير ثم رحومي  في اول صورة جماعية من نوعها في تاريخنا الشخصي ، استلمنا الايصال وعدنا ادراجنا الى الثورة قبل حلول المساء ، ايصال الصورة التي موعدها بعد يومين ظل مع ابراهيم .ـ

انتهى العيد وجاء العيد الجبير ومرت اعياد اخرى وسنوات طويلة مرت، الحرب باهوالها والحصار برعبه، وتفرقنا في شوارع الحياة ، وايصال الصورة  مع ابراهيم وابراهيم حاليا في السويد يكتب لي احيانا عن الوطن البعيد ويبكي من الغربة والحب  والاشواق واشياء اخرى، نسينا ان نستلم الصورة التي في ساحة التحرير ونسينا مراهقتنا وشبابنا ،،،ـ

مات سمير مريضا قبل سنوات ورحومي استقر في الاردن وانا في بغداد مهدماً في وطن خرج من الدكتاتورية الى البشاعة التي تعرفون ، وحيدا  بلا اصدقاء ،،، تعبت ملامحي وشاخت روحي وشابت ضحكتي ،،، مرة مهاجر ومرة مهجّر وعلى ابواب اللجوءات وبوابات الحدود والعودة الى ما تبقى من الوطن، تمضي سنواتي الكئيبة ، لا شيء في حياتي يستحق الحياة ، غريب في بغداد ،غريب في شارع الرشيد ، غريب في الباب المعظم ، غريب في الباب الشرقي ، غريب على نفسي ، عاطل عن العمل، فاشل ويائس من الحياة، ملابسي التي ادمنتي صارت تخجل مني ، مللت من صباحاتي الموحشة وانا اقف امام زوجة اخي من اجل حفنة دنانير تكفي لشراء باكيت جكاير ، مللت من مساءاتي المتجهمة وانا ابحث عن صديق يتدبر سما زعافا اسمه عرق محلي ،،، اشارك بانتخابات البرلمان ومجلس المحافظة ومجلس البلدية وكل انتخابات رب العالمين ، تاتي موجة الانتخابات وتروح ويزداد عدد اللصوص والفاسدين وناهبي دماءنا ،، ـ

كفرت بوطني وانهالت علي رسائلكم تعاتبني ، وحاصرتني اسئلتكم ، اريد ان اهرب ، اتنفس ، اشعر بانسانيتي ولو لمرة واحدة ،،، شلش ليش هيج ؟ـ

آني شعلية .. هو الوطن يكرهني ،، هو الوطن ميحبني ، هو الوطن ميريدني ، الوطن موتني قهر ، ثلاثين سنة والوطن مثل حفلة تحقيق انفرادي ، سيطرات تتناسل بالشوارع ، ورعب وموت ودم بكل مكان ،، حكومات من العصابات الحزبية ، وحوش بهيئة قرود ،، كلهم قرود بلا استثناء ، ينهشون الوطن ليل نهار ، كواتم ولاصقات وعبوات ومفخخات  ، بغداد تتحدث عن المليارات وتغرق بالاوحال والظلام والامية والتخلف والجهل ، اني شعلية والله موبيدي ، ارد اعيش ،،، اني ما اكره العراق، والله ما اكره العراق ، وعيونكم ما اكره العراق ، اكو واحد يكره روحه ؟ العراق اغلى من روحي ،، شلون صدكتوا اني اكره العراق،، شعندي غير العراق ،،، اني من اشوف عراقية تعبانة اموت من القهر ودموعي تنزل عل الرصيف ، ومن اشوف حجّي  يحجي وي نفسه تشتعل بي النار ، ومن اشوف الاطفال  بحقائبهم رايحين للخرائب وهمه يرجفون من البرد اموت مليون مرة ،،، اني اكره العراق ؟،،، لا والله مو اني اللي يكره العراق، انتوا تعرفون كلش زين منو يكره العراق ،،،، تعرفوهم كلش زين بس متحجون ،،،

المهم ، آني رايح يوم 25 لساحة التحرير، وحدي ، ابراهيم بعيد وسمير مات وما اعتقد رحومي راح يجي ،، ومثل ما رحت اول مرة قبل ربع قرن ، راح البس ملابس العيد وامشط شعري واحط ايدي على فراغ اكتاف سمير وابراهيم ورحومي ، وراح ابتسم بوجه العدسات واصيح باعلى صوتي ، لا للصوص والسراق والاميين ، لا للقتلة ، لا للطائفيين لا للمتحاصصين لا للظلاميين ، لا للوجوه الغريبة والمريبة ، لا لاعداء الفرح والابتسامة لا لا لا !ـ

وهناك راح اشوف الف ابراهيم وسمير ورحومي ، راح اشوف اخواني ، شباب حلوين من الثورة والاعظمية والكرادة والمنصور والشعلة والشعب والحسينية وشارع فلسطين والغدير وبغداد الجديدة والعبيدي والحارثية والدواودي والكاظمية ، وحتى شباب مهجرين في دول الجوار بدل عيشة المهانة بجرمانة لو بالساحة الهاشمية راح يجون للوطن ، والوطن هو مجرد ساحة اسمها ساحة التحرير، ومراح نطلع حتى تطلع شمس جديدة على نصب الحرية  وحتى تكبر ساحة التحرير وتصير وطن جبير،، كلش جبير  ،،، التقيكم هناك .

 

Shalash70@hotmail.com