نشر موقع "البديل العراقي" الجزء الأول من ترجمة موثقة لدراسة للكاتب الأمريكي ماكس فولر بعنوان :

"إستغاثة كاذبة عن ذئب  - معلومات مضلّلة للإعلام وفرق القتل في العراق المحتلّ"

 

الدراسة / الجزء الأول :
::::::::::::::
قبل الفجرِ بقليل في 14 سبتمبر/أيلولِ 2005، وساعات قليلة فقط قبل مقتل 88 عامل في انفجار قنبلة ضخمة في بغداد، وصل حوالي 50 رجلِ في عربات عسكرية يرتدون الأزياء العسكرية الى قريةِ التاجي التي تبعد 16 كيلومترا شمال بغداد، وبعد تَفتيش القريةِ، ألقوا القبض على 17 رجلِ من سكان القرية، وَصفَهم شاهدِ عيان كباعة خضار، وباعة ثلجِ وسواقِ أجرة. تم تقييّدَ الرجال وعصّبَت أعينهم واقتيدوا من بيوتهم الى الساحة الرئيسية في القرية حيث تم قتلهم بطلقة واحدة لكل منهم في الرأس  ( Newsday, Al Jazeera, Juan Cole )

حالات ُالقتل مثل هذه تمثّلُ نمطا من العنفِ، لا يقل رُعباً وربما اكثر تنظيماً مِنْ الموجات المستمرة للتفجيراتِ العشوائية التي تَستهدفُ المدنيين في العراق المحتل. ولكن وفي الوقت الذي تم فيه رصد كامل لظاهرة الموت على طريقة فرق الإعدام ، فان فهم الظاهرة لا يزال قاصراً وتغطيتها الاعلامية مشوّهة بالكامل.

أول ظهور لفرقِ الموت هذه كان في مايسِ/أيار هذه السَنَةِ عندما، وفي فترة عشرة أيام تقريباً، تم العثور على العشرات من الجثث مرمية عرضاً، في نفاياتِ القمامةِ، والمناطقِ الخالية حول بغداد. كُلّ الضحايا كَانوا مقيدين ومعصوبي العيون، مع إطلاقة في الرأس، ووجود آثار التعذيب الوحشي على أجساد العديدين مِنْهم.


وفي 5 مايس اكتشفَت 15 جثة في منطقة كسرة وعطش الصناعيةِ وتم تشخيص الجثث بانها لمجموعة من المزارعين تم القبض عليهم من احد اسواق بغداد. وظهرت على الجثث اثار تعذيب بمنتهى الوحشية مثل جماجم مَكْسُورة، حروق، ضرب ، وعيون مقلوعة . إدّعى شهودُ عيان ان الضحايا هولاء قد تم اعتقالهم مِن قِبل قوّاتِ الأمن . (BBC, Guardian) وبعد أقل من إسبوعين، تم العثور على 15 جثة اخرى في موقعين (KUNA). وحسب رواية رئيس الوقف السني عدنان محمد سلمان الدليمي، فان الضحايا كَانوا من السنة وقد تم اعتقالهم إما في بيوتهم او في المساجد (ArabicNews.com )

كانت الادلة دامغة بما يكفي لهيئة العلماءِ المسلمينِ، الهيئة السنية البارزة، ان تصدّر بيانات تتهم قوّاتَ الأمن المرتبطة بوزارة الداخليةِ، اضافة إلى قوات بدر، الجناح المُسلَّح السابق للمجلس الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ في العراق، بانهم وراء حالاتَ القتل هذه. و إتّهموا الوزارة ايضا بانها تمارس إرهابِ الدولة (Financial Times) .

منذ ذلك الحين، تدفـّق سيل متواصل مِنْ ضحايا تصفيات الموت هذه على الطب العدلي في بغداد. تعتريها كلها نفس الخاصية المميزة، أيد مربوطة أَو مقيدة وراء ظهورَهم، وعيون معصوبة، وفي أكثر الحالاتِ اجساد مضروبة بالسياط، ولسعات كهربائيةِ مع ضَربَ باداة حادة، ومن ثم قَتلَ برصاصة مفردة في الرأس. كتب ياسر الصالحي مراسل شبكة النايت رايدر (Knight Ridder )  بان شهودِ العيان، ادّعوا بأن العديد مِنْ الضحايا، كان قد تم القبض عليهم مِن قِبل رجالِ يَرتدون بزات المغاويرِ الرسمية، في سيارات تويوتا لاند كروز بيضاء، تبرز علاماتِ الشرطةِ المميزة. (Knight Ridder)  نُشِرت آخر مقالة لياسر الصالحي في 27 حزيرانِ 2005، وبعدها بثلاثة أيام ، قتل ياسر الصالحي بيد قنّاص أمريكي في نقطة تفتيش روتينية.

ويستحيلُ معْرِفة العدد الدقيق للضحايا المقتولين بهذه الطريقة.  ذَكرَ ياسر الصالحي بأنّ أكثر مِنْ 30 حالة حَدثتْ في أقل مِنْ أسبوع، بينما يقول فائق باقر مدير الطب العدلي المركزي في بغداد، بان المشرحة، و قبل الاحتلال الامريكي، كانت تستلم من 200 الى 250 حالة وفاة مريبة في الشهر، 16 منها تقريبا  يبدو عليها اصابات نارية. أما الآن، فالرقم هو بين 700 و800 حالة، من ضمنها 500 حالة فيها إصابات نارية ((Salihee op. cit. ، ويُضيفُ روبرت فيسك، من صحيفة الاندبيندنت اللندنية المستقله ، بأنّ هناك العديد من الجثث مكدسة فوق بعضها البعض ، وجثث غير معروفة سرعان ما يتم التخلص منها (Robert Fisk) .


لَمْ تُنحَصرْ حالات القتل في بغداد،  فعلى سبيل المثال، في يوم 24 حزيران، تم إقتياد ستة مزارعين من قرية الهاشميات التي تبعد حوالي 15 كيلومترا غرب بعقوبة، من قِبل رجالِ يرتدون الزيّ العسكري، وعثر على جثثهم مقطعة على بعد ميل واحد من قريتهم مؤخراً (Associated Press (، وفي 8 سبتمبر/أيلولِ، تم اختطاف 18 شخصا مِنْ بلدةِ الاسكندرية على بعد 40كيلومترا جنوب العاصمة، مِن قِبل رجالِ في الحرس الوطني الرسمي، وتم إعدامهم في ارض قريبة منزوية  (Xinhuanet) . ما هذه سوى أمثلةِ تمثل قمة جبل جليدي يتوسع بسرعة . نادرا ما يتم التحرّي عن اغلب حالات التصفيات الاجرامية هذهِ أو بثها في وسائل الاعلام.

وفي محاولة للردَّ على إتّهاماتِ شهود العيان للشرطةِ، تدعي وزارة الداخليةِ الجديدة ، انه من السّهلِ الحصول على بزات الشرطةِ الرسمية، وان القتل هو من عمل المتمرّدين المتنكرين بزي قوّات الأمن، لخلق انقساماتَ طائفيةَ  (BBC)، ومثل هذه التكذيباتِ يرددها كذلك المُستشارِ الأمريكيِ الخاصِّ لوزارةِ الداخلية، ستيفن كاستيل Steven Casteel، الذي صرّحَ بأنّ، ' الحالات القليلة التي حققنا فيها وَجدنَا انها أمّا إشاعات او دسائس ' (Salihee, op. cit. ).

::::::::::::::::::::::::::::::::
ملاحظة أسماء المصادر بالحروف الإنكليزية والموضوعة بين قوسين هي عبارة عن هوامش تنفتح بالضغط عليها في النص الأصلي ولكنها في الترجمة العربية لا تنفتح للأسف فمن يرغب بالاطلاع عليها تمكنه العودة الى النص الأصلي باللغة الإنكليزية والذي سينشر قريبا ..البديل العراقي .

كاتب المقالة السيد ماكس فولر هو مولف كتاب "العراق : الخيار السلفادوري يصبح حقيقة"
Max Fuller is the author of ‘For Iraq, the Salvador Option Become Reality’ published by the Centre for Research on Globalisation