ما بين النظام الايراني  و العميل علاوي .. ما بين توم وجيري

 

*العميل علاوي خرج قبل ان يدخل 

 

عبد الكريم عبد الله

 

وردت عبر الإيميل: 3 حزيران 2010

 

لم أجد هذه المقالة على الإنترنت

 

السياسة في مفهومها الانتهازي هي الضحك على الذقون، وبتعبير معاصر هي فن المساومات ولا علاقة لها بالمباديء، كما يؤكد كتاب ( الامير )  لميكافيللي ومن آمن به واعتنقه منهجا وانجيلا سياسيا، وهو على النقيض تماما من  المفهوم  الرسالي المحمدي الذي يمكن تلخيصه في الحديث النبوي الشريف ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) وهو ارقى هيكلة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأبين صورة للديمقراطية الحية الديناميكية، وقد سبق بها الاسلام المحمدي كل طروحات الديمقراطيين فكان ينبوعهم الثر، وان لم يعترفوا حسدا وغيظا، الديمقراطية بضاعتنا ردت الينا ايها الناس، لكنها بالتاكيد ليست بضاعة خميني ولا ديمقراطيته، ديمقراطية القتل والبتر والانتهاك والهيمنة والاحتلال والاستغلال، لا (لاستقلال )، وكل ما يتناقض والاسلام المحمدي ( انظر كتاب الاسلام المحمدي للكاتب العراقي صافي الياسري ) الذي ميز فيه بين اسلام محمد ودين خميني الذي لا يمت للاسلام بصلة، ومن خلال معرفة ماهية كينونة النظام الايراني والاسس التي يقوم عليها وسياساته التي يتبعها تجاه مواطنيه وتجاه الشعوب الاخرى وكل المتعاملين معه نقرأ النظرة المزدرية للآخر في عيون مسؤوليه بكل وضوح، والعنجهية والتعالي والالحاق الاستعبادي، وفيما يخصنا نحن العراقيين فقد بصمت تلك السمات كل تعاملاته مع ساسة العراق، وبخاصة العملاء منهم ممن اذا الريح مالت مال حيث تميل كما يقول الامام علي (ع)، وفي مقدمتهم في هذا العهد العميل اياد علاوي، القرقوز اللاعب على اربعين حبل كما يقول العراقيون، والعلاقة بين النظام الايراني والعميل علاوي لا تختلف  ابدا عن علاقة توم وجيري  فلا القط مفترس الفار ( لاغراض في نفس يعقوب ) ولا الفار مبتعد عن (عرين ) القط !! لاغراض في نفوس محركيه  من خلف الستار.

 

والآن، هل تصدقون ان اعضاء قائمة العميل علاوي العراقية ينبرون، بين الحين والاخر، مدافعين عن مخيم اشرف وسكانه وموجهين اللوم في محاصرتهم للحكومة العراقية وعملاء النظام الايراني، حباً بالاشرفيين او حباً بسواد عيون المعارضة الايرانية؟؟ او نكاية بالحكومة العراقية ؟؟ وانهم يفعلون ذلك وتصمت عليهم ايران وتحث القائمة الكردستانية والائتلاف الوطني على التحالف معهم وتسليم كرسي اللوزارة للعميل علاوي ؟؟ من المؤكد الا احد يصدق ذلك، (حدث العاقل بما لا يصدق فان صدق فلا عقل له)، او ان معايير النظام الايراني انقلبت فصار يعمل ضد نفسه؟ وفي الغد ان لم نقل منذ اليوم سيتخلى عن سدة السلطة للمعارضة الايرانية وسيفتح ابواب سجونه ومعتقلاته ويصفرها ممن فيها ويدخل هو وزبانيته سجون ايفين وكوهر دشت و.... اي منطق هذا؟؟

 

ان ايران لا ترفض المالكي بل تريده كما تريد عادل زوية والجعفري، وتريدهم وتريد علاوي بنفس القدر على ان يقدم احدهم افضل عرض في المزايدة على خدمة خامنئي، ولهذا يساوم علاوي على اشرف والاشرفيين برفع قيمتهم كورقة يرفع من خلالها سقف طلباته من النظام الايراني ويخفض سقف طلبات النظام الايراني ليسكت الذين انتخبوه من الوطنيين الذين تمكن من خداعهم، واذا كان الباقون يلعبون على المكشوف فان خطورة العميل علاوي تكمن في انه يلعب تحت الشرشف وخلف الستائر وفي الغرف الخلفية وبين الاروقة المظلمة، اما القول انها تبحث مع العميل علاوي مسالة إعطاء عملائه في الوطني امتيازات اكبر مما يمنحها المالكي، اذا ما وافقت على تسهيل الامور عليه ليتسنم منصب رئيس الوزراء، فاكذوبة ليس غير، اذ انها هي التي شكلت تحالف الائتلافين وبشروطها، وعلاوي اول من هاجم هذا التحالف واشار الى ان ايران هي التي شكلته  بقصد سحب البساط من تحت اقدامه. فماذا تغير ايها العميل علاوي لتصبح ايران الان عرابا لوصولك الى كرسي الوزارة، وهل تصدق ذلك؟؟

 

عشمك بايران عشم ابليس في الجنة، كما يقول اخوتنا المصريون، ايران التي شكلت تحالف الائتلافين وضعت خطوط مصالحها واجبرتهم على الموافقة عليها اولاً ثم منحتهم الفرصة ليقتتلوا على الفتات، واذا اراد علاوي ان يزيح المالكي، فليس عبر تاييد عادل زوية المنبوذ شعبيا، فهذه مناورة ساذجة ومكشوفة في مغازلة المجلس الاعلى والائتلاف الوطني ومن خلالهما وعبرهما ووراءهما ايران، ولن تمر على عراقي ابدا، وانما، وكما تشترط ايران وعلى المكشوف او سراً، في ان يقدم ما يبز ما قدمه الائتلافان، وهو ما لا يتمكن منه علاوي في ضوء انخراطه كواجهة لمكونات عراقية لا تنظر الى ايران الا على انها الاحتلال المغطى للعراق، ولا تنظر للاكراد الا على انهم دعاة تفتيت العراق وتجزئته، الامر الذي سيحرمه التعامل مع ايران وتقديم ما تطلب منه، اللهم الا أن يقدم رأس المعارضة الايرانية اللاجئة للعراق في اشرف، وحتى هذا لا يستطيعه لان هناك من حلفائه من ينظر لهم كحلفاء يستحقون التضامن بصدق واخلاص، كما انه لن يتمكن على وفق ذلك ان يقدم للاكراد ما يريدونه، فهم يطالبون بربع الوزارات في الحكومة المقبلة، وبجغرافيا تضم مدنا واراضي، تسمى بالمناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها كركوك وعدة اقضية ونواح واراض في الموصل  وديالى نزولا الى واسط ومنطقة بدرة وجصان، وهو ما يرفضه العرب الذين صوتوا للعميل علاوي.

 

وفي حال عدم قدرته على تقديم ما يرضي الاكراد فكيف سيوافقون على التفاهم معه؟؟ وقبوله رئيسا لوزراء العراق؟؟ وكل حلفائه هم ضد المادة 140 المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع، وهي المادة التي يؤكد الاكراد انها المعيار الوحيد لصياغة متحركات ومؤشرات تحالفاتهم ؟؟ ومن الرافضين لاعتبارها مادة دستورية حية،  فهم يقولون انها ماتت بموت ولايتها القانونية الزمنية، وفي مقدمتهم صالح المطلك والنجيفيين في الموصل وطارق الهاشمي الذي يعلن صراحة انه ضد ولاية ثانية لطالباني وجرت بينه وبين الاكراد مماحكات مشهودة والمماحكات التي جرت بين المطلك وعاغرف طيفور التي انتهت بمنع المطلك من الترشيح للانتخابات معروفة، فكيف سيتمكن العميل علاوي من تجاوز كل هذه  الحفر والمعوقات وكيف سيقبل الاكراد به دون ثمن ؟؟ واي قوة تتبقى للعميل علاوي اذا وافق الاكراد وعارض المطلك والنجيفيين والهاشمي، وحتى اذا افترضنا ان ايران ضغطت  على الاكراد  لتسهيل الامر على العميل علاوي، وهو ما لايمكن القبول به، والجميع هنا يمارسون السياسة على انها فن المساومات ؟؟

 

احسب ان الامر، كما كتبه احد المحللين العراقيين، ان  العميل علاوي خرج قبل ان يدخل و ( لا عزاء للذين راهنوا عليه ) ولن ينفعه الضغط الاميركي  بل سيزيد من اعبائه عراقيا وايرانيا، ولا تغتروا بتصريحات البرزاني بالدعوة لقبول ان تجرّب العراقية حظها في تشكيل الحكومة، فهي محاولة لرفع سقف مطالب الاكراد وتهديد الائتلافين حال الاعتراض، ومع ذلك شكك البارزاني في قدرة العراقية على تشكيل الحكومة العراقية، فلماذا يؤخذ  جانب من الكلام ويترك الاخر ؟؟  على طريقة  لا تقربوا الصلاة ؟؟

 

ان البارزاني يلعب مع علاوي نفس لعبة ايران توم وجيري، وكذلك مع الائتلافين، الا ان رد ائتلاف دولة القانون بان بامكان البارزاني الدخول الى البرلمان كمعارض! ما يعني حرمانه من اي منصب  في تشكيلة الحكومة المقبلة، اخرسه وجعله يعيد حساباته.

 

ويمكن القول ان ايران تسعى لسحب البساط من تحت اقدام المالكي لانه  يريد حجا اكبر مما تريد له. نعم، يمكن قول هذا ولكن ليس عن طريق  تقديم علاوي عليه، وانما بالمطالبة  بتقديم الائتلاف الوطني على ائتلاف دولة القانون حيث تكون الارض ارضها والسارحون والرعاة سارحوها ورعاتها بشكل اكثر امانا ويجنبها مفاجات المالكي وذرائعيته التي قد تسبب لها خسائر غير متوقعة في ساحة تنافسها مع الاميركان، كما حدث في صولة الفرسان في البصرة. وثمة معلومات مؤكد تقول ان  ايران طالبت فعلا بان يكون الائتلاف الوطني في التحالف الجديد هو الممثل الوحيد للمكون الشيعي، وعلى الجهات الأخرى التعامل معه ككيان يمتلك " 159 مقعدا في البرلمان وليس 70 مقعدا"، وأن التحالف الجديد يهدف إلى تفتيت ائتلاف المالكي، خصوصا مع وجود رغبة لدى بعض أعضائه بترك هذا الائتلاف.

 

 وبالعودة الى رئيس بعثة الأمم المتحدة ( اد ميلكرت ) الى العراق الذي قال في تقرير قدمه لمجلس الأمن الدولي في الخامس والعشرين من شهر أيار الحالي لبحث آخر التطورات في العراق، انه "وفقا لطبيعة النظام السياسي في العراق، فان نتائج الانتخابات وحدها لا تضمن اختيار رئيس الوزراء الجديد بشكل مباشر"، لذا بادرت بعثة الأمم المتحدة إلى تشجيع الأحزاب الفائزة لعقد لقاءات بهدف التوصل إلى اتفاقات شاملة تقوم على مبدأ الشراكة وتقاسم السلطة وتحديد سقف زمني لتشكيل الحكومة الجديدة، وليس في هذا اية اشارة الى سعي دولي لضمان قيام العميل علاوي بتشكيل الحكومة المقبلة على وفق مطالباته المتكررة بهذا الخصوص تحت ذريعة حماية الدستور والعملية السياسية الجارية تحت ظله باعتبار ذلك من مسؤوليتها كون العراق ما زالت تحت البند السابع ؟؟

 

كما ان العميل علاوي الذي يروج احد اعضاء قائمته (جمال البطيخ )، في تهديد ضمني لبقية القوائم والقوى السياسية من مغبة عدم الاهتمام بمطالبه، على انه مدعوم من قبل الولايات المتحدة الاميركية ، وهو ما لم يصرح به احد من الادارة الاميركية، بل العكس هو الصحيح، اذ ان اعضاء هذه الادارة حثوا على تشكيل حكومة شراكة وطنية، لكنهم لم يحددوا اسما معينا لتشكيلها، تماما كما هو موقف البريطانيين وحكومتهم الجديدة التي حاول العميل علاوي في زيارته الاخيرة ظن كسبها الى جانبه ففشل أيضا، حيث قال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اللورد هاول " انه يحثّ الزعماء السياسيين في العراق على العمل معاً من أجل تشكيل حكومة فعّالة وواسعة التمثيل في القريب العاجل قادرة على العمل بصورة وثيقة مع شركائنا في المنطقة وعلى نطاق أوسع". ومن الواضح ان وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني هنا لم يذكر اسم العميل علاوي ولم يدعمه، وانما جاء كلامه عاماً، فجعله عائدا بخفي حنين الى ساحة اللعب بينه وبين النظام الايراني او الى لعبة توم وجيري.

 

ولكننا نؤكد ان العميل علاوي خرج قبل ان يدخل غرفة المرشحين لرئاسة وزراء العراق، ونحن هنا نتشفى ومن حقنا بكل مؤيديه وانصاره ومن يتفقون معه ولو من بعيد وكل من عمل تحت جنح عميل في خدمة الاجنبي والمحتل.