التوزيع: محدود

الرقم: مركز/ندوة 40/4

الأصل: بالعربية

التاريخ: 7/7/2005

 

مركز دراسات الوحدة العربية

 
 

 

 

 


ندوة "مستقبل العراق"

25 28 تموز/يوليو 2005

بيروت – لبنان

 

 

قراءة فـي: صناعـة النفـط فـي العــراق والسياسـة النفطيـة(*)(**)(***)

 

 

 

الدكتور عصام الجلبي(****)

وزير النفط العراقي الأسبق

استشاري - شركة السنام للاستشارات النفطية والاقتصادية


 

المقدمـــة

منذ اكتشاف النفط في العراق في أوائل القرن الماضي من قبل مجموعة من الخبراء الألمان ثم الإنكليز، أصبح النفط عاملاً أساسياً في تحديد سياسات وتوجهات القوى العظمى في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص. وكان النفط العامل الرئيسي في إعداد خارطة الخط الحمر بين شركات النفط الاحتكارية والدول العظمى، لا بل إن بريطانيا وفرنسا أعادتا بعد انتصارهما في الحرب العالمية الأولى وبالتحديد في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 1918 نقل ولاية الموصل من سيطرة النفوذ الفرنسي إلى البريطاني بدلاً من سوريا بشرط منح الفرنسيين حصة في نفط الموصل، وهكذا تم إعداد اتفاقات بيرينغر ـ لونغ   (Berenger –Long)(*) سايكس بيكو وسان ريمو.

 ورغم تفجر النفط بكميات كبيرة في تشرين الأول/أكتوبر 1927 من بئر بابا كركر في منطقة كركوك، إلا أن عمليات الإنتاج للنفط العراقي تأخرت لعدة سنوات إلى حين الاتفاق ثم الانتهاء من مد أول خطوط النفط غرباً باتجاه سوريا ولبنان واللتان كانتا خاضعتين للانتداب الفرنسي. أصبح النفط العراقي حكراً لشركة نفط العراق بموجب اتفاقية الامتياز الممنوحة لها تحت الضغط البريطاني وتقاسمت حصص تلك الشركة شركات غربية لكل منها 23.75 بالمئة  مع نسبة 5 بالمئة إلى كولبنكيان. تأسست لاحقاً شركة نفط الموصل  عام 1927 لتغطية مناطق شمال غرب العراق، وفي عام 1938 شركة نفط البصرة لتغطية النشاطات في جنوب العراق.

وكما في الحرب العالمية الأولى فإن الصراع استمر على منابع النفط في العالم بين القوى المتحاربة وكانت منطقة الشرق الأوسط وخاصة بعد اكتشاف النفط في العربية السعودية وبعض مناطق الخليج، هدفاً استراتيجياً للقوى المتحاربة وكان لفشل ألمانيا واليابان في السيطرة على تلك المنابع، السبب الرئيسي في هزيمتها العسكرية.

لقد تم تقسيم الوطن العربي إلى دويلات عديدة بعد الحرب العالمية الأولى وبعد أن ثبت تواجد النفط في الغالبية العظمى منها، تم تثبيت ذلك في السنوات اللاحقة من خلال الانتداب الفرنسي والبريطاني، تبعه دخول أمريكا على الخط من خلال السيطرة على نفط العربية السعودية، وهكذا سيطرت شركات النفط الاحتكارية على النفط العربي بدون أي مشاركة للحكومات أو الشركات الوطنية.

وما يجري بعد قرن من ذلك التاريخ وفي القرن الحادي والعشرين من غزو عسكري وبسط لنفوذ سياسي واقتصادي أمريكي في منطقة الشرق الأوسط ليس هدفه إلا إعادة الاستحواذ بشكل وبصيغ ومسميات جديدة على المنطقة بخاصة بعد أن ثبت للعالم أنه وبالرغم من اكتشاف النفط في العديد من أرجاء العالم فإن النفط في مناطق الشرق الأوسط ما زال في المرتبة الأولى من حيث توزيع الاحتياطات النفطية العالمية، بحيث تصل حصة الدول المطلة على الخليج العربي وحدها ما يقرب من ثلثي الاحتياطات العالمية حالياً.

في عام 1958 حل النظام الجمهوري بدلاً من الملكية في العراق وفي عام 1961 صدر القانون رقم 80 الذي تم بموجبه سحب 99.5 بالمئة من الأراضي العراقية التي كانت خاضعة لاتفاقيات الامتياز نظراً إلى عدم قيام شركات النفط الاحتكارية باستغلالها، وأبقت لها الحقول قيد الإنتاج مثل جنوب الرميلة والزبير وكركوك وعين زالة، وشمل القانون رقم 80 سحب الطبقات غير المنتجة ضمن تلك الحقول أيضاً ومهد الطريق لتأسيس شركة النفط الوطنية العراقية والتي صدر قانون تأسيسها في 8 شباط/فبراير 1964 وبوشر بإعداد تشكيلاتها وباشرت بعمليات التطوير فعلياً بعد عام 1968 وذلك في حقل شمال الرميلة والذي بوشر بإنتاجه في 7 نيسان/أبريل 1972 وذلك بأسلوب التنفيذ المباشر والذي تم اعتماده في معظم فعاليات الشركة. وبعد تأميم عمليات شركة نفط العراق في 1/6/1972 والتوصل إلى اتفاقية التسوية مع شركات النفط في 1/3/1973، توسعت عمليات شركة النفط الوطنية العراقية وخاصة بعد الطفرة السعرية الأولى وزيادة إيرادات العراق النفطية والتي رافقها استكمال عمليات تأميم شركة نفط البصرة في عام 1975.

شهدت الصناعة النفطية في السبعينيات نمواً ملحوظاً في مجال تطوير الحقول وزيادة الطاقات الإنتاجية وخطوط الأنابيب، سواء للتصدير أو للنقل الداخلي للمشتقات النفطية والغاز السائل والغاز وموانىء تصدير النفط الخام في تركيا والخليج العربي، وتطوير طاقات التصفية وخزن المشتقات وصناعة الغاز.

كما وضعت شركة النفط الوطنية في عام 1979 خططاً طموحة لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 5.5 مليون برميل يومياً بعد أن تم اكتشاف العديد من الحقول العملاقة مثل مجنون ونهر عمر والحلفايا وغرب القرنة وغيرها، وكذلك وضعت الوزارة خطة لمضاعفة طاقات التصفية وتصنيع الغاز لاستثمار كامل الغاز المصاحب وتجهيزه للمعامل والمصانع ومحطات توليد الكهرباء.

توقف ذلك في أيلول/سبتمبر 1980 بسبب نشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية والتي استمرت لغاية 8 آب/أغسطس 1988، وبالرغم من أن الجهود انصبت على إصلاح أضرار الحرب البالغة، إلا أن الوزارة وشركة النفط الوطنية تمكنتا من إنجاز العديد من المشاريع الكبيرة مثل أنبوب التصدير عبر السعودية ومصافي بيجي، ومضاعفة طاقة أنبوب النفط إلى تركيا ومشروعي غاز الجنوب وغاز الشمال وغيرها.

عند غزو العراق للكويت كانت طاقة العراق الإنتاجية 3,8 مليون برميل يومياً وعلى أساس أن تتوسع إلى 4,2 مليون برميل يومياً عام 1991 وكانت طاقات التصفية أكثر من 600 ألف برميل يومياً.

وتعرضت منشآت النفط في حرب الخليج الثانية في كانون الثاني/يناير 1991 لدمار شامل بلغ في بعض المنشآت حوالى 100 بالمئة، وأثبتت الكوادر العراقية مهارات وقدرات فائقة في عمليات إعادة إعمار منشآت النفط والكهرباء وخلال فترة أسابيع من توقف الحرب، على الرغم  من الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق منذ آب/ أغسطس1990 واستمر بعدئذ لمدة 13 سنة، وإلى حين الحرب على العراق في آذار/مارس 2003.

وهكذا دخلت الصناعة النفطية مرحلة جديدة من المعانات بعد سلسلة من عمليات التدمير والقصف والحصار وشحة المواد المالية وصعوبة الحصول على المواد الاحتياطية وغيرها.

وبعد الحرب الأخيرة على العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية والبريطانية، تعرضت منشآت النفط الاستخراجية التمويلية لعمليات منظمة في أعمال النهب والسلب والحرق، سببت أضراراً ربما فاقت في حجمها ومدياتها ما تعرضت له خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية وحرب الخليج الثانية، وما زالت العديد من منشآت النفط وخطوط الأنابيب غير عاملة، كما وأن عمليات التهريب وخاصة للمشتقات النفطية ما زالت مستمرة وباعتراف صريح من الحكومة الانتقالية العراقية.

وهكذا نجد في هذه الأيام أن العراق يصدر حوالى 1,4 مليون برميل يومياً من النفط بالمقارنة مع حوالى 2,5 مليون برميل يومياَ قبل حرب عام 2003 وبعد أن كان للعراق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، نجده اليوم مستورداً للمشتقات النفطية بكلفة حوالى 3 مليارات دولار سنوياً تكفي لإنشاء مصفى كبير في كل سنة0

واقع أليم تشهده الصناعة النفطية لا يفوقه إلا الواقع الاجتماعي والاقتصادي والمعاشي، وتدني كافة الخدمات الإنسانية من ماء وكهرباء ومشتقات نفطية ودواء ومستشفيات وغيرها.

 

 

أولاً:  ثروات العراق النفطية

 

بالرغم من وجود آراء متباينة حول حجم الاحتياطيات النفطية المثبتة والمحتملة في العراق، إلا أنها تتفق في ما بينها على أن هناك خزيناً هائلاً ربما لا مثيل له في منطقة أخرى من العالم حيث يبلغ حجم الاحتياطيات المثبتة (Proven) وفق الأرقام الرسمية الأخيرة لوزارة النفط العراقية والمعتمدة من قبل معظم المراجع النفطية المختصة عالمياً ما مقداره 112 مليار برميل، أما حجم الاحتياطيات المحتملة فهناك تباين في تخمينها، إلا أن الرقم يزيد في كل الأحوال عن 200 مليار برميل يمكن تحويل جزء أساسي منه لا يقل عن 50 بالمئة إلى احتياطيات مثبتة باعتماد التكنولوجيا الحديثة في عمليات المسح الزلزالي والحفر الاستكشافي والتقييمي ثم الحفر التطويري، ويضاف إلى ذلك عامل مهم يتعلق بكلفة عمليات الاستكشاف والحفر وبالتالي كلف العثور على النفط وتطويره والذي يعتبر من أوطأ الكلف ليس على مستوى العالم فحسب، بل وحتى بالمقارنة مع المخزون النفطي في منطقة الشرق الأوسط وتتراوح تلك الكلف بين 1.5 – 2 دولار للبرميل الواحد.

من خلال عمليات شركات النفط صاحبة الامتياز في العراق فقد تم خلال الفترة 1927 – 1961 تحديد حجم الاحتياطي الثابت بمقدار 34 مليار برميل وذلك نتيجة لعمليات الاستكشاف والمسح الجيولوجي والجذبي والمغناطيسي وذلك من خلال اكتشاف 62 تركيباً ثبت منها 35 حقلاً وبنسبة نجاح قدرها 56 بالمئة وهي نسبة عالية عالمياً.

في عام 1961 أصدرت الحكومة العراقية القانون رقم 80 والمتضمن إعادة السيطرة الوطنية على تلك الأراضي التي لم تكن خاضعة فعلاً لعمليات التطوير من قبل الشركات صاحبة الامتياز والتي بلغت بحدود 98 بالمئة من مساحة الأراضي الخاضعة أصلاً للامتياز.

وفي عام 1966 وبعد تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية في 8 شباط / فبراير1964 قامت الشركة بإعادة تقييم نتائج المسوحات والدراسات التي كانت بحوزة الشركات صاحبة الامتياز، وشمل ذلك حوالى 215 ألف كيلو متر مربع في المناطق الجنوبية (عدا المناطق المنتجة في الرميلة والزبير) حيث تم بموجبها تحديد حوالى 300 تركيباً جيولوجياً من خلال عمليات المسح الجذبي وبعضها بالمسح الزلزالي.من ذلك تم تحديد 135 تركيباً محتملاً لتواجد النفط و/أو الغاز وقدر في حينه حجم المخزون النفطي بمقدار 350 مليار برميل وقدر حجم النفط القابل للاستخراج بـ 111 مليار برميل .

وفي عام 1967 تم إصدار القانون رقم 97 الذي يمنع استغلال أراضي العراق عن طريق الامتيازات لشركات النفط.

وبعد عام 1968 توسعت عمليات الاستكشاف وتقييم المكان من قبل أجهزة شركة النفط الوطنية وبالاستعانة مع شركات عالمية وخاصة من الاتحاد السوفياتي وفرنسا، حيث تم إضافة 72 مليار برميل إضافة إلى الرقم المعتمد سابقاً 34 مليار برميل وذلك من خلال اكتشاف 52 تركيباً ثبت منها 38 حقلاً أي بنسبة نجاح 73 بالمئة. ورغم ذلك وبسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها العراق منذ عام 1980 فإن عمليات الاستكشاف والتطوير بقيت ضمن المستويات المطلوبة مما أخر في عمليات تحديد احتياطيات جديدة. باختصار ندرج بعض التفاصيل لإعطاء صورة مكملة لمخزون النفط في العراق:

عدد التراكيب المكتشفة                                             525

عدد التراكيب التي تم الحفر فيها                                    115

عدد التراكيب التي تنتظر الحفر                    أكثر من 400 تركيب

عدد الحقول المكتشفة                                               80

عدد الحقول التي تحتوي على الجزء الأعظم من الاحتياطيات       43

عدد الحقول المكتشفة ولم يتم تقييمها                                37  

عدد الحقول المنتجة                                                15

 

ومما يجب الإشارة إليه إلى أن التكنولوجيا وأسس التقييم وأساليب الحفر المعتمدة في تخمين حجم المخزون النفطي واحتياطيات العراق وحقوله تعتمد فقط على الأسس القديمة التي كانت متاحة أمام شركة النفط الوطنية العراقية وقد تعذر الحصول على التكنولوجيا الحديثة منذ أوائل الثمانينيات ولحد الآن لأسباب تعود إلى الحروب والحصار والظروف المالية الصعبة التي مر بها العراق منذ تلك الفترة ثم انحسار القدرات الفنية العراقية بسبب الهجرة وضعف التدريب وغير ذلك. ونذكر من ذلك:

-   اعتمدت العمليات على دور النشاط الوطني حصراً مع الاستعانة بعدد من الشركات على أساس المقاولة في جزء من عمليات المسح الزلزالي والحفر.

-   بقيت عمليات الحفر محصورة بأعمال الحفر العمودي مع عدد محدود من الآبار المائلة ولم يحفر أي بئر أفقي إلى حد الآن.

-   بقيت عمليات الحفر التقييمي والتطويري محصورة بأعماق محددة حيث إن 30 – 40 بالمئة منها لا تتعدى حوالى 2000 قدم أو 700 متر في الحقول الشمالية، وعشرة آلاف قدم أو 3200 متر في الحقول الجنوبية، ولم يتم حفر أكثر من عدد محدود جداً بأعماق وصلت إلى حوالى 5000 متر في حين وكما يتضح من الجداول المرفقة أن العديد من الحقول فيها طبقات منتجة يصل بعضها إلى سبع لم يتم تطوير أكثر من 2 أو 3 طبقات.

-   إن عمليات الحفر لم تشمل أكثر من بئر واحدة لكل من 2900 كيلو متر مربع مما يدل على أن الاحتمالات النفطية في التراكيب التي لم تشهد عمليات حفر كبيرة جداً.

-   بقيت عمليات الاستخلاص الثانوي معتمدة على الإنتاج أولاً باعتماد الضغط الذاتي للحقول ثم بواسطة حقن الماء وخاصة في كركوك والرميلة، ولم يتم استخدام الوسائل الأخرى المتطورة عالمياً باستثناء حقن الغاز وبشكل محدود في حقل شرق بغداد.

-   لم يتم تطوير أي من الحقول المكتشفة في شمال غرب العراق عدا ما قامت به شركة نفط الموصل في عين زاله وصفية وبطمه.

-         لم يتم – باستثناء جهد محددة في أواسط الثمانينيات – إجراء عمليات استكشافية للصحراء الغربية .

-         لم يتم إجراء أية مسوحات زلزالية بواسطة الفرق ذات الأبعاد الثلاثة.

 

ورغم أنه قد مضى أكثر من 78 عاماً على اكتشاف النفط وتفجير النفط في بئر بابا كركر عام 1927، فإن الحقول المطورة والمنتجة لا تزيد عن 15 حقلاً من أصل 73 حقلاً مكتشفاً على الرغم من أن البعض منها تمتلك مخزوناً نفطياً هائلاً وتعتبر من الحقول العملاقة وفق أي مقياس مثل حقول مجنون، نهر بن عمر، الحلفايا، غرب القرنة، الناصرية، الرطاوي، شرق بغداد... الخ. وخلال مراحل التخطيط منذ عام 1978 ولغاية الآن تم وضع عدد من الحقول جاهزة للتطوير بانتظار توافر المناخ السياسي والاقتصادي والمالي اللازم ومنها:

11 حقلاً في جنوب العراق تبلغ طاقتها الإنتاجية ( 3 ) مليون برميل يومياً.

11 حقلاً في شمال العراق تبلغ طاقتها الإنتاجية ( 500 ) ألف برميل يومياً.

3 حقول في وسط العراق تبلغ طاقتها الإنتاجية ( 300 ) ألف برميل يومياً.

 

هذا ويقدر المختصون حجم الاحتياطي الثابت الذي يمكن استخراجه من الحقول المكتشفة والبالغة 73 حقلاً أكثر من 140 مليار برميل وفقاً لما هو متوافر من إحصاءات ومعلومات ومعايير عالمية. وقد تطرق الخبير النفطي العراقي طارق شفيق بورقة عمل قدمها في جنيف في تشرين الأول/ أكتوبر 2003 عن أنه فيما لو تم اعتماد أسلوب التوزيع الحجمي (Size Distribution) ونسب النجاح المختلفة لعمليات الاستكشاف، فإن حجم الاحتياطيات المحتملة قد تصل في ما بين 280 – 360 مليار برميل في 143 – 183 تركيباً.

ومما يجدر الإشارة إليه هو أن أرقام الاحتياطي النفطي المعتمد حالياً يعتمد على وسائل الاستخلاص المعتمدة في العراق فقط، ولم تأخذ بنظر الاعتبار التطورات التكنولوجية المتقدمة منذ الثمانينيات وإلى حد الآن، وأن نسباً تتراوح بين 10 – 35 بالمئة لغالبية الحقول العراقية هو أمر ليس بغريب في حين وصلت الأرقام في كثير من الدول النفطية إلى 50 – 70 بالمئة.

أما ما يتعلق بكِلف الاستكشاف والتطوير، فإنه وفقاً إلى إحصائيات شركات النفط ذات الامتياز في العراق فإنها بلغت 26 سنتاً للبرميل كمعدل العمليات في العراق منها 0.1 سنت للبرميل في الجنوب و 0.4 سنت في الشمال شرقي نهر دجلة و 5.6 سنت في الشمال الغربي من العراق .

أما كلف التطوير والتي تشتمل على كلف الآبار ومنشآت الإنتاج، فإنها قدرت بموجب الدراسة نفسها على أنها بحدود دولار واحد للبرميل كمعدل للمناطق الثلاث في العراق.

ووفقاً للدراسات التي أعدها الخبير المعروف توماس ستوفر (Thomas Stauffer)، فإن تقديراته لكلف الاكتشاف والتطوير هي أقل من دولار للبرميل في العراق وإيران والسعودية، إلا أنها أقرب إلى نصف دولار للعراق بالمقارنة مع 1 – 2 دولار للكويت و 2.5 – 3.75 دولار للحقول البرية في أبو ظبي و 6 – 7 دولار للحقول البحرية في أبو ظبي و 3 – 5 دولار في فنزويلا . أما وفق أرقام شركة النفط الوطنية العراقية فإن معدل الكلف في الثمانينيات لم تتجاوز دولاراً واحداً للبرميل.إلا أن هذه الأرقام لا بد وأن تكون حالياً أعلى من السابق0

شهدت عمليات الاستكشاف والحفر تصاعداً ملحوظاً بعد عام 1968 وبشكل خاص بعد الطفرة السعرية الأولى للنفط عام 1973 وتأميم عمليات شركة نفط العراق في الأول من حزيران/ يونيو 1972 ثم لاحقاً عمليات شركة نفط البصرة في عامي 1973 و 1975. أما عمليات شركة نفط الموصل فقد تم التنازل عنها لصالح شركة النفط الوطنية في اتفاقية التسوية التي أبرمت في الأول من آذار/ مارس 1973. وزادت شركة النفط الوطنية وبشكل ملحوظ عدد الفرق الزلزالية الوطنية وكذلك أبراج الحفر والتي كان يشغلها أطقم وطنية كاملة، إضافة إلى تواجد عدد من الشركات المقاولة بهدف الاستعانة بطاقات إضافية وللحصول على ما هو متوافر من تكنولوجيا لديها. وقد بلغت قبل حرب عام 1991 عدد الفرق الزلزالية العاملة 72 فرقة / شهر وبلغ عدد أبراج الحفر أكثر من 20 برجاً وكانت نسبة الأجهزة الزلزالية الوطنية وأعمال الحفر المدارة وطنيا أكثر من 50  بالمئة  .

هذا وشهدت تلك العمليات لاحقاً هبوطاً حاداً بل توقفاً كاملاً في بعض المراحل، حيث وصلت خلال التسعينيات إلى أقل من فرقة واحدة / شهر ولم يكن هناك أكثر من 2 – 3 أبراج حفر عاملة وقد كان لذلك أثره السلبي على السلوك المكمني للحقول المنتجة كما سنتطرق إليه في فصل لاحق.

وهكذا ومنذ عام 1990 توقفت مرة أخرى بشكل فعلي أعمال المسح الزلزالي وعمليات الحفر الاستكشافي والتقييمي والتطويري، لا بل وأيضاً عمليات استصلاح أبار النفط وأبار حقن الماء، وهبطت بشكل حاد أيضاً عدد الدراسات الجيولوجية والمكمنية والهندسية بالنظر إلى النقص في المعلومات وضعف الاتصالات مع الخارج وعدم الحصول على الأجهزة والمعدات بل وحتى الأدوات الاحتياطية، واضطر العديد من الكوادر المتخصصة إلى ترك العراق إلى الخارج لأسباب سياسية أو اقتصادية.

وهكذا بقيت صناعة النفط الاستخراجية متخلفة تكنولوجياً عن كافة أرجاء العالم على أمل أن يتم النهوض بها في مراحل لاحقة.

 

 

ثانياً: صناعـة النفـط الاستخراجيـة

 

كان النفط دائماً سلعة معرضة لسياسات محلية وإقليمية ودولية، وفي بلد مثل العراق كانت صناعة النفط دائماً محوراً للخلافات السياسية منذ اكتشافه، والتي أثرت بشكل سلبي على مدى العهود الماضية على مراحل تطويره والتي شهدت على مر السنين موجات من الصعود والهبوط.

تراوح الإنتاج العراقي في الخمسينيات بحدود بضعة مئات من آلاف البراميل وابتدأت مرحلة الصعود منذ عام 1958 عندما أصبح الإنتاج الفعلي 723 ألف برميل يومياً ولكن بقي يتراوح في محله وإلى حين تفعيل دور شركة النفط الوطنية العراقية ثم تأميم النفط عام 1972 وهكذا لغاية عام 1973 ( حيث تم التوقيع في الأول من آذار / مارس 1973 على اتفاق شامل مع شركات النفط الأجنبية ) ورافق ذلك ارتفاع أسعار النفط وبالتالي وصل معدل الإنتاج عام 1973 ما مقداره 2.039 مليون برميل يومياً واستمر بتصاعده لغاية عام 1980 حيث بلغ عام 1979 ما مقدار 3.562 مليون برميل يومياً، ولكن بدأ مرحلة النزول بعد أيلول/سبتمبر 1980 عند بدء الحرب العراقية ـ الإيرانية، وتعرضت منشآت الإنتاج والتصدير للقصف الجوي المباشر وهبطت معدلات الإنتاج إلى 1.0 – 1.3 مليون برميل يومياً خلال الفترة 19811985 حيث استطاعت وبشكل تدريجي وزارة النفط إضافة طاقات تصديرية جديدة من خلال إضافة المرحلة الثانية للخط العراقي ـ التركي فبلغت طاقته الإجمالية 1.65 مليون برميل يومياً ثم المرحلة الأولى عام 1986 للخط العراقي عبر السعودية والبالغة 750 ألف برميل يومياً وهكذا لغاية عام 1989 حيث بلغت 2.968 مليون برميل يومياً ووصلت في تموز/يوليو 1990 ( قبل الغزو العراقي للكويت ) إلى 3.4 مليون برميل يومياً .

بعد عام 1968 اعتمد العراق بشكل أساسي سياسة الاستثمار المباشر من خلال قيام شركة النفط الوطنية العراقية ومؤسسات وزارة النفط الأخرى بتنفيذ مشاريع تطوير الحقول والمنشآت السطحية اللازمة للإنتاج والخزن والنقل والتصدير، وذلك من خلال اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع عدد من الدول كان في مقدمتها الاتحاد السوفياتي وعدد من دول أوروبا الشرقية آنذاك وعقود مقاولة على أساس تسليم المفتاح إلى مشاريع محددة المعالم لا يترتب عليها أية حصص في النفط, وتم بذلك تطوير حقول الرميلة الشمالي ونهر عمر واللحيس وخباز وغيرها، كما تم تنفيذ أنابيب التصدير إلى تركيا وعبر السعودية والميناء العميق على الخليج العربي، بالإضافة إلى عدد من المنشآت التحويلية كمصفى البصرة ووحدات إنتاج الغاز السائل وغيرها.

إلا أن العراق قام أواخر الستينيات وأوئل السبعينيات بالتعاون مع عدد من الدول في مجال الاكتشاف والتطوير، واقتصر ذلك على ثلاث محاولات جدية هي:

-   الاتفاقية مع فرنسا ( ألف - إيراب ) حيث تم بموجبها تطوير حقول ثلاث في محافظة ميسان ( البزركان – حقل فكة – ابو غرب ) وبعد إنهاء العمل في عام 1979 تم إعادة التفاوض واستبدال ذلك باتفاقية عامة للتعاون، ولم يترتب على ذلك أي تنازل للنفط المكتشف إلى الشركة المقاولة وتم تعويض الشركة عما أنفقت من استثمارات.

-    الاتفاقية مع شركة بتروبراس البرازيلية والتي تم بموجبها اكتشاف حقل مجنون العملاق وقد تم أيضاً في عام 1979 إنهاء ذلك الاتفاق دون أن يترتب عليه أية التزامات لصالح الشركة المقاولة باستثناء تعويضها عن نفقاتها.

-   اتفاق مع شركة ONGC الهندية لعمليات الاستكشاف (عقد خدمة) لقطعة في جنوب العراق إلا انه لم يتم بلوغ المعدل المتوقع لإنتاجية البئر فتم إنهاء العقد أيضاً.

-   وفي مرحلة لاحقة عام 1974 أصدرت شركة النفط الوطنية دعوات لعدد من الشركات العالمية لتقديم عروض على أساس عقود الخدمة أيضاً (Service Contracts) إلا أن الحكومة العراقية قررت وخلال عملية تقييم العروض إلغاء تلك السياسة وأصدرت توجيهاً إلى شركة النفط الوطنية بالمضي بسياسة الاستثمار المباشر.

وخلاف ما تقدم ركزت شركة النفط الوطنية العراقية على عمليات تقييم الدراسات الجيولوجية وتكثيف أعمال المسح الجيولوجي والزلزالي، وزادت من عدد الفرق الزلزالية العاملة سواء الأجنبية منها أو الوطنية، وكذلك بالنسبة إلى أبراج الحفر مع التوسع في عمليات حفر الآبار الاستكشافية والتطويرية وإجراء دراسات مشتركة مع جهات أجنبية كان على رأسها مؤسسات متخصصة من الاتحاد السوفياتي وفرنسا وغيرها.

وبموجبه أقرت شركة النفط الوطنية خطة طموحة لتطوير الإنتاج في عدة حقول مستكشفة وتم حفر العديد من الآبار التقييمية فيها وقامت بالتعاون مع شركات أجنبية متخصصة بإعداد الدراسات ووثائق المناقصة الخاصة بها، وذلك على أساس الاستثمار المباشر ودعوة شركات متخصصة لتقديم عطاءات على أساس تسليم المفتاح للأعمال الهندسية والإنشائية، وأخرى لعمليات الحفر. وشملت الخطة تطوير الإنتاج إلى 5.5 مليون برميل يومياً من خلال تطوير الحقول التالية:

-    حقل غرب القرنة: وذلك بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي وقد تم بالفعل التوقيع والمباشرة بعقود الحفر عام 1981 وعقد بناء المرحلة الأولى عام 1988 0

      - حقـل مجنون والذي سبق وتم اكتشافه بالتعاون مع مؤسسة بتروبراس البرازيلية.

-         حقـل الحلفايا حيث تم إعداد المناقصة الخاصة بالحقل مع مؤسسة إجب الإيطالية

-         حقـل شرق بغداد حيث تم إعداد وثائق المناقصة الخاصة بالحقل مع مؤسسة (CFP) الفرنسية.

وكان من أهم الإجرآت التنفيذية التي اتخذت فعلاً في حينه، هو توقيع عقد مع شركة براون آند رووت  (Brown and Root) الأمريكية لتوسيع طاقة التصدير من ميناء البكر على الخليج العربي(حالياً ميناء البصرة العميق ) من طاقته الفعلية 1.4 مليون برميل يومياً إلى 2.4 مليون برميل يومياً. وتم خلال الثمانينيات إنجاز جزء كبير من العمل إلا أن ذلك تعرض للدمار نتيجة القصف في حرب الخليج الثانية في كانون الثاني / يناير 1991.

توقفت خطط تطوير الإنتاج للحقول المذكورة ولم يتم إحالة تلك المناقصات بعد نشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية في أيلول/ سبتمبر 1980 حيث تم التركيز على تصليح المنشآت المتضررة، والسير بمشاريع أخرى من برنامج الصناعة التحويلية بما في ذلك مشاريع التصفية الثلاثة وغاز الشمال وغاز الجنوب وغيرها.

خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية التي دامت ثماني سنوات، تعرضت المنشآت النفطية لدمار كبير وفي بعض الحالات كان الدمار يصيب ما تم إصلاحه ولأكثر من مرة، وخاصة تلك المنشآت التي كانت بمتناول المدفعية كمصفى البصرة والموانئ العميقة لتصدير النفط الخام وغيرها. فكان التركيز في العمل هو كل عمليات الإصلاح وخاصة من قبل المؤسسات التشغيلية إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن أنشطة الاستكشاف والحفر لم تكن لتتوقف لولا ظهور الشحة في الأموال بعد عام 1983، وبالتالي السعي وراء الحصول على تمويل أجنبي للمشاريع الكبرى، وهو ما تم الحصول عليه جزئياً نتيجة ثقة الشركات والمؤسسات الأجنبية بقدرات العراق المستقبلية.

إضافة إلى ما تقدم، فإن العمل استمر على قدم وساق في مشاريع كبرى سبق المباشرة بها قبل نشوب الحرب بل وتم المباشرة بمشاريع جديدة بضوء الظروف المستجدة وتم إكمال مشاريع غاز الشمال وغاز الجنوب لاستثمار معظم كميات الغاز المصاحبة للنفط الخام مع شبكة من خطوط أنابيب نقل الغاز الجاف والغاز السائل وكذلك مشاريع التصفية في مجمع بيجي بطاقة تصل إلى 290 ألف برميل يومياً مع شبكة أخرى لنقل المنتجات النفطية، ثم تم توسيع الخط العراقي ـ التركي إلى 1.65 مليون برميل يومياً، والخط العراقي عبر السعودية بطاقة 1.6 مليون برميل يومياً، إضافة إلى استمرار عمل الفرق الزلزالية والحفر الاستكشافي والتقييمي والتطويري وعمليات تطوير الحقول مثل المرحلة الأولى لحقل غرب القرنة العملاق وغيرها. وأخذت وتيرة العمل بالهبوط تدريجياً نظراً لإطالة الحرب وبدء مخاوف الشركات الأجنبية، وتم تقليص عدد الفرق الزلزالية وأجهزة الحفر الأجنبية واستمر الاعتماد كلياً على الجهد الوطني. وبعد توقف الحرب في 8/8/1988 كان الجهد الوطني كبيراً في إعادة عجلة الإنتاج والتصدير على وجه السرعة، وفوجىء العمل بخروج أول ناقلة محملة بالنفط الخام من ميناء تم ترتيبه بعجالة على خور الزبير، وتصاعدت وتيرة الإنتاج إلا أن العقبة كانت بمحدودية منافذ التصدير بعد تدمير الموانئ على الخليج العربي حيث لم يتم المباشرة بأعمال التصليح إلا بعد توقف كامل للحرب وتطهير المنطقة من الألغام والقطع البحرية الغارقة وبإكمال المرحلة الثانية من الخط العراقي ـ التركي، والمرحلة الثانية من الخط العراقي عبر السعودية.

عاودت معدلات الإنتاج والتصدير بالصعود حيث بلغت الطاقة الإنتاجية عام 1990 أكثر من 3.8 مليون برميل يومياً، بل إن الانتاج الفعلي في شهر تموز/ يوليو عام 1990 بلغ فعلاً حوالى 3.2 مليون برميل يومياً ( وهو ثاني أعلى رقم في تاريخ العراق بعد معدلات عام 1979 عندما بلغت أكثر من 3.4 مليون برميل يومياً)، وتم ذلك باستغلال جزئي لمنشآتٍ إنتاجية في حقل غرب القرنة والناصرية واللحيس وخباز وعجيل والعطاء الثالث لحقل الرميلة، وكانت الخطة تستهدف الوصول إلى طاقة 4.2 مليون برميل يومياً عام 1991 بعد إكمال المرحلة الأولى لحقل غرب القرنة.

في أواخر عام 1989 وبعد مناقشة مستفيضة أعدتها وزارة النفط تلبية لرغبة القيادة العراقية بالعمل على التسريع برفع الطاقة الإنتاجية، تم إقرار واعتماد مقترحات الوزارة بالعمل على الصعود التدريجي وصولاً إلى طاقة قصوى مقدارها 6 مليون برميل يومياً عام 1995 وبطاقة مستديمة مقدارها 5.5 مليون برمل يومياً وذلك بشرط فتح المجال للتعاون مع شركات النفط الأجنبية، وكان ذلك أمراً مرفوضاً منذ عام 1974، إلا أن وزارة النفط أوضحت عدم توافر القدرات الذاتية أو الجهد الهندسي بالإضافة إلى شحة الأموال وأهمية الحصول على التكنولوجيا الحديثة.

وكانت رغبة النظام هي بالوصول إلى 10 أو 8 مليون برميل يومياً على أقل تقدير، إلا أن الوزارة قدمت دراسة مستفيضة أقنعت القيادة العراقية بتأجيل ذلك إلى مراحل لاحقة، وكانت الخطة التي تم إقرارها مبنية على أساس بلوغ الطاقات القصوى التالية:

1990 الطاقة المتاحة 3.8 مليون برميل يومياً

1991                               الطاقة المتاحة 4.2 مليون برميل يومياً

1993                            الطاقة المتاحة 5 مليون برميل يومياً

1995                                الطاقة المتاحة 6 مليون برميل يومياً

وعلى أساس أن الطاقة المستديمة هي بحدود 5.5 مليون برميل يومياً .

ولغرض تطبيق تلك الخطة فإن الوزارة سارت قدماً في تطوير عدد من المشاريع ( خرمالة – خباز – عجيل )، والمرحلة الاولى من غرب القرنة من أجل الوصول غلى 4.2 مليون برميل يومياً وبعد انتهاء العمل في المرحلة الثانية من غرب القرنة ( مع الاتحاد السوفياتي آنذاك ) وبدء الإنتاج كمرحلة أولية من مجنون ونهر عمر وغيرها يتم الوصول إلى 5 مليون برميل يومياً.

وكانت الخطة مبنية على أساس دعوة شركات أجنبية للعمل على تطوير حقول جديدة سبق وأن تم اكتشافها وتقييمها بانتظار التطوير منذ أواخر السبعينيات وعلى أن نقوم بتوفير التمويل اللازم مع تسديده بالنفط الخام المنتج من الحقل، كما أنه سيكون هناك مشاركة عراقية في مجال الهندسة والإنشاء وإلى جميع المراحل من قبل شركات القطاع العام والخاص وعلى أن يتم توفير العملة المحلية من قبل الجانب العراقي.

والحقيقة تقال أنه وبالرغم من أن معظم الشركات المدعوة وخاصة شركات النفط الكبرى لم تكن مرتاحة للأسس الموضوعة، إلا أنها كانت مستعدة للتعاون والتباحث حول تطوير تلك الشروط. وتوقف ذلك كلياًَ في آب/ أغسطس 1991 بقيام العراق بغزو الكويت، ومن ثم بدء حرب الخليج الثانية في 16 كانون الثاني/يناير 1991 حيث تم استهداف كافة منشآت النفط الاستراتيجية والتحويلية من منشآت إنتاج وخزن ونقل وتصفية وتصنيع غاز، ومنشآت تصدير بضربات موجعة ومباشرة. ونتيجة للحصار المفروض على العراق منذ 6 / 8 / 1990 فقد توقفت كلياً عمليات التصدير عبر كافة الموانىء على الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

وكما أسلفنا، فإن شركات النفط العالمية والمستقلة لم تكن تفضل ذلك الأسلوب المعلن بل كانت تسعى وراء أسلوب المشاركة بالإنتاج أو عقود الخدمة أو عقود الاستكشاف والتطوير، إلا أنها أبدت استعداداً مبدئياً وقطعت المباحثات شوطاً لا بأس به بعد استلام ردود تلك الشركات في حزيران/يونيو 1990 وما كان لهذا الجهد أن يستمر حيث أقدمت القيادة العراقية على غزو الكويت والوقوف بوجه العالم والتعرض إلى قرارات الأمم المتحدة بفرض الحظر والحصار وهكذا وللمرة الثانية ( الأولى كانت في 1980) تعرضت خطة تطوير الإنتاج للتوقف ولم تبقى الطاقات الإنتاجية كما كانت عليه بل عادت للهبوط الحاد بعد قصف منشآت التصدير والإنتاج ومستودعات النقل ومحطات الضخ لأنابيب التصدير وغيرها. وبعد توقف الحرب تمكنت الكوادر الوطنية من إعادة إعمار ما يمكن من منشآت نفطية مكنت العراق من إعادة تشغيلها وبشكل خاص منشآت التصفية والتوزيع والكهرباء، وخلال أسابيع محدودة مكنت العراقيين من استخدام الوقود والكهرباء بشكل أقرب لما كان عليه الحال قبل الحرب ولكن الظروف المستجدة لم تكن كسوابقها حيث إن العراق تعرض هذه المرة إلى:

1 ـ توقف كامل لعمليات تصدير النفط الخام بموجب قرارت الحظر الصادرة عن الأمم المتحدة وباستثناء تجهيز الأردن بالشاحنات الحوضية بمعدل حوالى 80 – 90 ألف برميل يومياً واستمر المعدل على ذلك لغاية كانون الأول/ديسمبر 1996 عندما بوشر برنامج النفط مقابل الغذاء.

2   ـ لغرض توفير احتياجات السوق المحلية للمشتقات النفطية ونظراً إلى طبيعة وحدات التكرير وما صاحب بعضاً منها من دمار كامل لا زال جزء منه ينتظر الإصلاح، فقد اعتمدت الوزارة خطة لزيادة كميات النفط من أجل التصفية للحصول على الحاجة الفعلية من المشتقات وخاصة البنزين، والتخلص من الفوائض من بعض المشتقات بإعادة الحقن في الآبار ( وهو أمر سنبحث في انعكاساته السلبية لاحقاً ) أو المزج مع النفط الخام المصدر وبالتالي التأثير على مواصفاته، أو التصدير عبر تركيا أو الخليج العربي، وكان يعتبر تهريباً وفقاً إلى قرارات الأمم المتحدة .

على مستوى آخر وضمن محاولات العراق لكسر طوق الحصار، فقد زاد من محاولته لاستخدام النفط كسلاح سياسي وعاود محاولته مع عدد من الدول الأجنبية بإغرائها بالحصول على عقود مميزة لاستثمار النفط، وكانت البداية منذ أواسط عام 1991 مع شركات النفط الفرنسية (Total) و (ELF) ثم مع شركات من جنسيات أخرى، وكان البعض منها مع شركات نفط محدودة القدرة والإمكانية من دول العالم الثالث، ولم تفلح تلك الجهود مما دفع العراق إلى الدعوة لإقامة مؤتمر النفط في بغداد في أيار/ مايو 1995 دعا إليه عدداً كبيراً من شركات النفط. وعلى الرغم من أن الاستجابة العددية كانت جيدة، إلا أن غالبية الشركات المعروفة أحجمت عن المشاركة تخوفاً مما يمكن أن يفرض عليها من عقوبات، وكان المؤتمر يستهدف تعريف المشاركين بقدرات العراق النفطية ومجالاته الاستثمارية والتي تضمنت خطط تطوير طاقات العراق الإنتاجية إلى حوالى 6 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى مشاريع لتكرير النفط واستثمار الغاز. وبعد أن وجد العراق صعوبة في إقناع الشركات والدول بالسير في ذلك النهج، أقدم على تطوير سياسته النفطية بشكل جذري وأقر السير بأسلوب المشاركة بالإنتاج، وبدا مفاوضات جدية مع عدد من الشركات استهدفت أساساً الضغط على حكومات تلك الشركات لكسر الحصار المفروض على العراق، وبدأت استجابة الشركات تتضح من حيث توقيع عدد من الاتفاقيات، ولكن سرعان ما اتضح للحكومة العراقية أن جهودها لم تحقق، أي انفراج سياسي وبقيت جميع تلك العقود والاتفاقيات مجمدة فعلاً دون تحقيق أي عمل يذكر، مما دفع العراق إلى إلغاء العقد المبرم مع شركة لوكويل (Lukoil) الروسية في كانون الأول/ ديسمبر 2002 وقبل بدء الحرب على العراق بثلاث أشهر فقط وهذه أبرز تلك العقود:

 

العقود والاتفاقيات التي أبرمها العراق خلال الفترة 1995 – 2000

1- اتفاقية مشاركة مع مجموعة شركات بقيادة لوك أويل الروسية في آذار/مارس 1997 لتطوير حقل غرب القرنة / المرحلة الثانية.

النفط المخزون:            37.5 مليار برميل

النفط القابل للاستخراج:    11.3 مليار برميل

معدل الإنتاج المتوقع:      610.000 برميل يومياً

إلا أن الحكومة العراقية قامت بإلغاء العقد في 8/12/2002 نظراً لعدم مباشرة المقاول بأعمال التنفيذ ولا يزال الجانب الروسي معترضاً على ذلك القرار ويهدد باللجوء إلى التحكيم.

اتفاقية مشاركة مع مجموعة شركات صينية بقيادة شركة سي.إن.بي.سي. (CNPC) في حزيران/يونيو 1997 لتطوير حقل الأحدب قرب الكوت جنوب بغداد

النفط المخزون:    4.54 مليار برميل

النفط القابل للاستخراج:    995 مليون برميل

معدل الإنتاج المتوقع:      90.000 برميل يومياً

وبالرغم من عدم مباشرة الجانب الصيني بأعمال التنفيذ منذ تاريخ التوقيع، إلا أن الحكومة العراقية لم تقم بإلغاء العقد وهذا دليل آخر على أن القرار المتعلق بإنهاء العقد مع روسيا كان لاعتبارات سياسية بحتة.

3 ـ عقد تطوير حقل نور مع شركة النفط السورية في عام 2002 وعلى أساس المشاركة.

النفط المخزون:    1.66 مليار برميل

النفط القابل للاستخراج:    557 مليون برميل

معدل الإنتاج المتوقع :     50.000 برميل يومياً

4 ـ عقد تطوير القطعة الاستكشافية رقم 8 قرب الحدود العراقية ـ الكويتية وعلى أساس عقد الاستكشاف والإنتاج مع شركة (ONGC) الهندية.

 

وهناك عدد آخر من الاتفاقيات كان أخرها الاتفاقية مع شركة روسية أبرمت في كانون الثاني/يناير 2003 ويبدو أن تلك العقود والاتفاقيات أصبحت تشكِّل مشكلة للحكومات ما بعد الحرب، حيث تسعى تلك الشركات مدعومة من قبل حكوماتها إلى اعتبارها نافذة المفعول وخاصة عقد تطور غرب القرنة مع شركة لوك أويل الروسية، في حين يعتبرها البعض الآخر مخالفة لقرارات الحصار، وأن السير بها هو مكافأة لتلك الشركات والدول التي تعاونت مع النظام السابق خلافاً لقرارات الأمم المتحدة.

إن الحل الأمثل والمنطقي لهذه العقود والاتفاقيات، والتي ربما تتضمن شروط مجحفة للجانب العراقي كونها أبرمت تحت ظل ظروف استثنائية استهدف العراق خلالها الحصول على مكاسب سياسية، فإنه من الأفضل وبعد إقرار التشريعات القانونية والمالية اللازمة واعتماد سياسة وخطط نفطية واضحة، أن يتم العمل على إعادة التفاوض مع تلك الشركات وحسب ما تقتضيه مصلحة العراق، على أن يتم تعديل تلك الشروط والتي لم تكن لمصلحة الجانب العراقي

وحيث إن تلك العقود لم تكن في غالبيتها مع شركات تمتلك قدراً كافياً من القدرات والخبرات والإمكانيات المالية والتكنولوجية، فإنه ربما من الأفضل لكلا الجانبين أن تقوم تلك الشركات بدعوة شركات أخرى للمشاركة على أساس (Consortium) لسد النقص المذكور وهو أمر ينطبق على جميع العقود والاتفاقيات وخاصة عقد تطوير حقل غرب القرنة مع الروس أو حقل الأحدب مع الصين وغيرها.

هذا ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه على الرغم من أن العراق أبرم في عام 1997 عقدين على أساس المشاركة بالإنتاج (Production Sharing ( PSA )) مع روسيا والصين، إلا أنه قام عام 2000 بتطوير أسس جديدة تعتمد عقداً للتطوير والإنتاج (Development & Production Contract) .

 

2 ـ الوضع الحالي للمكامن من الحقول النفطية

بدأت وتيرة العمل في عمليات الحفر واستصلاح الآبار بالهبوط منذ أواسط الثمانينيات إضافة إلى الدمار الذي أصاب منشآت حقن الماء خلال الحرب وبالتالي تردي مواصفات المياه اللازمة لأغراض الحقن، وبعد حرب الخليج الثانية زاد تردي الأوضاع وانعكاساته غير الظاهرة للعيان على سلوك الآبار والمكامن وخاصة بعد زيادة معدلات إعادة حقن النفط بعد تجريده من الغاز – والوقود الثقيل وأنواع أخرى من المشتقات النفطية في الآبار وخاصة في كركوك، وبمستوى أقل من حقول البصرة ووصلت معدلات الحقن في بعض الأحيان في كركوك إلى حوالى (300) ألف برميل يومياً.

وبعد بدء برنامج النفط مقابل الغذاء ورفع معدلات التصدير تدريجياً وفق البرنامج المذكور تحت سقف حدد أولاً بـ 1.6مليار دولار كل ست أشهر ثم رفع إلى 2 مليار دولار وبعدها تم رفع السقف كلياً في عام 1998، فإن السلوك المكمني بدأ بالتغيير نتيجة لعدم استبدال الآبار الجافة وصعود مستويات الماء في النفط المنتج وتردي نوعية مياه الحقن، وكانت إدارة عمليات الإنتاج تستهدف تصعيد المعدلات بأي ثمن دون مراعة للاعتبارات الفنية والمكمنية ورغم العديد من التحذيرات التي صدرت حول الموضوع من جهات عديدة والتي دعت إلى فسح المجال لعمليات الحفر واستصلاح الآبار وإعطاء الأولوية لتوريد المعدات والمواد اللازمة لمنشآت حقن الماء وإدامة المكامن. وكان الحل المطلوب ومنذ أواسط التسعينيات يتمثل بضرورة:

-         وضع سقف للإنتاج يراعي الظروف المتدهورة للمكامن وخاصة في كركوك والرميلة والزبير.

-          إيقاف عمليات حقن السوائل في الآبار

-          التعويض عن الآبار المفقودة لجفافها بآبار جديدة

-          المباشرة الفورية بعمليات استصلاح الآبار ومنشآت حقن الماء.

-    المباشرة بإعداد دراسات شاملة لتقييم السلوك المكمني للآبار والمكامن والحقول وتكييف خطط الإنتاج بضوء ذلك، وتعديلها تدريجياً بضوء المعالجات التي تم تطبيقها وخاصة ما يتعلق بحفر آبارٍ إنتاجيه جديدة وأبار حقن ماء واستصلاح الآبار وغير ذلك.

-         استصلاح المنشآت السطحية بعد عمليات مسح وتفتيش وفحص هندسي كامل لكافة المنشات النفطية.

كان واضحاً أواسط التسعينيات من أن وضع الصناعة النفطية والأضرار الكبيرة التي لحقت بها ستعني أن قسماً منها ستبقى آثاره لفترة من الزمن بما في ذلك وضع الحقول، آبار النفط المنتجة إضافة إلى منشآت حقن الماء، وأن الصناعة بحاجة ماسة إلى برنامج طموح يتضمن إعادة تقييم الحقول، استصلاح جميع آبار النفط وحقن الماء، استصلاح جميع الأضرار وإجراء صيانة سليمة لكل المنشآت بما فيها منشآت الإنتاج والتركيز والخزن والنقل والتصدير. هذا كله من أجل إعادة الصناعة النفطية لما كانت عليه قبل آب/أغسطس 1990

لقد كان ذلك قبل تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء حيث دخلت الصناعة النفطية بعدها في مرحلة جديدة من سوء إدارة المكامن بسبب سياسة تعظيم الإنتاج من أجل تعظيم الإيرادات النفطية إضافة إلى انعدام كافة المستلزمات المادية والتكنولوجية وغيرها، مما ساعد في استمرار تدهور أوضاع المكامن . وقد أكدت تقارير الأمم المتحدة تدهور النفط من خلال عدة تقارير منها تقرير صدر في 15 نيسان/ أبريل 1998 حيث ورد فيه ما يلي:"إن الصناعة النفطية في العراق في وضع مزرٍ وأن حقول النفط المنتجة قد بدأت انتاجياتها بالهبوط بشكل خطير قسم منها غير قابل للإصلاح، وذلك خلال العهدين السابقين. إن تلك الصناعة تبدو أقرب إلى الدمار في الأمد القصير منه إلى التحسن".

وفي 2 تموز/ يوليو ورد في تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة المستند إلى تقرير شركة سايبولت (Saybolt) المعتمدة لمراقبة عمليات النفط بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء:" إن العراق قد استمر باعتماد سياسة تعظيم إنتاج النفط الخام من الآبار بدون إجراءات صيانة كافية للحفاظ على ضغط الآبار مما أدى إلى أن تصبح حوالى 20 بالمئة من الآبار المنتجة في شمال وجنوب العراق في وضع غير قابل للاستصلاح".

وقد حذر التقرير وكذلك ما سبقه وتبعه من تقارير صدرت خلال الفترة 1998 –2002 والتي أشارت إلى هبوط إنتاجية الحقول المنتجة حالياً بشكل خطير وفي بعض الحالات بدرجة غير قابلة للإصلاح، كما حذر التقرير من أن أية زيادة كبيرة في الإنتاج كما هو جاري من دون توفير الأدوات الاحتياطية والمعدات، سوف يؤدي إلى إلحاق ضرر خطير بالمكامن وشبكات الأنابيب، وتكون مخالفة للمبادىء المعنوية للإدارة السليمة في إدارة الحقول.

كما واعترف وزير النفط العراقي الأسبق عامر رشيد في مقابلة نشرت في 9/10/1998 بأن "العراق سيستمر بالإنتاج بمعدلات عالية رغم عدم وصول معدات احتياطية، وذلك سيعني أننا سنبقى على الإنتاج بمعدلات ضارة. إن قابلية الاستخراج على المدى البعيد قد تضررت وإن نسبة الماء مع النفط المنتج ستكون بازدياد.

وفي شباط/ فبراير 2000 اعترف الوزير المذكور مرة أخرى بأن صناعة النفط هي بوضع سيىء يعرض منشآت الإنتاج للخطر وأن الصناعة قد تعرضت لأضرار على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة.

إن المزج العشوائي لسوائل مختلفة وبشكل رئيسي نفط البصرة والوقود الثقيل وحقنها في تركيب مثل حقل كركوك واستمرار حقن هذه السوائل غير المتجانسة منذ عام 1992 وبمعدلات تباينت بين 100 ألف برميل يومياً و 300 ألف برميل يومياً قد أدت إلى إلحاق أضرار كبيرة في مواصفات المكمن ومنها:

-         ارتفاع مستوى تماس النفط والماء في قبة أفانا.

-         - هبوط مستوى تماس النفط والماء في قبة بابا.

-         - هبوط نسبة الغاز للنفط (GOR) بالقرب من مناطق الحقن.

-         - توقف حوالى 20 بالمئة من الآبار المنتجة.

هذا ومن المعروف بأنه بالرغم من أن المعلومات تلك لم تكن خافية على أحد، إلا أن سلطات الاحتلال الأمريكية اعتمدت الأهداف والبرامج الإنتاجية السابقة نفسها في عام 2003 وبعدها في حين أنه كان يستوجب اعتماد المحددات التالية:

-         عدم تصعيد معدل التصدير لأكثر من 1.6 مليون برميل يومياً خلال عام 2004.

-   تحديد كمية (400) ألف برميل يومياً لغرض تجهيز المصافي ومحطات الكهرباء وبذلك يحدد معدل الإنتاج بما لا يزيد عن 2 مليون برميل يومياً.

-         إعادة العمل ببرامج تصدير الوقود الثقيل للدول المجاورة والتوقف عن إعادة حقنه في الحقول.

-         إيقاف جميع ممارسات إعادة الحقن بما في ذلك النفط المجرد من الغاز لفرض إنتاج الغاز السائل.

-    المباشرة الفورية ببرنامج لإعادة تقييم المكامن وتوفير كافة معدات المراقبة والقياس والبدء بعمليات استصلاح الآبار والعمل وفق برنامج إنتاجي سليم يتماشى وواقع المكامن وليس وفقاً لمستلزمات الخطط الإنتاجية.

-         إعادة العمل ببرامج تطوير أو زيادة طاقات الحقول الصغيرة مثل حمرين وخورمالة وصبة واللحيس وغيرها.

وبعد تأخير كبير أحالت وزارة النفط عقدين لتقييم مكامن كركوك والرميلة في بداية عام 2005 على شركتي شل وبي.بي (BP) وعلى أن تنجز المراحل الأولى من الدراسة أوائل عام 2006، إلا أن الوزارة لم تغير من خططها أو برامجها الإنتاجية مستهدفة إنتاجاً عالياً وموارد مالية قصوى.

هذا ولا بد من الإشارة مرة أخرى إلى أنه وبالرغم من العشرات من التقارير والبحوث التي قدمت خلال التسعينيات ولغاية بدء الحرب على العراق في آذار/مارس 2003 حول وضع الصناعة النفطية العراقية، فإن قوات الاحتلال الأمريكي بقيادة سلطة التحالف المؤقتة (CPA) وضعت نصب أعينها تصعيد الإنتاج بمعدلات ما قبل الحرب والتي وصلت في حينها إلى 2.8 مليون برميل يومياً بل وأنها ووفقاً لتصورات أعلنها مسؤولون أمريكان مثل ديك تشيني نائب الرئيس، فإن الإنتاج استهدف الوصول إلى 3 مليون برميل يومياً خلال أشهر من توقف الحرب. كل ذلك كان سبباً لإلحاق المزيد من الأضرار للمكامن والحقول.

من المعروف أن المنشآت النفطية العراقية لم تتعرض خلال الحرب الأخيرة على العراق إلى ضربات مباشرة كما حدث خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية أو حرب الخليج الثانية عام 1991 ولكن حدث ما هو أسوأ من ذلك عندما قامت سلطة الاحتلال بخلق فراغ كامل نتيجة حل أجهزة الجيش والشرطة والأمن، وبذلك تعرضت الوزارات ومؤسسات الدولة إلى أعمال نهبٍ وسلبٍ وحرقٍ شهد الجميع على أنه كان وفق عمليات منظمة ومدروسة مسبقاً وبالتالي فإنه على الرغم من أن ما تم ادعاؤه من قبل حول قيام قوات الاحتلال بحماية وزارة النفط في بغداد، إلا أن مقرات شركات نفط الشمال ونفط الجنوب ومركز الحبيبية لعمليات الاستكشاف والنهروان والعديد من محطات الضخ وعزل الغاز والكابسات وأجهزة الحفر ووسائط النقل والمخازن، تعرضت للنهب والسلب وفقدت الوزارة معلومات قيمة تتضمن دراسات وبحوث وتقارير للجس وغيرها، ولم يكن هناك من رقيب أو من يحمي هذه المنشآت، وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال قامت بتخصيص مبالغ لإعادة أعمال الصناعة النفطية من خلال شركات أمريكية، فإن النتائج المتحققة كانت مخيبة للآمال بشهادة العاملين والمسؤولين في الوزارة، لا بل إن بعضاً من الأجهزة والمعدات والأدوات الاحتياطية التي جهزت بعد الحرب تعرضت للسرقة لاحقاً.

وبالرغم من ذلك ودون مراعاة لمواقع المكامن والحقول والآبار كما شرحنا سابقاً، فإن الهدف الذي وضع بعد الاحتلال كان لتعظيم الإنتاج أيضاً، إلا أن الواقع فرض نفسه لاحقاً وأعلنت الوزارة من خلال شركتيْ نفط الشمال والجنوب عن تخفيض طاقاتها الإنتاجية بسبب تأخر تنفيذ العديد من المشاريع وأعمال الحفر وزيادة نسب الماء في النفط، وتشهد الخطط الإنتاجية لعام 2005 على ذلك حيث إن الأهداف المحددة وهي 1.8م برميل يومياً لشركة نفط الجنوب و 440 ألف برميل يومياً لنفط الشمال، إنما هي تفترض إنجاز العشرات من المشاريع والأعمال والتجهيزات خلال السنة نفسها وهذا هو أشبه بالمستحيل وفقاً إلى الظروف والسياسات القائمة.

 

الخطة المقترحة في مجال صناعة النفط الاستخراجية

تحدثنا عن حجم الثروات النفطية العراقية ومراحل تطور صناعتها وأسباب تلكؤ ذلك وما تعرضت له من أضرار جراء الحروب والحصار وسوء إدارة الإنتاج، مما جعل الطاقات الإنتاجية لا تتناسب وحجم الاحتياطيات النفطية، كما أكدنا على ضرورة عدم التوسع في الإنتاج قبل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من تدهور الوضع في المكامن والحقول.

ومن المناسب أن نضع بعض الحقائق والأسس والمبادئ قبل الحديث عن خطط واضحة المعالم تحدد كيفية النهوض بهذا القطاع:

1       ـ إن المضي بأية سياسة نفطية يجب أن ينطلق من مبدئية كون الموارد الطبيعية يجب أن تبقى تحت السيادة الوطنية الكاملة للدولة.

2       ـ يجب أن تبقى إدارة الصناعة النفطية خاضعة للسلطة المركزية بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي حتى في ما لو أصبح العراق دولة فيدرالية. أما كيفية توزيع الموارد النفطية فهو مسألة أخرى يمكن معالجتها حسب حاجة المحافظات العراقية إلى تلك الموارد لغرض بناء البنى التحتية والمضي بسياسة تنموية واضحة المعالم ومراعاة ما عانته كل محافظة من دمار أو إهمال وحرمان في العهود السابقة.

3       ـ يجب اعتماد خطط متوازية لمعالجة مشاكل الصناعة النفطية وأن لا يكون الهدف الاستراتيجي هو تطوير طاقات الإنتاج والتصدير على حساب قطاع التحويل، وتوفير المشتقات النفطية للمستهلكين في الداخل بالكمية والنوعية المطلوبة وإنما السير ببرامج متوازية وإعطاء قطاع التحويل الأهمية نفسها إن لم تكن أكبر خلال السنوات الثلاث الأولى على أنه بالإمكان المضي بالخطط جميعها وبشكل متوازي.

4       ـ ستكون المهمة الأولى لمسؤولي القطاع إعادة القدرة الإنتاجية التي تضررت بسبب الحروب والعقوبات وممارسات التشغيل السيئة إلى وضعها السليم وخاصة في ما يتعلق بإعداد دراسات فورية يصاحبها إجراءات سريعة من أجل معالجة أوضاع المكامن النفطية حتى ولو تطلب الأمر تحجيم الإنتاج بمعدلات واطئة وبحدود 2 مليون برميل يومياً. إن ذلك ليس بالأمر الهين حيث سيتطلب الكثير من الجهد والأموال والمساعدات الفنية.

وفي هذا المجال يمكن الاستفادة بجهود الشركات الأجنبية العاملة في مجال الخدمات والهندسة والإنتاج والحفر، وعلى أساس المقاولة ويكون ذلك ضمن المرحلة الأولى لتأهيل حقول النفط قيد الإنتاج مع المضي في الوقت نفسه في تأهيل وتطوير عدد من الحقول الصغيرة التي كانت معدة للتطوير والإنتاج منذ الثمانينيات بما في ذلك حقول خباز وحمرين وخرماله وعجيل واللحيس وصبة والبزركان وأبو غرب وجبل فكة وغيرها. وذلك من قبل الوزارة ومن خلال أجهزتها الوطنية والمقاولين المحليين وتترجم الخطة أعلاه إلى مشاريع عدة منها:

أ ـ دراسات شاملة جيولوجية ومكمنية من أجل تقييم جميع المكامن والحقول وبشكل خاص الكبيرة منها في كركوك والرميلة والزبير وغيرها. ويتم إعدادها على مراحل من أجل ترجمتها تدريجياً إلى إجراءات وأعمال على الأرض.

ب ـ إجراء عمليات فحص شاملة لمنشآت الإنتاج والخزن والنقل والمباشرة بالمعالجات اللازمة لها من إصلاح وصيانة وبناء ما تم تدميره منها خلال الحروب والنهب والسلب.

ج ـ المباشرة الفورية وعلى نطاق واسع بعمليات الحفر الاستصلاحي لكافة آبار النفط وحقن المـاء.

د ـ المباشرة بحفر آبار جديدة للتعويض عن الآبار المفقودة بسبب الجفاف أو غيره.

هـ ـ التشريع بتنفيذ مشاريع معالجة النفط الرطب واللازمة في حقول الرميلة وكركوك وباي حسن وغيرها.

وـ إعادة تأهيل كابسات الغاز ضمن منظومة غاز الشمال وغاز الجنوب بالإضافة إلى شبكة الأنابيب للسعي إلى الاستفادة من أكبر قدر ممكن من الغاز المصاحب.

ز ـ استكمال بناء محطة الضخ الثانية الواقعة على الخط العراقي ـ التركي ومنظومة الاتصالات والحماية الكاثودية من أجل إعادة رفع طاقة الخط التصديرية إلى ما كانت عليه والبالغة 1.65 مليون برميل يومياً .

ح ـ المباشرة السريعة بإعادة بناء الخزانات المتضررة في حديثة وكركوك لتوفير المرونة التشغيلية اللازمة للتصدير.

ط ـ المباشرة السريعة بإعادة بناء الخزانات المتضررة في المنطقة الجنوبية وخاصة في مستودعي الزبير 1 و 2، ومستودع الطوبة بالإضافة إلى المضي بإنشاء خزانات في منطقة الفاو.

ي ـ وضع خطة تشغيلية تتناسب ومستلزمات العودة إلى الخطط التسويقية السابقة بتصدير أكثر من نوع واحد من نفوط المنطقة الجنوبية، حيث يتم حالياً مزج نفوط البصرة الخفيف مع بقية النفوط المتوسطة والثقيلة من حقول البصرة وميسان وبالتالي تصديرها بدرجة كثافة متدنية بحدود 31 درجة بل وأقل في بعض الحالات في حين يمكن كمرحلة أولى تصدير نوعين من النفوط مما يستوجب تأهيل منظومة الخزن والنقل في المنطقة الجنوبية.

ك ـ استكمال إصلاح المنشآت المتضررة في ميناء البصرة العميق وإعادة تأهيله بشكل كامل، وبشكل خاص توفير منظومة العدادات لقياس كميات النفوط المصدرة وضمان تغييرها بشكل دوري.

ل ـ المضي قدماً بإعادة تأهيل ميناء خور العمية بكامل الأرصفة للتحميل.

م ـ أما بالنسبة إلى منظومة الخط العراقي عبر السعودية فإن الأمر يتطلب أولاً بحث الموضوع مع الجانب السعودي الذي أقدم في حزيران/يونيو عام 2000 على وضع يده والاستيلاء على كامل المشروع الواقع في أراضيه واستخدامه لأغراضه. وفي حالة التوصل إلى اتفاق لإعادة التشغيل، فيمكن عندئذ وضع الخطط اللازمة من أجل إعادة تأهيل المنظومة الواقعة داخل الأراضي العراقية في ما يتعلق بمحطتيْ الضخ والخزن والأنابيب.لقد قام العراق ببناء وتمويل كامل المشروع ومن حقه الاستفادة منه وفق الأسس والتفاهمات التي أتفق عليها مع السعودية0

 

إن الهدف مما تقدم هو لضمان توفير طاقة تصديرية تتناسب مع حجم الطاقات الإنتاجية التي سيتم الوصول إليها، وبعكسه قد يتطلب الأمر التفكير ببدائل أخرى. وفي هذا السياق وبضوء التجارب التي مر بها العراق مع جيرانه فإن الاعتماد يجب أن يكون على الموانئ العراقية أولاً الواقعة على الخليج العربي وهي مينائيْ البصرة وخور العمية والتي يمكن تأهيلها ورفع طاقاتها التصديرية إلى ما يقرب من 3 مليون برميل كمرحلة أولى.

أما بالنسبة إلى طاقة الخطوط الفرعية عبر سوريا، فإنها تعتبر بحكم المغلقة نظراً إلى استعمال الأجزاء الواقعة داخل سوريا ضمن منظومة الأنابيب السورية للتصدير، وبالتالي فإن استخدامها سيكون محدداً بما يمكن تصديره إلى سوريا كما تم خلال الفترة 2000 – 2002 والتي وصلت إلى ما لا يزيد عن 250 ألف برميل يومياً.وكذلك الحال بالنسبة إلى الأردن حيث يمكن استخدام المنظومة على أساس التحميل من محطة الضخ في T4 بطاقة حوالى ( 100 ) ألف برميل  يومياً على الشاحنات الحوضية، أو بواسطة الأنابيب في حالة إحياء فكرة مد خط إلى مصفاة الزرقاء في الأردن.

إن الخطة أعلاه في حالة تطبيقها بشكل علمي ومبرمج وضمن ظروف الأمان والسلام وفي حالة توفير الصلاحيات اللازمة للقطاع النفطي للتعاقد وكذلك التخصيصات المالية اللازمة، فإنه قد يكون بالإمكان الصعود بالطاقة الإنتاجية خلال 3 سنوات إلى 3.5 مليون برميل  يومياً ووفق صيغ سليمة من أساليب الصيانة والتشغيل وإدارة المكامن .

أما في ما يتعلق ببرامج مضاعفة الطاقات الإنتاجية والوصول إلى معدلات تصل إلى 6 مليون برميل يومياً أو ما يزيد، فإن الأمر يتطلب إجراءات منفصلة وسياسة جديدة واضحة المعالم يمكن أن تستند إلى ما يلي:

1       ـ إقرار سياسة نفطية مرنة من قبل الجمعية الوطنية المنتخبة يرافقها تشريعات قانونية ومالية مرنة تتيح المضي بصيغ استثمارية لمشاركة جهات أجنبية.

2                   ـ تشريع قانون جديد للثروة الهايدروكاربونية.

3       ـ اعتماد نظام شفاف يسمح بإعطاء فرص متكافئة لشركات النفط العالمية والوطنية وغيرها ممن لها الخبرة الفنية والتكنولوجية والكفاءة المالية، ويفضل العمل على تشجيع التعاقد مع كونسورتيا بدل من الصيغ الانفرادية.

4       ـ من المتوقع أن يكون هناك ضغوط خارجية سواء من حكومات أو شركات استثمارية أجنبية وكذلك من جهات داخلية سياسية أم عرقية من أجل التأثير على صنع القرار، مما يتطلب توفير الحماية التشريعية من إجراء ضمان اتخاذ قرارات عقلانية مستندة إلى أسس سليمة.

5       ـ بحكم ما يتوافر لدى العراق من احتياطيات نفطية ضخمة، فإن من مصلحته الأساسية إطالة عمر استخدام النفط والحفاظ على نسبته ضمن سلة مصادر الطاقة، وبالتالي تكمن مصلحة العراق في الحفاظ على منظمة الأوبك من أجل ضمان استقرار الأسواق وتحقيق أسعار مقبولة تحافظ على مصالح المنتجين ولا تلحق الضرر بالمستهلكين، وبالتالي فإن وجود أسواق مضطربة أو أسعار مرتفعة جداً أو رخيصة جداً لا تصب في مصلحة العراق.

6       ـ هناك عدة صيغ متعارف عليها للعمل مع شركات النفط في مجال استثمار الثروة النفطية والتي تم العمل بموجبها في عدد من دول العالم والتي قامت الكوادر العراقية وبشكل خاص خلال التسعينيات بدراستها والتباحث حولها مع عدد من الشركات وتوصلت إلى عقود بصيغ مختلفة منها:

عقود المشاركة         Production Sharing Agreements

عقود إعادة الشراء              Buy-Back Contracts

عقود التطوير والإنتاج Development and Production Contracts

عقود الخدمة            Service Contracts

عقود الاستكشاف والإنتاج       E and P Contracts

وتتباين عناصر المجازفة فيها بالنسبة إلى دور الشركات الأجنبية في كل صيغة وحسب كل حقل أو تركيب ومراحل تقييمه.

وفي رأيي فإنه يمكن اللجوء إلى أكثر من صيغة واحدة وحسب طبيعة الحقل موضوع البحث وحجمه والمراحل التي وصلت إليها عمليات التقييم والإنتاج الجزئي أحياناً ( كما في غرب القرنة ومجنون)

وفي جميع الحالات سيتم ربط تلك الحقول الجديدة بشبكة النقل والخزن والتصدير القائمة حاليا والتي يفترض آن يتم إعادة تأهيلها وتحديثها وتوسيعها.

7       ـ لقد تحدثنا وبشكل مسهب عن العدد الكبير من الحقول والجاهزة للتطوير إلا أن السير بجميعها هو أمر أقرب للمستحيل وقد ورد في خطط وزارة النفط وكما عرضتها في مؤتمر عام 1995 وحسبما مفصل في جدول مرفق على حوالى 25 حقلاً وبالتالي فإن على الوزارة أن تقوم بتحديد أولوياتها حسب حجم الحقل وموضعه وكلفة الإنتاج وقربه من شبكة الأنابيب والخزن ونوع النفوط المنتجة منه وغير ذلك من الاعتبارات.

 

إن الوزارة – وكما أسلفنا – ستحتاج إلى فترة لا تقل عن سنة لغرض إعداد وتشريع قانون صيانة الثروة الهايدروكاربونية،  ثم إعداد السياسة النفطية وبرامج التطوير واستحصال المصادقة عليها، كذلك العمل وبشكل متوازٍ على إعداد الدولة للتشريعات القانونية والمالية التي تمكن الشركات الأجنبية من العمل في العراق ومن ثم المباشرة بمرحلة المفاوضات لعدد محدود من الحقول في كل مرة.

ستبقى مشكلة العقود والاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال فترة النظام السابق وسعي الجهات الأجنبية ذات العلاقة لاعتبارها شرعية ونافذة المفعول وحتى مكتسب لها قانوناً رغم عدم قيامها بتنفيذها. وهنا يمكن أن يتم تقسيم تلك العقود والاتفاقيات إلى عدة مجاميع كما يلي:

 

-   عقود تم إبرامها وإقرارها بشكل قانوني من قبل النظام السابق كما حدث في عقد حقل غرب القرنة مع المجموعة بقيادة لوك اويل الروسية وعقد حقل الأحدب مع شركة (CNPC) الصينية. وكما ذكرنا فإن شركة لوك أويل هددت أكثر من مرة باللجوء إلى القضاء والتحكيم الأجنبي لمنع قيام العراق أو أية شركة أجنبية بالعمل على حقل غرب القرنة.

وبالتالي فإنه من المصلحة المشتركة أن يتم إعادة التفاوض حول العقد المبرم ومراجعة الشروط المتفق عليها والطلب إلى الشركة الروسية توسيع رقعة الجهات الأجنبية المشاركة معها لضمان توفير قدرات فنية واسعة ذات تكنولوجيا متطورة وإمكانات حالية مع تحديد برنامج وخطة عمل واضحة بموجب منهاج زمني محدد.وكذلك الحال بالنسبة إلى حقل الأحدب وغيره .

-   مجموعة العقود والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها ولم يتم مصادقة السلطات العليا في النظام السابق وبالتالي فيمكن التراجع عنها على أن تعطى الجهة الأجنبية الموقعة على حق المشاركة في أية مناقصة لاحقة لذلك الحقل أو غيره.

-   مجموعة مذكرات التفاهم والتي لا سند قانوني لها كما وأنها تتناول تطوير حقول أو رقع من الأراضي ليست ذات أولوية وهذه يمكن إيقاف العمل بها.

وأرى إنه من مصلحة العراق الإبقاء على تنوع واسع من مشاركة الشركات النفطية والاستثمارية وكذلك شركات الهندسة والمقاولات وعقود التجهيز، ومن جنسيات مختلفة ولكن مع الحفاظ على النوعية واستبعاد جعل العنصر السياسي الأساس الوحيد في الاختيار كما كان سابقاً، كما أدى إلى إبرام اتفاقيات مع دول تقل خبرة وكفاءة عما متوافر لدى العراقيين أنفسهم.

كما أن تشجيع تشكيل مجاميع (Consortia) وخاصة للحقول الكبيرة العملاقة سيكون من مصلحة العراق.

-   أن أي عقد أو اتفاق لتطوير الحقول النفطية يجب أن يشمل في الوقت نفسه تطوير النفط والغاز سوية، ورفض إعطاء الغاز أولوية ثانوية ولأي سبب كان.

-    يتم وضع الخطط – وكما كان مخططاً سابقا في ثلاث مراحل من التخطيط – على استهداف إنتاج طاقة تقرب من 6 مليون برميل يومياً والأفضل العمل على الوصول إلى ذلك بشكل متدرج خلال مراحل تنفيذ العمل ومن ثم وعلى ضوء ما سيستجد من دراسات جيولوجية ومكمنية وعمليات استكشافية لعموم القطر أفقياً وعمودياً يمكن وضع الخطط اللاحقة لتطوير الإنتاج إلى 8 أو 10 مليون برميل يومياً.

-   إن خطط الوزارة يجب أن تتضمن – إضافة إلى برامج تطوير الحقول حسبما ذكرناه في أعلاه – برامج محددة واضحة لتوسيع عمليات المسح الزلزالي في عموم القطر بما في ذلك إعادة عمليات المسح للعديد من الحقول المنتجة، وكذلك عمليات الحفر الاستكشافي والتقييمي وتقييم النتائج وإعداد الدراسات المكمنية.

ونرى أن يتم تطوير القدرات الذاتية بشكل موازٍ لبرمجة العمل مع جهات أجنبية والتي تكلف بتنفيذ عقود محددة دون أي ربط مع ما يتم اكتشافه من نفط و / أو غاز، والمتضمن أيضاً منفذاً لتدريب الكوادر العراقية وبالتالي إعادة بناء الدوائر المتخصصة وإغنائها بالقدرات والكفاءات البشرية والتكنولوجية كدوائر الاستكشاف والمكامن وغيرها.

 

 

ثالثاً: صناعة التكرير

 

مباشرة بعد الحرب على العراق في آذار/مارس 2003 باشرت سلطات الاحتلال الأمريكي بعمليات استيراد المشتقات النفطية رغم أن مصافي النفط لم تتعرض بشكل أساسي لعمليات التدمير أو عمليات السلب والنهب بشكل عام، وخاصة بعد قيام العاملين فيها بحمايتها من عناصر مخربة مجهولة الهوية. وتعرضت حملة استيراد المشتقات النفطية من خلال شركة هالبيرتون الأمريكية إلى جدل كبير وخاصة في أوساط الكونغرس الأمريكي بعد ثبوت حصول تلاعب في عملية نقل وتسعيرة تلك المشتقات وخاصة من الكويت. كما أن وتيرة وحجم الاستيراد تصاعدت من مصادر عدة في الكويت وتركيا والسعودية رغم أن مصافي النفط في العراق كانت تستلم النفط الخام ولم تكن قد بدأت فعلاً عمليات تخريب أنابيب النفط وكانت الحجة لذلك هو زيادة عدد السيارات التي سمح باستيرادها من قبل الأفراد والتي بلغت خلال السنتين الماضيتين ما يقرب من المليون سيارة معظمها مستعملة، وحسب اعتراف المصادر الرسمية في وزارة النفط والتي أخذت على عاتقها كلياً منذ أواسط عام 2004 عملية الاستيراد فإنها تنفق ما يقرب من 200 – 250 مليون دولار شهرياً، أي بكلفة تصل إلى 3 مليار دولار سنوياً. وبهذا يكون العراق قد صرف خلال السنتين الأولى من عهد الاحتلال ما يقرب من خمسة مليارات دولار لاستيراد المشتقات النفطية.

كما وأنه منذ تشرين الأول/أكتوبر 2004 شهد العراق تطوراً سلبياً وظاهرة تمثلت في حصول نقص شديد في المشتقات النفطية عزته السلطات المسؤولة إلى هبوط طاقة التصفية في القطر إلى حوالى 50 – 60 بالمئة من طاقتها الفعلية بسبب تعرض أنابيب تجهيز النفط الخام للتخريب وضعف القدرة الكهربائية، إلا أن الأمر تعدى ذلك إلى تفشي ظاهرة الفساد داخل أجهزة الوزارة والمستودعات ومحطات التعبئة وبيع المشتقات في السوق السوداء وعلى مسافة أمتار من محطات التعبئة أو في داخل أزقة ودور سكنية وبأسعار وصلت في بعض الأوقات إلى أكثر من 40 ضعفاً. وتعدى الأمر موضوع بنزين السيارات ليشمل أيضاً اسطوانات الغاز السائل والنفط الأبيض وزيت الغاز، وأصبح الشغل الشاغل للمواطن الوقوف لساعات طويلة أمام محطات التعبئة والسعي وراء زيت الغاز لحاجته لتشغيل مولدات الكهرباء وذلك بعد أن استمرت مشاكل توفير الكهرباء ووصلت إلى حالة مزرية عندما أصبح معدل تجهيز الكهرباء لا يتعدى بضع ساعات يومياً واعترف المسؤولون في آذار/مارس 2005 بأن ما متاح من طاقة توليد كهربائية هي بحدود 3600 ميغاواط بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الحرب والبالغة بحدود 4500 ميغاواط رغم ادعاء سلطات الاحتلال ووزارة الكهرباء العراقية على أنها قامت بصرف ما يقرب من 8 مليارات دولار على محطات التوليد وشبكات الكهرباء لا يجد المواطن دليلاً عليها.

نعود إلى موضوع توافر المشتقات النفطية ونقول إن تلك الظواهر ستستمر لبعض الوقت وقد يصل إلى بضع سنوات وإلى حين تمكن الوزارة من بناء طاقات تصفية جديدة أو إعادة تأهيل وإضافة وحدات تكسير وتحسين في المصافي الحالية، ويبدو أن العراق ما زال في مرحلة التخطيط الأولي لانشاء مصفاة أو اثنتين بطاقة إجمالية قد تصل إلى 400 ألف برميل يومياً ولكن يبدو أن مشاكل التمويل قد تدفع بالوزارة وربما ضمن نهج مقصود إلى دعوة جهات أجنبية لبناء وتشغيل تلك المصافي وتحديد نمط جديد من الأسعار، وهو أمر سنتعرض له لاحقاً .

ندرج بعض الأمور الأساسية حول منشآت ونمط التصفية في العراق:

-   إن المصافي العراقية هي مصافي قديمة ولا تحتوي معظمها على وحدات تكسير مما يجعل نسبة الوقود الثقيل المنتج عالية، فقد بني مصفى الدورة عام 1955 بطاقة 70 ألف برميل يومياً ومصفى البصرة على مرحلتين في أوائل السبعينيات بطاقة 140 ألف برميل يومياً، ومجمع مصافي بيجي في أوائل الثمانينيات بطاقة إجمالية تبلغ 290 ألف برميل يومياً موزعة على ثلاث مصافي.

-   لسد النقص في الحاجة إلى المشتقات عمد العراق وعلى مراحل ومنذ أوائل السبعينيات إلى شراء وحدات تصفية متنقلة بطاقة 10 آلاف برميل يومياً ثم قام خلال النصف الثاني من التسعينيات ببناء عدد آخر وتم توزيعها على مناطق مختلفة من العراق مثل الكسك والحبانية وكركوك والصنية والسمارة والناصرية وغيرها، لاعتبارات عسكرية ومدنية بطاقة إجمالية تصل إلى أكثر من 200 ألف برميل يومياً، إلا أن معظمها لا يحتوي على وحدات تحسين البنزين ويكون إنتاجها من الوقود الثقيل عالياً هذا ويستمر العمل حالياً وخلال سنة 2005 بنصب وحدات مصنعة محلياً في مناطق متفرقة من العراق مثل كويسنجق والنجف والسماوة غيرها.

-         تبلغ الطاقة الإجمالية لوحدات التصفية حسب طاقتها التصميمية أكثر من 700 ألف برميل يومياً.

-         بلغت أقصى معدلات الاستهلاك قبل الحرب على العراق بحدود 350 ألف برميل يومياً عام 2002.

-   نظراً إلى طبيعة وحدات التصفية البسيطة، فإن نمط التصفية كان يتم اعتماداً على الحاجة المحلية للبنزين وبالتالي الاضطرار إلى تكرير كميات أكبر من النفط الخام ومن ثم بقاء فائض من الوقود الثقيل وأحياناً أنواع أخرى من المشتقات كزيت الغاز والنفط الأبيض، مما يشكل اختناقاً في حالة عدم وجود منافذ للتصريف والتي تتمثل بإحدى الوسائل التالية التي اعتمدها العراق منذ عام 1983:

-         الحرق وتم ذلك في حالات استثنائية وخاصة بعد حرب الخليج الثانية.

-   الحقن في المكامن وخاصة في كركوك وقد وصل معدلها من المشتقات النفطية أحياناً إلى أكثر من 200 ألف برميل يومياً عدا النفط الخام المجرد من الغاز.

-         الحقن بأنابيب النفط الخام المعدة للتصدير.

-   التصدير بواسطة الشاحنات الحوضية إلى الخارج وخاصة تركيا والأردن، وقد بلغ حجم المشتقات النفطية التي كان يتم تصديرها عبر تركيا والأردن قبل آب / أغسطس1990 بحدود 200 ألف برميل يومياً.

وكان هذا الأسلوب هو ما لجأت إليه الحكومة العراقية في التسعينيات وخاصة بعد زيادة حجم الإنتاج والتصفية منذ عام 1997 على الرغم من أنه كان مخالفاً لبرنامج النفط مقابل الغذاء وكان الجزء الأعظم منه يرسل إلى تركيا، ثم بعد عام 2000 إلى سوريا وكذلك إلى الأردن ويعتبر فارق الأسعار بين ما معتمد في تلك الدول وما يتم دفعه للعراق كبيراً ومغرياً جداً.

هذا ولا تزال سوق المشتقات النفطية لتهريبها للخارج بعد الحرب على العراق ولغاية يومنا هذا بل وربما زادت معدلاتها بنسب كبيرة بعد إمكانية التمويه مع ما يستورد من مشتقات إلى الداخل، إضافة إلى تفشي الفساد والرشوة بين العاملين في محطات التعبئة والمستودعات وكذلك المستهلكين الرئيسيين كمعامل الطابوق وغيرها، والتي لجأت إلى إعادة البيع بدلاً من استخدامه في مصانعها.

-   كان من المخطط الاستغناء التدريجي عن مصفى الدورة في التسعينيات حيث كان مقرراً إنشاء مصفى الوسط في منطقة المسيَّب جنوب بغداد بطاقة 150 ألف برميل يومياً وإنجازه عام 1990، وبوشر بالفعل بعمليات مد خطوط الأنابيب والخزانات، إلا أن الحكومة العراقية أمرت بإيقاف إحالة العقود الرئيسية في عام 1987 بحجة إناطة مسؤولية تنفيذه بوزارة التصنيع العسكري على أساس التنفيذ المباشر، إلا أن الأخيرة والتي لم يكن أصلاً تتمثل لديها مثل تلك القدرات لم تتمكن من قطع أي شوط لتنفيذه وأعيدت مسؤوليته مجدداً إلى وزارة النفط عام 1993 ولظروف الحصار فإن الوزارة لم تتمكن من تنفيذه. وقد تعرض عددٌ من تلك المنشآت بما في ذلك الخطوط، للنهب والسلب والدمار عام 2003.

-   بقيت مواصفات المشتقات النفطية دون المستوى المطلوب وكان من المخطط في عام 19891990 إضافة عدد من وحدات الأزمرة ووحدات نوعية أخرى لغرض تحسين المواصفات والمباشرة بانتاج بنزين ذو درجة 95 عام 1995 وذلك بدلاً من الإنتاج آنذاك بدرجة 90 أوكتان.  وبعد غزو العراق للكويت وفرض الحصار قامت الوزارة – بموافقة الحكومة – بتخفيض درجة الأوكتان إلى 87 درجة بهدف الحفاظ على خزين مادة الـ ( TEL ))          (Tetra Ethylene Lead والمحتكرة من قبل شركات أمريكية محدودة ، ورغم ادعاء   أجهزة التصنيع العسكري  على قدرتها لتصنيع تلك المادة فإنها لم توفِ بوعد هي أبعد مما هي قادرة عليه، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية الذي أدى في تشرين الأول/أكتوبر 1990 إلى تقنين توزيع البنزين وبأمر مباشر من صدام حسين شخصياً وبعد عرض الموضوع عليه.

 

لقد ورد في التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة عن تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء والصادر في 10 آذار/ مارس 2000 حول واقع نشاط التصفية بأن المصافي الرئيسية الثلاث في بيجي والبصرة والدورة قد تم إعادة تأهيلها جزئياً من أجل العمل لوحداتها الرئيسية ولغرض تحقيق ذلك دون الحصول على الأدوات الاحتياطية، فإن بعضاً من الوحدات المتضررة قد تم تفكيكها واستخدامها كأدوات احتياطية وبالتالي لا يوجد أي وحدات مساندة أو احتياطية للوحدات العاملة، وبالتالي فإن فشل الوحدات العاملة والمحتمل كثيراً لعدم توافر الأدوات الاحتياطية والمعدات سيقود إلى تغيير كبيرٍ بطاقة التصفية.

كما ذكر التقرير بأن نوعية المشتقات النفطية تبقى ذو نوعية سيئة جداً كما وأن المياه المتعامل معها كيميائياً داخل المصافي تؤدي إلى إلحاق أضرار كبيرة على البيئة، بالإضافة إلى أن انعدام السلامة وأجهزة مكافحة الحرائق ومعدات الحفاظ على البيئة تبعث على درجة عالية من القلق.

كما ذكر التقرير على أن عدم عمل معدات السيطرة والآلات الدقيقة قد أدت إلى اعتماد أسلوب التشغيل اليدوي لمعظم وحدات التصفية. إن ذلك بالإضافة إلى النقص في الأدوات الاحتياطية والمعدات قد أدى إلى تسارع تدهور معدات التصفية والى انحدار في معنويات العاملين على تشغيل تلك المصافي.

أذكر ما تقدم والذي ورد في أوائل عام 2000 لأشير إلى أنه ومنذ ذلك التاريخ ربما لم يحصل من تحسين على الأوضاع – إن لم يكن العكس في بعض الحالات – وخاصة بعد الحرب على العراق وما أعقبها من عمليات تخريب وبالتالي فإن واقع المصافي العراقية هو سيىء بكل معنى الكلمة، ونظراً إلىعدم القدرة على إضافة أو حتى استبدال أي وحدات داخل المصافي والتي بإمكانها تحسين المواصفات، وبالتالي فإن أحد أهم التحديات هو العمل السريع على تحسين المواصفات، إضافة إلى زيادة طاقات التكرير على أن تكون على درجة عالية من التعقيد لإنتاج النوعيات المطلوبة من المشتقات النفطية وبالمواصفات العالمية.

-   تجهيز محطات توليد الكهرباء بالوقود الثقيل وتعتبر مسألة موازنة تجهيز الوقود لمحطات الكهرباء معقدة بضوء طبيعة بعض وحدات توليد الكهرباء ونوعية الوقود الثقيل والذي يحتوي أحياناً على نسب عالية من الكبريت والمعادن.

-   لمحدودية طاقات خزن المشتقات النفطية داخل المصافي وخارجها، فإنها تتعرض أحياناً إلى حالات من الاختناق في حالة هبوط معدلات التصريف مما يؤدي إلى تخفيض طاقات التصفية.

-   تعرضت مصافي بيجي والبصرة خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية ثم خلال حرب الخليج الثانية في 1991 لكثير من الدمار بسبب القصف الجوي والمدفعي، ولا زالت عدد من وحداته المساعدة غير عاملة مما يؤثر على حجم ونوعية المشتقات المنتجة .

-   اضطرت الكوادر العراقية وخاصة بعد عام 1991 إلى السعي وراء بدائل للمواد الاحتياطية اللازمة والذي تعذر استيرادها خلال فترة الحصار، مما جعل طبيعة الصيانة والتصليح دون المستويات الفنية المقبولة. ولجأت تلك الكوادر أحياناً إلى تفكيك وحدات تصفية صغير لاستخدامها كأدوات احتياطية (Cannibalization)

-   تعثرت كثيراً برامج الصيانة المبرمجة منذ عام 1991 لصعوبة الحصول على الأدوات الاحتياطية أو بسبب الحاجة إلى استمرار عمليات التشغيل لتوفير المشتقات، وقد أثر ذلك أيضاً على الكفاءة الفنية والتشغيلية للمصافي.

-   تم تدمير الجزء الأعظم من الخزانات في مستودعات حمام العليل والمشاهدة واللطيفية، إضافة لما هو موجود داخل أسيجة المصافي ولم يتم إعادة بنائها باستثناء نسبة قليلة جداً مما يؤثر على المرونة التشغيلية وطاقة الخزن.

-   هبطت مستويات السلامة مما أدى إلى تعرض العاملين لعدة حالات من التسمم أو المخاطر وبالتالي فقدان لعدد من الضحايا.

-   تتضمن المصافي الرئيسية الثلاث على وحدات للنتاج الدهون بما في ذلك معامل لصنع البراميل والعبوات وتعبئتها وتتوزع تلك الطاقات على الشكل التالي:

-         مجمع مصافي بيجي 1982: 250 ألف طن سنوياً موزعة على وحدتين رئيسيتين.

-         مصفى البصرة 1972: 100 ألف طن سنوياً

-         مصفى الدورة 1955:  120 ألف طن سنوياً موزعة على وحدتين رئيسيتين.

 

ويفوق الإنتاج في حالة عمل تلك الوحدات بطاقاتها – عن الحاجة المحلية ويتم تصدير الدهون الأساسية (Base Lube) للخارج نظراً لنوعيته الممتازة، إلا أن الوحدات أعلاه تعرضت أيضاً إلى اللدمار بسبب الحروب أو التوقف بسبب عدم الصيانة والتصليح.

-   وفي حزيران/يونيو 1990 أوشكت الوزارة – وبتغيير نوعي في أسلوب العمل – على إبرام اتفاقية مع شركة اجب الإيطالية وبعد منافسة مع شركات عالمية لغرض إنتاج دهون تحت علامة جديدة لغرض التسويق الخارجي، ولا زال العراق يغطي حاجاته المحلية مع استيراده للمحسنات والمذيبات من الخارج. هذا وتقوم الوزارة حالياً باستيراد أربعة أنواع من المشتقات النفطية وتتباين كمياتها حسب تغير المواسم وبالتالي حجم الحاجة إليها وبخاصة البنزين والذي زاد حجم استهلاكه إلى حوالى الضعف بسبب الأعداد الكبيرة من السيارات التي دخلت العراق.

هذا وتعتمد المصافي العراقية على تكرير نفوط كركوك والبصرة / الخفيف وهي من الأنواع المرغوبة للتصدير مما يستوجب الأمر لدى بناء مصافي جديدة تصميمها على أساس النفوط المتوسطة والثقيلة.

 

أسعار المشتقـات النفطيـة

يبدو أن السلطات العراقية الحالية مدعومة من قبل جهات أمريكية تستعد لإجراء تغيير جذري في هيكلية الأسعار ويعتبر البعض أن رفع الأسعار في السوق السوداء ما هو إلا خطوة تمهيدية لإعداد العراقيين إلى مثل تلك الأسعار والتي وصلت معدلاتها القصوى إلى ما يقرب من الأسعار الرسمية في الدول المجاورة، ومن المؤكد أن يشترط صندوق النقد الدولي لفرض المضي بقرارات تخفيض ديون العراق المتخذة من قبل نادي باريس على قيام السلطات العراقية بالرفع التدريجي للدعم الحكومي للسلع والخدمات بما في ذلك أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والماء والهاتف وغيرها.

وقد قامت وزارة النفط برفع مقترح أوائل عام 2005 إلى مجلس الوزراء يتضمن إصدار تشريع بالسماح للقطاع الخاص بإنشاء مصافي أو استيراد مشتقات نفطية وبيعها في السوق المحلية بأسعار السوق مع تحديد كميات ما يجهز بالأسعار الرسمية من خلال قسائم تتيح لحامليها استخدام أو بيع تلك الكميات على أن يتم العمل على رفع الأسعار الرسمية إلى ما يقرب من ثلثي مثيلاتها في السوق وعلى أن تصبح بالمستوى نفسه خلال فترة 1.5 – 2 سنة0 إن مثل هذا التغيير المفاجئ سيكون له أثر اقتصادي سلبي على المواطنين ومدخولاتهم وقوتهم الشرائية.. إننا نقر بأن هناك خللاً كبيراً في هيكلية الأسعار، إلا أنه لا يمكن إجراء مثل تلك التغييرات المفاجئة خلال فترة زمنية قصيرة بل يمكن توزيعها على فترة زمنية معقولة مع مراعاة الواقع المالي والاقتصادي للبلد والمواطنين.

إن تصحيح هيكلية الأسعار أمر أصبح وارداً ويجب أن يتم دراسته وتطبيقه بما يضمن القضاء على السوق السوداء ومكافحة التهريب إلى الدول المجاورة بشرط تطبيق خطط موازية من الرقابة والتفتيش على المستودعات ومحطات التعبئة ومعاقبة المسيئين، بالإضافة إلى مراقبة عمليات التهريب عبر الحدود البرية والبحرية بعقوبات مشددة، وبالتالي وضع برنامج قد يتراوح بين 5 – 10 سنوات للوصول إلى الحدود المعقولة للأسعار وبشكل مترادف مع إجراءات تحسين القدرة الشرائية للمواطن وخاصة الموظفين والمتقاعدين.

 

الخطة المقترحة في مجال تصفية النفط

يستوجب وضع خطط عاجلة وقابلة للتنفيذ بشكل فوري لإنشاء مشاريع جديدة ولتأهيل المصافي الثلاث الحالية من دون استثناء وبشكل متوازي تتضمن: 

-   إعادة إعمار شاملة ومتكاملة للمصافي الرئيسية في كل من بيجي والدورة والبصرة،كما تتضمن إجراء فحص شامل لكافة المنشآت والمراجل والضاغطات واستبدال ما يلزم منها مع إضافة وحدات تضمن زيادة نسبة المشتقات الخفيفة وتقليل نسبة الوقود الثقيل بإضافة وحدات تكسير بالهيدروجين مع تحسين في نوعية ومواصفات المشتقات النفطية وتخفيض نسبة الكبريت وزيادة نسبة الأوكتان في البنزين تدريجياً للوصول إلى معدلات مقبولة وملائمة لظروف البيئة، وكذلك إلى توسيع فرص التصدير للخارج ويتضمن ذلك اضافة وحدات الأزمرة ووحدات معالجة الكبريت.

-   اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة المياه المعاملة كيميائياً ومنع تصريفها في الأنهر ومعالجة ما يطرد من غازات سامة للهواء.

-         السعي إلى تقليص نسبة الكبريت في زيت الغاز والوقود الثقيل.

-         تأجيل إلغاء مصفى الدورة كما كلن مخططاً سابقاً وإلى حين توفير مصافي جديدة.

-   تقليل استخدام مادة رابع أثيلات الرصاص (TEL) لرفع درجة أوكتن البنزين وذلك من أجل تقليص نسبة الرصاص في البنزين.

-   معالجة وحدات إنتاج الدهون وصيانتها وتشغيلها بطاقاتها التصميمية والعمل على عقد اتفاق مع شركة عالمية لضمان تصديرها إلى الخارج بمواصفات وعلامة تجارية مقبولة، مع صيانة وتحديث وحدات إنتاج العلب والبراميل في المصافي الثلاث.

-         العمل على فحص وإعادة تأهيل أنابيب الوقود الثقيل التي تنقل الوقود من المصافي إلى محطات توليد الكهرباء.

-   تنظيف وتأهيل جميع خزانات النفط الخام والمشتقات النفطية وإعادة بناء ما هو مدمر منها وإضافة ما هو مطلوب لتحسين عمليات التشغيل وتوفير المرونة اللازمة لذلك.

-   تحسين شبكة نقل القدرة الكهربائية من محطات التوليد، مع إضافة مولدات خاصة بكل مصفى كطاقة احتياطية عند الطوارىء.

-   إعادة النظر بمنظومة وحدات التصفية الصغيرة المنتشرة في العراق والعمل على إعادة توزيعها على شكل مجمعات في مراكز الاستهلاك الرئيسية، على أن يتم توفير وحدات الميروكس ووحدات تحسين البنزين والخزانات وغير ذلك.

ويهدف ذلك إلى:

-   المباشرة بإنشاء مصفى الوسط كما كان مقرراً سابقاً في منطقة المسيب بطاقة 150 ألف برميل يومياً بعد إعادة دراسة وتقييم وثائق المناقصة المعدة في حينه وتحديثها بما يتماشى والتطورات التكنولوجية خلال العشرين سنة المنصرمة.

-   إعداد دراسة متكاملة من أجل إنشاء مصفى جديد بطاقة تتراوح بين 200-300 ألف برميل يومياً من اجل ألتصدير كهدف أساسي واستخدامه لتغطية أي نقص في الاستهلاك المحلي، وربما يتم تصميمه لاستخدام النفط المتوسط والثقيل بدلاً من نفوط البصرة وكركوك.

-   استكمال شبكة نقل المنتجات النفطية مع وحدات التصفية ونفطية محافظات القطر بشكل أكمل بهدف تقليص عمليات النقل بالسيارات الحوضية.

-         إعادة تشكيل شركة متخصصة لإدارة قطاع التصفية في (القطر شركة مصافي النفط ) تحت مظلة وزارة النفط.

ولا ضير من السماح للاستثمار الأجنبي بالمشاركة مع شركة مصافي النفط لإنشاء المصافي الجديدة وتصدير المشتقات النفطية إلى الخارج .

 

 

رابعاً: صناعة الغاز

 

بموجب الأرقام الرسمية لوزارة النفط العراقية، فإن احتياطيات الغاز هي 3100 مليار متر مكعب كاحتياطي مثبت   و4350 مليار متر مكعب كاحتياطي محتمل مع العلم بأن 70 بالمئة من ذلك الاحتياطي هو غاز مصاحب لعمليات إنتاج النفط الخام، أما الباقي وهو 30  بالمئة  فهو يمثل الاحتياطي من الغاز الحر الذي يمكن إنتاجه من حقول غازية .

بلغ أعلى معدل لإنتاج الغاز في عام 1979 ما يعادل 20 مليار متر مكعب أو ما يعادل 1950 مليون قدم مكعب في اليوم إلا أن ما استهلك منه كان أقل من 20 بالمئة لعدم توافر منشآت التصنيع وكان معدل الإنتاج في عام 1989 ما يعادل 16 مليار متر مكعب وقد استهلك ما يزيد عن 90 بالمئة من ذلك بعد توافر منشآت التصنيع.

أما الحقول الغازية المكتشفة حالياً فهي حقول جمجمال وخورمور وخشم الأحمر وجرة بيكا والمنصورية، وجميعها تقع في الشمال الشرقي من العراق، وهناك حقل غاز آخر تم اكتشافه أواخر الثمانينيات في غرب العراق بالقرب من الحدود السورية ـ العراقية وهو حقل عكاز. ولم يتم إلى حد الآن استثمار أي من الحقول الغازية رغم وجود خطط محددة لذلك سنتحدث عنها لاحقاً.

بقيت صناعة الغاز متخلفة خلال فترة عمل شركات النفط ذات الامتياز واقتصر الحال في أواخر الستينيات على استثمار جزء من الغاز الصاحب في كركوك من خلال معمل استخلاص الكبريت ثم نقل الغاز بأنبوب إلى منطقة التاجي شمال العراق لإنتاج البروبان والبيوتان بهدف توفير الغاز السائل للاستهلاك المحلي، وكذلك لإيصال الغاز كوقود إلى عشرة منشآت صناعية في وسط العراق.

وخلال السبعينيات تم إنشاء وحدتين للغاز السائل بطاقة 200 ألف طن سنوياً لكل منها في البصرة لاستغلال جزء من الغاز المصاحب المنتج من الحقول الجنوبية مع شبكة من الأنابيب لنقل المرحلة الأولى من الغاز إلى عددٍ من المنشآت الصناعية.

وفي عام 1979 بوشر بإنشاء مشروعين ضخمين لتصنيع الغاز السائل أحدهما غاز الشمال في منطقة كركوك لاستهلاك 550 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، وغاز الجنوب في البصرة لاستهلاك 1500 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز مع شبكة أنابيب تمتد من شمال العراق إلى جنوبه وبعدة تفرعات لتجهيز الغاز إلى مصانع البتروكيماويات والأسمدة والكهرباء والاسمنت وغيرها، إضافة إلى أنابيب لنقل الغاز السائل تمتد من الموصل وكركوك شمالاً إلى البصرة جنوباً.

إن منشآت تصنيع الغاز الحالية وفي حالة عملها بطاقتها التصميمية "عند إعادة إصلاحها بسبب أضرار حرب الخليج الثانية والأكبر من ذلك ما تعرضت له من أعمال سلب ونهب وحرق بعد حرب 2003" فهي تكفي لاستيعاب الغاز المصاحب لإنتاج 3.5 مليون برميل يومياً وتشير دراسات وزارة النفط إلى أن الحاجة الفعلية لمنشآت التصنيع وفي حالة زيادة الإنتاج ستكون كما يلي :

إنتاج النفط مليون برميل / يومياً

الغاز المصاحب مليون قدم مكعب / يوم

الغاز الجاف المنتج مليون قدم مكعب / يوم

طاقة التصنيع الجديدة المطلوبة مليون قدم مكعب / يوم

4.2

2650

1990

500

5.0

3300

2500

1000

5.5

3650

2750

1500

6.0

4200

3200

2000

وحسب الدراسات المذكورة فإنه لدى الوصول إلى إنتاج 6 مليون برميل يومياً فإنه سيتوافر غاز جاف بمقدار 10 مليار متر مكعب سنوياً ( 1000 مليون قدم مكعب يومياً ) والذي يمكن تصديره.

وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من منشآت كبس وتصنيع وخزن وتصدير الغاز والتي تعرضت إلى أضرار جسيمة بعد الحرب الأخيرة وكذلك خطوط الأنابيب في العراق، لم يتم إصلاحها إلى حد الآن ولم تدرج غالبيتها في قائمة الأعمال والمشاريع التي كان من المفترض بالشركات الأمريكية مثل (KBR) إنجازها وهو أمر سيعني استمرار حرق الغاز واستهلاك بدائل عنه من مشتقات نفطية بكلف عالية في الذي يقوم العراق حالياً باستيراد كميات كبيرة تصل كلفها إلى حوالى 3 مليار دولار سنوياً.

ووفق السياقات المعتمدة حالياً في إعلان المناقصات وتنفيذها وبظل ظروف انعدام الأمن والسلامة والتي تمنع الشركات الأجنبية حتى من إرسال مختصيها لغرض معاينة تلك المنشآت، فإنه من المتوقع أن لا تعود تلك المنشآت للعمل بطاقاتها التصميمية قبل أقل من ثلاث سنوات على الأقل.

ورغم تطرق جميع الخطط التي وضعتها وزارة النفط خلال السنوات الماضية لاستغلال الغاز، إلا أنه – ولأسباب عديدة – فقد تأخر السير بتلك المشاريع بالرغم من أن السياسة العامة كانت هي بضرورة السير بتطوير إنتاج النفط والغاز سوية لدى تطوير أي حقل نفطي.

هذا وقد كلفت الوزارة مؤخراً شركة شل وإحدى الشركات اليابانية بإعداد دراسات متفرقة لوضع خطط جديدة من أجل إعادة تأهيل وتشغيل منشآت الغاز واستثمار ما ينتج منه مستقبلاً كما ويبدو أن الحكومة العراقية الانتقالية وسلطات الاحتلال تقوم حالياً بإنشاء عدد من محطات توليد الكهرباء بهدف استخدام الغاز كوقود، إلا أن المشكلة كامنة في عدم صلاحية أنابيب نقل الغاز.

أما قرار العراق بالدخول ضمن اتفاقية الغاز المبرمة بين مصر والأردن وسوريا ولبنان، بهدف التعاون في مجال استيراد وتصدير الغاز لهو أمر جيد ويجب السعي من أجل بناء الشبكات اللازمة لذلك.

بالإضافة إلى ما تقدم، فإن العراق قد قام ومنذ منتصف الستينيات بإعداد دراسات تستهدف تصدير الغاز إلى تركيا وقد تم إعادة دراسة ذلك بين البلدين الجارين أخرها في منتصف التسعينيات وعلى أساس استغلال الحقول الغازية في العراق، إضافة إلى الغاز الفائض وإنشاء منشآت التصنيع ونقل الغاز إلى تركيا والتي كانت قد أبرمت اتفاقيات مع العديد من الدول مثل روسيا وتركمانستان وإيران وأذربيجان والجزائر لاستيراد الغاز. وتم عقد عدة مذكرات تفاهم بين الدولتين للمضي بهذا المشروع، وتم تسمية 3 شركات تركية هي:  بوتاس (BOTAS)   وتيكفين     (TEKFEN)وتباو (TPAO) للعمل كطرف تركي إضافة إلى أجيب (AGIP) الإيطالية كجهة لتطوير الحقول، إلا أن ذلك توقف بعد أن اتضح أن التزام تركيا بعقودها الحالية يفوق كثيراً ما تحتاج إليه وربما لعشر سنوات قادمة، ما أدى إلى توقف المباحثات بالرغم من أنها كانت تجري خلال فترة الحصار. ويتطلب الأمر إعادة النظر بالدراسات الفنية والاقتصادية من أجل إيجاد منافذ بديلة سواء إلى أوروبا عبر تركيا أو لتغذية شبكة الغاز العربية وتجهيز دول أخرى باحتياجاتها.

 

خامساً: دور القطاع الخاص في الصناعة التحويلية

 

ضمن هذه الصناعة هناك العديد من الأنشطة التي يمكن أن يديرها القطاع الخاص وبالتالي التخفيف عن كاهل مؤسسات الدولة ومن ذلك توزيع المشتقات النفطية:

قد لا يتذكر البعض أن العراق ربما كان سباقاً في الشرق الأوسط بالاعتماد على القطاع الخاص في إدارة محطات التعبئة والتجهيز المباشر للمواطن لمختلف أنواع المشتقات النفطية. حيث تم في عام 1987وخلال فترة لا تتعدى ستة أشهر لتحويل إدارة محطات التعبئة من إدارة مركزية ثابتة لأجهزة وزارة النفط إلى القطاع الخاص بشكل كامل وشمل ذلك:

-   تأجير جميع محطات التعبئة وفي مختلف أرجاء العراق للقطاع الخاص وبموجب مناقصات تعلن سنوياً، وكان الهدف أن يتم لاحقاً جعلها على مديات أبعد.

-   إيقاف تولي أجهزة وزارة النفط بناء أية محطات جديدة وتشجيع القطاع الخاص على تولي ذلك وخلال دعمه في مجال التقييم وتوفير المعدات والأجهزة الضرورية بأسعار الكلف، وقد تم بالفعل خلال سنوات قليلة بناء العشرات من المحطات المتطورة وخاصة على الطرق الموصلة بين المدن الرئيسية وتضمنت خدمات إضافية للمواطن لم تكن توفرها محطات التعبئة التابعة للدولة ولم يتم خلال فترة 19871990 بناء أية محطة من قبل وزارة النفط باستثناء محطة واحدة في مدينة الفاو وبأمر رئاسي. وكذلك بناء محطات على طريق المرور السريع الموصل بين الحدود السورية والأردنية وبغداد من جهة، ثم الحدود الكويتية وبغداد من جهة أخرى، وثم تسليمها بعد إنشائها إلى اللقطاع الخاص لإدارتها.

-   السعي إلى تشجيع القطاع الخاص على تأسيس شركات لتولي إدارة مجاميع من هذه المحطات بدلاً من إحالة كل محطة على حدة.

-         بيع وسائط النقل المتخصصة إلى مستأجري المحطات بأسعار مناسبة لاستخدامها في نقل المشتقات النفطية.

-   تشجيع تولي القطاع الخاص إدارة شؤون نقل المشتقات النفطية وقد تم بالفعل تأسيس شركة لهذا النشاط قامت خلال التسعينيات بجزء كبير من هذا النشاط بما في ذلك عبر الحدود.

-   بيع محطات صغيرة لتعبئة الغاز وتوزيعه وكان ضمن المخطط أن يتم تحويل كامل هذا النشاط إلى القطاع الخاص وتشجيع تطوير النقل بأساليب متقدمة لضمان السلامة وتوفير الكلف.

وكان من المخطط أيضاً العمل على:

-   إناطة مسؤولية تعبئة الغاز ونقله وتوزيع بالاسطوانات وإدارة معامل التعبئة إلى القطاع الخاص، وتم بالفعل بيع عدد من وحدات التعبئة الصغيرة في بعض المدن العراقية.

وبهذا فإن عموم النشاط المتعلق بالتعامل مع المواطن لتوفير احتياجاته من المشتقات النفطية يمكن أن تتم من قبل القطاع الخاص بشرط ضمان وجود أجهزة رقابة وتفتيش ونظام للمحاسبة والعقوبات الرادعة، لضمان عدم التلاعب بالأسعار أو بنوعية ومواصفات تلك المشتقات.

ويجب أن نتوقف هنا للحديث عن عامل جوهري ومؤثر ألا وهو موضوع تسعيرة المشتقات النفطية حيث من المعروف إن تلك التسعيرة ولجميع المشتقات النفطية - بما فيها ما يجهز إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية ومصانع الأسمدة والإسمنت وغيرها – هي الأقل وبفارق كبير عن أية دولة في المنطقة إن لم يكن ذلك على المستوى العالمي، وكان هذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي شجعت منذ عام 2003 وإلى حد الآن على عمليات تهريب المشتقات النفطية إلى خارج العراق وبالتالي إحداث خلل كبير في موازنة إنتاج وتوزيع المشتقات النفطية للاستهلاك المحلي.

كان موضوع إعادة النظر بالتسعيرة أمراً حساساً على مدى العهود والأنظمة السابقة، ولكننا نتذكر ما جرى في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم عندما تم إصدار قرار برفع أسعار البنزين آنذاك بنسبة بسيطة. إن المواطن العراقي يرى في حصوله على المشتقات النفطية حقاً موروثاً له باعتبار العراق بلد نفطي وربما كان محقاً بعض الشيء بذلك من ضمن إجراءات الدعم الاقتصادي التي كانت الدولة توفرها له ضمن البرنامج الاقتصادي الشامل والذي كان يفترض دفع رواتب وأجور متدنية، فكانت سياسات الدعم المتمثلة بدعم أسعار المشتقات النفطية وأجور الكهرباء والماء والهاتف والأدوية وغيرها من الخدمات جزءاً من كافة البرامج الاقتصادية السابقة، وإن الخروج عن ذلك لا بد وأن يكون بشكل مدروس ومتدرج وبما لا يلحق الضرر بالمواطن ومدخولاته وقدراته الشرائية.

ويبدو أن سياسة التخفيف إن لم يكن الرفع الكامل للدعم قادمة لا محالة فيها وخاصة بعد الاتفاق أواخر عام 2004 مع نادي باريس حول مديونية العراق وربط ذلك أيضاً مع برنامج للتصحيح الاقتصادي سيتم الاتفاق عليه مع الـ آي إم إف (IMF) والبنك الدولي وستعتمد آثار ذلك على أساليب التطبيق ولكن يجب ألا يكون بمعزل عن نظرة شاملة للاقتصاد العراقي والنظام المالي والنقدي ورفاهية المواطن المنشودة.

كما ونذكر أيضاً ظاهرة التوسع الكبير الذي حدث منذ عام 2003 في عمليات تهريب المشتقات النفطية نظراً إلى ما يحققه المتعاملون به من أرباح خيالية، مما أدى إلى تفشي الفساد الإداري والذمم، ليشمل الكثير من العاملين في محطات التعبئة ومستودعات الخزن بل وحتى أنابيب النقل وأصبحت السيطرة على ذلك أمراً بعيد المنال يضاف إلى ضعف السيطرة على الحدود العراقية مع الدول المجاورة وعدم تعاون تلك الدول أيضاً في الضبط والحد من هذا النشاط لما يحققه من منافع لها سواء كانت لاقتصادياتها أو لبعض الأجهزة والأفراد النشيطة في مجال التهريب.

إن وضع برنامج متدرج ومعقول لإعادة النظر بالتسعيرة أصبح أمراً ضرورياً كما يجب أن يطبق ذلك على الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تستخدم الوقود بشكل مكثف (وبالتالي إعادة النظر بتسعيرة منتجاتها أيضاً)، إلا أن من المحذور أن يتم ذلك من خلال قفزة هائلة ستسبب خللاً كبيراً لا محال في تنظيم مدخولات المواطن وقدراته الشهرية.

إن ما تطرقنا إليه في أعلاه مرتبط أساساً بموضوع الخصخصة ودور القطاع الخاص الأجنبي في هذه الأنشطة. فإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص يتطلب تقوية فاعلية أجهزة الرقابة والتفتيش، وخاصة بعد الفساد والفوضى التي عمت خلال السنتين الأخيرتين والتي أدت إلى ازدهار غير مسبوق في تاريخ العراق للسوق السوداء وأصبح المواطن عاجزاً عن الحصول على احتياجاته بالأسعار الرسمية إلا بعد معاناة طويلة لا تخلو من خطر التعرض للتفجيرات والهجمات، فكان البديل هو التوجه إلى اللسوق السوداء حيث وصل سعر البنزين في بعض الحالات إلى أكثر من خمسين ضعف عن سعره الرسمي ( 500 – 1000 دينار للتر الواحد بالمقارنة مع 20 ديناراً ) ولاسطوانة الغاز السائل ( 7 – 12 ألف دينار بالمقارنة مع 250 ديناراً ) وقس على ذلك.

وتطورت أساليب الغش والتزوير بشكل كبير ناهيك عن التلاعب بالنوعية والعدادات المعتمدة للتجهيز للمواطن أو في المستودعات الرئيسية.

نعود مرة أخرى للأنشطة التي يمكن أن تناط مهامها بشكل مدروس للقطاع الخاص ونضيف إلى ما تقدم ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذكرناه حول الأسعار والرقابة – ما يلي:

1   ـ أنشطة المقاولات سواء المدنية أو الميكانيكية والكهربائية، وتشجيع قيام شركات ومكاتب متخصصة محلية وفق أسس سليمة تعتمد تطبيق أنظمة هندسية وإدارية متطورة، ويمكن لذلك أن يتم من خلال تعاونها مع شركات متخصصة أجنبية تساعد في تطوير قدراتها وتزويدها بالأسس والنظم الحديثة في مجال الإدارة وعمليات الشراء والتنفيذ والفحص والتشغيل، وغيرها من الخدمات المساندة في مجال الاستكشاف والحفر.

2   ـ عمليات الفحص الهندسي للمراجل وعمليات الإنشاء للأنابيب والخزانات وعلى أن يتم السعي إلى تشجيع الجهات المحلية على تدريب كوادر عراقية وحصولها على إجازات تخصص من أجهزة عالمية معترف بها مثل لويدز وبيروفيريتاس وغيرها.

3   ـ السعي إلى استخدام القطاع الخاص في مجال تقديم الخدمات والأنشطة المساعدة في المواقع الرئيسية حيث تتواجد كثافة في أعداد العاملين كتقديم خدمات النقل والإطعام وإدارة المجمعات السكنية والمراكز الترفيهية وتقديم الخدمات الصحية وإدارة الأنشطة والنوادي الرياضية والاجتماعية وخدمات النقل وغيرها، وابتعاد الأجهزة المركزية عن التعامل بمثل هذه المفردات.

تطرقنا إلى إمكانية توسيع دور القطاع الخاص في هذا المجال في فصل سابق والتجارب السابقة التي اعتمدت منذ عام 1987 والاستفادة منها في وضع برنامج جديد يتضمن:

-         تسليم إدارة جميع محطات التعبئة إلى القطاع الخاص.

-   تشجيع القطاع الخاص على إنشاء شركات متخصصة في مجال توزيع المشتقات النفطية وغدارة محطات التعبئة وبناء محطات جديدة وفق تصاميم حديثة معتمدة من قبل الوزارة.

-   لتسهيل إدارة القطاع الخاص تتولى الوزارة مرحلياً ولفترة زمنية محددة توفير احتياجات محطات التعبئة من مضخات وخزانات ومكملاتها وبأسعار الكلفة، على أن يفسح المجال لاحقاً لاستيرادها أو تصنيعها وفق مواصفات عامة توضع لهذا الغرض من قبل الوزارة.

-   لحين استكمال تولي القطاع الخاص دوره الكامل في إدارة النشاطات أعلاه تتولى "شركة توزيع المنتجات النفطية" المسؤولية على أن تتحول تدريجياً إلى جهاز للتفتيش والرقابة والسيطرة على النوعية في ما يتعلق بمحطات التعبئة ومعامل تعبئة الغاز.

كما وتستمر الشركة بإدارة مستودعات المشتقات النفطية وتجهيز محطات التعبئة مع إدارة أنابيب النقل في ما بين المستودعات ومصافي النفط وتجهيز محطات توليد الكهرباء وبقية المرافق الصناعية في احتياجاتها من كافة أنواع الوقود، بما في ذلك الغاز وتكون هذه الشركة مسؤولة عن كافة عمليات النقل والخزن في المستودعات في حين تنحصر مسؤولية ( شركة مصافي النفط ) بتشغيل المصافي وضمن أسيجتها فقط مع إناطة الإدارة مسؤولية إدارة وصيانة أنابيب نقل النفط الخام سواء إلى المصافي أو محطات توليد الكهرباء ( كوقود احتياطي ) من قبل شركة توزيع المنتجات النفطية.

-   أما في ما يتعلق بتصنيع الدهون وتسويقها فتتم توزيع تلك المسؤولية على شركة مصافي النفط في ما يتعلق بالتصنيع والتعبئة بحكم تواجد تلك الوحدات داخل أسيجة المصافي، وتتولى شركة توزيع المنتجات النفطية توزيعها داخلياً من مخازن رئيسية إلى القطاع الخاص للتوزيع على المستهلكين من قبل القطاع الخاص.

أما في ما يتعلق بفعاليات التصدير فتتولى مؤسسة تسويق النفط تلك المسؤولية بما في ذلك إبرام الاتفاقيات مع جهات أجنبية متخصصة حول صيغ تسويقها للخارج بشكل خام أو مصنع.

إن الصعوبة الرئيسية ستكمن هنا في ضمان حقوق المستهلكين وحصولهم على المشتقات بالأسعار والمواصفات المقررة وبالتالي ستكون مهمة الرقابة والتفتيش صعبة خاصة بعد الفوضى العارمة السائدة في الوقت الحاضر، مما يستوجب جهازاً قوياً مع تعليمات وضوابط وعقوبات رادعة تفرض بدعم كامل قضائياً ومن قبل أجهزة الأمن والشرطة وقوات الحدود.

أما مسؤولية التسعير فيجب أن يعاد دراستها بشكل متكامل ضمن نظرة اقتصادية ومالية شاملة ووضع خطة متدرجة لإعادة تقييم الأسعار على مدى فترة 5 – 10 سنوات بالتنسيق مع وزارات التخطيط والمالية، ويجب الاعتراف بأن نظام التسعير القائم حالياً بحاجة إلى تغيير فوري قد يتطلب رفع الأسعار الحالية بنسب متفاوتة.

 

سادساً: الخطة المقترحة في مجال تدريب وتأهيل الكوادر

 

ما حدث خلال السنوات الماضية هو ضعف برامج التدريب والتأهيل والتواصل مع التكنولوجيا الحديثة ومراكز البحوث والتطوير والتي زاد من تعقيداتها تدني مستوى خريجي الجامعات والكليات والمعاهد وفقر المصادر والمراجع المتوافرة في القطر، إضافة إلى أن شبكات الاتصال بواسطة الإنترنت كانت معدومة بالكامل وعندما بوشر باستخدامها في السنوات الأخيرة من التسعينيات فإنها كانت تحت سيطرة مركزية مع ضعف مراكز الاتصال بالأقمار الصناعية، وقد تطور هذا الأمر بشكلٍ لا بأس به بعد الحرب الأخيرة على العراق وتعتبر من الإنجازات التي تحققت بعد سقوط النظام السابق.

وباختصار فإن المطلوب هو جهد كبير ومتواصل من أجل تدريب وتأهيل الكوادر العاملة حالياً، بالإضافة إلى خطط بعيدة المدى لضمان الحصول على خريجين وكوادر جدد قادرة على استيعاب المفاهيم والأفكار والتكنولوجيا الحديثة، ومن ضمن ما يمكن طرحه من أفكار وخطط ضمن برامج القطاع التنظيمي حصراً – ودون البحث في وضع التعليم الثانوي والجامعي في القطر والذي هو أيضاً بأمس الحاجة إلى خطط تطويرية كبيرة ما يلي:

-   تطوير مركز البحوث المستحدث في الوزارة وفق خطة شاملة وجديدة ليكون بحق مركزاً للبحوث والتطوير يتناسب وحاجة وحجم الصناعة النفطية بمختلف أنشطتها ويعمل على توفير كامل مستلزماته بما في ذلك التعاون مع مراكز مماثلة تابعة لشركات نفط عالمية ومؤسسات بحث أخرى.

-   تطوير وتأهيل مراكز التدريب النفطي التابعة للوزارة والمتواجدة في كل من بغداد وبيجي والبصرة، وتوفير كامل مستلزماتها من أجهزة وكوادر ومختبرات مع توفير المحفزات المادية للكوادر والطلبة وإبرام عقود عمل ملزمة لكل من الوزارة والخريجين.

-   قامت الوزارة خلال الأشهر الأخيرة بعقد العديد من اتفاقيات التعاون مع شركات ومؤسسات أجنبية تضمنت عدداً من الأهداف منها إيفاد عددٍ من كوادر الوزارة للإطلاع والتدريب وحضور ندوات متخصصة، إلا أن المتتبع لها يلاحظ أن غالبية تلك الزيارات ربما كانت لمجرد السفر والاستجمام، أو لغرض قيام الشركات الأجنبية بالتعريف على قدراتها وإمكاناتها ونشاطاتها دون أن تستفيد الكوادر العراقية في مجال تطوير اختصاصاتها وعملها.

وعليه فانه في الوقت الذي تحتاج فيه كوادر الوزارة إلى التواصل مع الخارج، إلا أن ذلك يجب أن يكون بشكل صحيح ومدروس يكفل تحقيق الغاية المنشودة، خاصة وأن للعديد من شركات النفط مراكز تدريب وبحوث يمكن للكوادر العراقية الالتحاق بها وفق برامج علمية قد تتراوح مدياتها بين بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر.

-   إعادة العمل ببرامج وزارة النفط القديمة للبعثات التي تم العمل بها في الخمسينيات والستينيات وأوقف العمل بها لسوء الحظ في أوائل السبعينيات والمتضمنة إرسال بعثات إلى الخارج لخريجي الدراسة الإعدادية والكليات من أجل الحصول على الشهادات الأولية الجامعية أو الشهادات العليا وحسب الحاجة الفعلية لوزارة النفط.

-   زج الكوادر العراقية بالعمل الحقلي سواء مع المؤسسات العراقية التشغيلية أو حتى مع الشركات الأجنبية العاملة في القطر وفي مختلف الأنشطة، كالمسح الزلزالي والحفر وبناء المشاريع وغيرها.

 

 

سابعاً: آراء في مجال الخصخصة ودور القطاع الأجنبـي

 

أبدى الكثيرون من السياسيين والاقتصاديين آراء متباينة في موضوع خصخصة القطاع النفطي العراقي وذلك ضمن النهج الذي يسير عليه عالمنا اليوم في التوجه إلى اقتصاد السوق وتشجيع القطاع الخاص في تولي غالبية النشاطات والفعاليات الاقتصادية التي كانت تديرها بشكل مركزي أنظمة الحكم مثل النظام في العراق سابقاً.

إلا أن البعض حاول أن يوجد مبررات لتطبيق سياسات اعتمدتها عدد من الدول الغربية المتقدمة وخلال عهود من تطور اقتصادها على الاقتصاد العراقي الهش وهو لا يزال يعاني من أوجاعٍ وأمراضٍ تعزى إلى المركزية السابقة من جهة، وتدهور الاقتصاد خلال فترة الحصار الذي دام ثلاثة عشر عاماً ثم أعقبها الانحلال والتفكك بعد الحرب الأخيرة على العراق، وتحطيم البنى الارتكازية التحتية وتوقف العديد من الأنشطة عن العمل بما فيها النشاطات الصناعية للقطاع العام والخاص والمشترك. ولم يلاحظ خلالها سوى التوسع في النشاط التجاري على مستوى الأفراد والعوائل هدفها الربح السريع أكثر مما هو على مستوى أنشطة منظمة تعتمد العلم والإدارة السليمة في بناء مؤسسات القطاع الخاص. وصدرت قبيل الحرب وبعدها عدد من التقارير أعدتها بعض مراكز البحوث الأمريكية كانت تتحدث عن خصخصة كاملة للاقتصاد العراقي بمعزل عما يمكن أن يحدثه ذلك من ردود فعل للفرد العراقي كمواطن ومستهلك، ومن هذه التقارير ما نادت بإيقاف سيطرة الدولة على الثروات النفطية وتحريرها من سيطرة الدولة ودعوة شركات النفط الأجنبية والمؤسسات الاستثمارية إلى العمل بشكل أو بآخر على استلام مسؤولية الإدارة والإنتاج وتطوير الطاقات الإنتاجية في الصناعة الاستخراجية والتحويلية. وعزا البعض جزءاً من أسباب ذلك إلى ما أسماه بفشل العراق على مدى العقود الماضية في تطوير صناعته النفطية وتحميل الإدارات المتعاقبة مسؤولية ذلك، وهو تجنٍ كبير لا يجاري الحقيقة والتاريخ، وكأن الظروف السياسية التي مر بها العراق خلال الفترة من عام 1958 وإلى حد الآن ظروف طبيعية لم تتخللها حروب ضروس امتدت بشكل فعلي منذ عام 1980 وإلى حد الآن بما في ذلك الحصار للفترة من عام 1990 ولغاية الحرب الأخيرة على العراق في آذار/مارس 2003 ثم أعقبها عمليات النهب والسلب والتخريب، وبعدئذ عمليات المقاومة للاحتلال وتعرض منشآت النفط وخاصة أنابيب النفط للتخريب.

إن تطبيق التجربة النرويجية أو في ألاسكا أو غيرهما أمر يحتاج إلى دراسات وتمحيص لمراحل نموهما وأسس تطبيقهما على كلا البلدين، والذين تختلف أنظمتهما السياسية والاقتصادية عن حال العراق، وبالتالي يجب عدم التفكير بمثل هذه التجارب إلا بعد سنوات من الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق والعمل على اعتماد نهج متدرج يهدف إلى الوصول لما هو الأفضل لمصلحة الشعب العراقي.

إن أهم عنصر لضمان نجاح عمليات تأهيل وتطوير صناعة النفط والطاقات الإنتاجية هي إدارة ذلك القطاع من قبل فنيين أكفاء وبمعزل عن التدخلات والتأثيرات السياسية الداخلية، وبما يضمن بقاء القطاع بصيغة مركزية ويترك للدولة وأجهزتها أسلوب التصرف بكيفية توزيع الموارد النفطية والذي هو من مسؤولية أجهزة التخطيط والمالية ومن دون الخوض بالتفصيل في النظريات والبدائل المتاحة والأفكار المطروحة هنا وهناك، فإننا لا نعترض على مبدأ تعظيم دور القطاع الخاص ولعبه دوراً أكبر في مجال تنمية الصناعة النفطية في العراق، إلا أن ذلك يجب أن يكون مستنداً على عدد من الأسس والمفاهيم منها:

-   إن ثروات النفط هي ملك للشعب وله حق التمتع بمنافعها وإيراداتها بالشكل الأفضل، وأية صيغة تعتمد للتعامل مع هذه الثروات هي من أجل تعظيم تلك المنافع.

-   إن المساهمة الأجنبية في إدارة وتشغيل الأنشطة النفطية يجب أن تعتمد على أساس ما تقدمه من قدرات إضافية في مجال التكنولوجيا والاستثمار، وعلى أساس دعم القدرات المحلية ما أمكن وعدم الإحلال بدلاً عنها. وفي الوقت نفسه يجب عدم التخوف من تواجد نشاط أجنبي وفق صيغ مقبولة سبق وتم تطبيقها في دول عديدة كأساليب المشاركة أو عقود الخدمة أو غيرها، كما يجب أن نتذكر أن مساهمة الأجنبي لا تتم من أجل مصلحة عراقية فحسب، بل من أجل تحقيق أرباح ومنافع لذاتها أيضاً وبالتالي ضرورة التوصل إلى صيغ مقبولة تحقق المنافع المشتركة والمعقولة.

-   إعطاء الأفضلية للقطاع الخاص العراقي وخاصة المنظم منه على أساس المؤسسات وليس كأفراد في تولي أي نشاط قادرين عليه بالمقارنة مع الأجنبي، وبالتالي عدم السماح ببروز أغنياء الحرب وأمثالهم على حساب الوطن والشعب.

-   وضع خطط مبرمجة لاعتماد نهج لزيادة الاعتماد على القطاع الخاص مع عدم التفريط في دور الدولة في الرقابة والإشراف لضمان عدم الإضرار بمصلحة الوطن.

 

ثامناً: هيكلية القطـاع النفطـي

 

على الرغم من أن القطاع الوطني كان دائماً متواجداً في عمليات توزيع المشتقات النفطية داخل العراق، فإن نشاطات العمليات الاستخراجية كانت حكراً على شركات النفط ذات الامتياز ولغاية 8 شباط/ فبراير 1964 بعد تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية والتي لم تمارس عملها الميداني فعلاً إلا بعد عام 1968 وبالذات في حقل شمال الرميلة.

أما وزارة النفط التي بدأت كقسم في وزارة الاقتصاد، فقد تم استحداثها عام 1960 وكانت مسؤولياتها هي إدارة نشاطات التصفية والتوزيع داخلياً من جهة، وتمثيل العراق في تعامله ومفاوضاته مع الشركات الأجنبية ذات الامتياز من جهة أخرى، في حين بقيت شركة النفط الوطنية العراقية تدير عمليات الاستخراج من اكتشاف وحفر وتطوير وتصدير وتسويق منذ عام 1968، وأُلحق بها منشآت الشركات المؤممة في الأعوام 1972، 1973، 1975.

كان يدير شركة النفط الوطنية مجلس إدارة مستقل ولها قانونها الخاص وميزانيتها الخاصة المستقلة عن ميزانية الدولة، وكان يشرف على عملها بشكل مباشر لجنة المتابعة لشؤون النفط وتنفيذ الاتفاقيات منذ عام 1968 حتى عام 1979 عندما أصبحت مرتبطة بشخص وزير النفط كونه رئيساً لمجلس إدارتها.

وعلى الرغم من أنه قد صدرت عام 1976 عدة قوانين تم بموجبها إعادة النظر بهيكلية كل من وزارة النفط وشركة النفط الوطنية، إلا أن الإدارة الفعلية بقيت منفصلة وكانت مستويات التنسيق قائمة في ما بين المؤسسات النفطية حين كانت شركة المشاريع النفطية هي المسؤولة عن تنفيذ المشاريع الهندسية التابعة لشركة النفط الوطنية ويتم التنسيق مع مؤسسة مصافي النفط في ما يتعلق بتجهيز النفط الخام. وبقيت الوزارة ومنذ البدء مسؤولة عن العلاقة مع المنظمات الخارجية مثل الأوبك والأوابك وغيرها.

وفي عام 1986 أقدمت الدولة على إجراء تغييرات جذرية في هيكلية الوزارات ومؤسسات الدولة، وبالرغم من محاولة وزارة النفط آنذاك الإبقاء على الهيكل المعمول به، إلا أن صدام حسين أوعز شخصيا في نيسان / أبريل 1987 بتغيير هيكل القطاع التنظيمي ودمج شركة النفط الوطنية بالوزارة، وبقي الحال كما هو حتى هذا التاريخ وبعد استحداث دوائر إضافية في التسعينيات فإن الهيكل المعمول به حالياً هو حسب ما موضح في المرفق.

لم يكن دمج شركة النفط الوطنية بالوزارة أمراً مقبولاً لدى العاملين في قطاع الاستخراج بشكل خاص، وعلى الرغم من أن التعليمات المالية والإدارية بما في ذلك ميزانيات شركات الاستخراج حافظت على استقلاليتها، إلا أن الرغبة في إعادة تكوين الشركة كان على الدوام أمراً مطلوباً.

ويبدو أن ذلك قد تم إثارته مجدداً في أواسط عام 2004 وقدمت الوزارة مقترحها بهذا الصدد بصيغة قريبة مما كان عليه الحال قبل عام 1987 إلا أن البعض حاول من خلال اللجنة الاقتصادية الوزارية والأصوات التي ظهرت قبيل الحرب الأخيرة على العراق حول احتمال خصخصة النفط وخاصة من عدد من مراكز الفكر الأمريكية، فقد برزت أفكار عديدة ومقترحات مختلفة جعلت من اعتماد مقترح الوزارة صعباً خاصة وأن هناك اعتراضاً قانونياً حول عدم وجود الشرعية الكافية للحكومة المؤقتة لإصدار مثل هذه التشريعات وربما تسعى الوزارة في مرحلة لاحقة إلى عرض الموضوع مجدداً على الحكومة الانتقالية التي شكلت في نيسان / أبريل عام 2005 بعد انتخابات الجمعية الوطنية في 30 كانون الثاني/يناير من العام نفسه ويستوجب الأمر أصلاً عرضه على الجمعية ذاتها، مما يجعل احتمال التشريع ضعيفاً خلال عام 2005 وتأجيل ذلك إلى ما بعد اعتماد الدستور الدائم والمخطط له أواخر العام ثم إجراء انتخابات جديدة في كانون الأول/ ديسمبر، وبهذا لا يتوقع أن تشهد شركة النفط الوطنية العراقية النور مجدداً قبل عام 2006.

من خلال الحوار مع الشخصيات النفطية العراقية، يبدو أن هناك ميل نحو اتجاهين من البدائل:

1- إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية العراقية بالشكل والصلاحيات الإدارية والمالية الذي كانت عليها سابقاً، هو أمر يجب العمل على تحقيقه بل وتطويره أيضاً بالاستفادة من خبرات عدد من شركات النفط الوطنية في دول أخرى مثل بتروناس الماليزية وغيرها، وبشرط ضمان تمتعها بدرجة عالية من الاستقلالية الإدارية والمالية وصيغ ملائمة لتنسيق العلاقة في ما بينها ووزارة النفط التي تبقى تتمتع بدور عام في تحديد السياسات ومتابعة الشؤون الخارجية، وكذلك في ما يتعلق بتطوير أنشطة القطاع الخاص بشكل متدرج. ويمكن لوزير النفط أن يكون رئيساً لمجلس إدارة الشركة.

ونرى أن تكون مؤسسة تسويق النفط ضمن هيكلية الشركة وليس بمعزل عنها.

كذلك يتم تأسيس شركات أخرى وبصلاحيات واسعة لإدارة بقية الأنشطة وضمن نشاط وزارة النفط:

-         شركة مصافي النفط.

-         شركة توزيع المنتجات النفطية.

-         شركة المشاريع النفطية.

-         مؤسسة التدريب النفطي.

2- أن تكون شركة النفط الوطنية متكاملة وتحوي على كافة الأنشطة الاستخراجية والتحويلية وتضم عدداً من الشركات الفرعية المتخصصة.

 

 تاسعاً: الأوبك والعراق

 

منذ الحرب الأخيرة على العراق ظهرت أصوات عديدة وخاصة من أوساط أمريكية تدعو إلى رفع الإنتاج العراقي بمعدلات عالية وسريعة من أجل القضاء على ما أسمته بهيمنة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" على أسعار النفط وكأن ذلك أمراً سهل المنال خلال فترة زمنية قصيرة، وقد ثبت في ما بعد أن تصعيد الإنتاج العراقي إلى 6 أو 8 أو 10 مليون برميل يومياً سوف لن يتحقق قبل عام 2012 بأحسن الأحوال.

العراق يملك في الوقت الحاضر ثاني احتياطي نفطي في العالم وكما سبق وأوضحنا في فصل سابق، ويمكن مضاعفة ذلك الاحتياطي في حالة استكمال عمليات الاستكشاف والتقييم كما وأن إنتاجه النفطي وعلى مدى العهود السابقة لم يكن يتناسب مع ذلك الاحتياطي، وبالتالي فان حصة العراق في أسواق النفط بقيت منخفضة بشكل كبير وكانت وعلى مر السنين وبدون أي استثناء أقل من الحصة المقررة له بموجب نظام الحصص الذي اعتمدته منظمة الأوبك منذ عام 1983 وهو أمر يجب أن يأخذه العراق بنظر الاعتبار مستقبلاً في حالة استمرار العمل بنظام السقف والحصص وسيبقى العراق لاعباً أساسيا في الأسواق النفطية لا بل ويجب أن يتعاظم دوره .

أما بالنسبة إلى دور العراق في الأوبك، فإنه من المعروف أن العراق كان أحد خمس دول مؤسسة للمنظمة وقد عقد الاجتماع التأسيسي لها في بغداد عام 1960 ولعب دوراً أساسياً منذ ذلك التاريخ باعتماد سياسة تستهدف تحقيق توازن بين العرض والطلب مع الحفاظ على أسعار معقولة للمحافظة على مدخولات الدول المنتجة بوجه أي تغيير في أسعار العملات وبشكل خاص قيمة الدولار.

ولم يفكر أي من رجال الصناعة النفطية في العراق بالعمل على ترك المنظمة لا بل وكان الهدف دائما هو أن يلعب العراق دوراً إيجابياً من أجل الحفاظ على المنظمة وتحقيقها لأهدافها المرسومة لها.

وبما لا شك فيه أنه وبعد استعادة الصناعة النفطية لعافيتها ورفع معدلات الإنتاج بما يتوازى وحصته المعقولة – وهذا كما أسلفنا لن يحدث قبل عدة سنوات – فإن المنظمة ستشهد بدون شك تحولاً في داخلها وسيكون هناك تأثير للكبار داخل المنظمة كمجموعة أكثر مما هو عليه الحال الآن بالنظر للتفاوت الكبير في القدرات الإنتاجية للدول الأعضاء. وقد تشهد المنظمة دولاً مثل العربية السعودية والعراق وإيران ودولة الإمارات والكويت وفنزويلا تلعب أدواراً رئيسية بالمقارنة مع بقية الدول الأعضاء ذات الاحتياطيات المحدودة إن لم تكن المتناقصة.

هذا ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية العمل العربي المشترك وضرورة استمرار العراق بعضويته في منظمة الأوابك العربيـة بشرط أن يتم إعادة النظر بأوضاعها وأهدافها وهيكليتها وتفعيلهـا، وبالتالي تطويرها إلى منظمة للطاقة لعموم الوطن العربـي مع توسيع أنشطتها في مجالات متعددة في شؤون الطاقـة.

 

عاشراً: الاستنتاجات

 

يقتضي أي بحث شامل للصناعة النفطية في العراق أن يأخذ بنظر الاعتبار الحقائق التالية:

-         تاريخ اكتشاف النفط في العراق وصراع القوى الأجنبية على ثرواته.

-   إن العراق يمتلك ثروات نفطية هائلة معظمها بحاجة إلى تقييم وتطوير لتتناسبو طاقاته الإنتاجية التحويلية مع احتياطياته الهائلة والتي تضعه الآن في المرتبة الثانية بين الدول المنتجة للنفط.

-   لعبت السياسة الداخلية والحروب والنكسات الاقتصادية وخاصة خلال 25 عاماً الأخيرة دوراً سلبياً في مجال تطوير قدرات العراق النفطية لا بل وأدت إلى تراجعه وتدمير منشآته والبنى التحتية، إضافة إلى إلحاق ضرر بليغ بالعديد من المكامن والحقول النفطية الرئيسية المنتجة.

-   تخلف العراق عن ركب التكنولوجيا الحديثة في الصناعة النفطية وعجزه عن اعتماد العديد من التطبيقات الحديثة في مجالات الاستكشاف والحفر والإنتاج وبناء المنشآت وصيانتها وإدارتها.

-         تخلف الكوادر المؤهلة عن التطورات الحديثة ونقص أعدادها وضعف مؤهلاتها وتدريبها.

-   إن تطوير الصناعة النفطية في العراق لا يمكن أن يتم بمعزل عن الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للقطر، وبالتالي فإن استقرار الأوضاع السياسية والأمنية أمران أساسيان للمباشرة بمعالجة مشاكل الصناعة النفطية والبدء بإعادة تأهيلها وإعمارها وتطوير طاقاتها الإنتاجية من النفط الخام، وكذلك التحويلية في مجال تصنيع المشتقات النفطية والغاز.

-   اتضح خلال الأشهر الأخيرة وخاصة بعد مرحلة الانتخابات في نهاية كانون الثاني/يناير 2005 عن وجود صراع كبير بين الأحزاب السياسية المهيمنة الآن على أمور العراق ومنذ الحرب على العراق وذلك من أجل السيطرة على وزارة النفط ولأسباب لا يمكن أن ينكر المرء دوافعها، وبالتالي فإن تسييس النفط وجعله ضمن المطامـح الحزبيـة يعتبر أمراً خطيراً وبالتالي فان موضوع النفط وإدارته لا بـد وأن يبقى من الشوؤن المركزية للدولة وبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي للدولة.

إن تطوير صناعة النفط يجب أن تعتمد بالأساس على الكوادر النفطية العراقية والتي أثبتت على مدى العهود السابقة وبشهادة خبراء عالميين على قدرتهم على التكيف ومعالجة الاختناقات والمشاكل، وأكبر شهادة لهم هي ما أنجزوه بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 وخلال فترة الحصار، ثم ما بذلوه من جهد مشكور خلال السنتين الأخيرتين ومنذ الحرب على العراق، على الرغم من ما تعرضت له المنشآت من نهب وسلب وحرق ودمار.

إن عزل الصناعة النفطية عن التناحر السياسي الداخلي مهم قدر أهمية اعتماد سياسة وطنية تستهدف تحقيق أعلى المردودات للشعب العراقي بعيداً عن سيطرة دول أو شركات أجنبية، وبالتالي فإن التعاون مع شركات ومؤسسات أجنبية في مجال الصناعة النفطية يجب أن يعتمد على الشفافية والانفتاح والكفاءة والقدرة على الإنجاز بعيداً عن المحاباة في العلاقات السياسية الدولية.

 

ملحق

سرد تاريخي للحوادث الرئيسية

التاريخ

الحدث

1914

منح الامتياز لشركة النفط التركية من قبل الإمبراطورية العثمانية وفق النسب التالية:

47.5  بالمئة  الشركة الانكلو-فارسية و 25  بالمئة  البنك الالماني و 22.5  بالمئة  شل و 5  بالمئة  كولنبكيان

 

 

 

 

 

 

 

 

1918 كانون الأول/ديسمبر

تتفق بريطانيا وفرنسا على تولي الأولى الانتداب على الموصل، مقابل حصول الأخيرة على سوريا وحصة من نفط الموصل

1925 آذار/مارس

الحكومة العراقية تمنح الامتياز الى شركة نفط العراق IPC

1927 تشرين الأول/أكتوبر

اكتشاف النفط في العراق وإكمال حفر أول بئر في باباكركر

1928  تموز/يوليو

اتفاقية الخط الأحمر لمنطقة الجزيرة العربية وفق النسب:

 

23.75   بالمئة لشركات من هولندا، بريطانيا، فرنسا، أمريكا

 

5  بالمئة  كولنبكيان

1932

منح الامتياز لشركة نفط الموصل

1938

منح الامتياز لشركة نفط البصرة

1958 تموز/يوليو

سقوط الملكية في العراق

1961 كانون الأول/ديسمبر

صدور القانون رقم 80

1964  شباط/فبراير

تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية ( إينوك )

1967

منح إينوك حق الاستكشاف والإنتاج

1967

صدور القانون رقم 97

1968تموز/يوليو

تولي حزب البعث السلطة في العراق

1972 نيسان/أبريل

بدء الإنتاج من حقل شمال الرميلة / إينوك

1972 حزيران/ يونيو

تأميم عمليات شركة نفط العراق

1973 آذار/مارس

الاتفاق مع شركة نفط العراق حول نتائج قرار التأميم

1973آذار/مارس

التنازل عن شركة نفط الموصل لصالح العراق

1973 تشرين الأول/أكتوبر

تأميم الحصص الهولندية والأمريكية في شركة نفط البصرة

1975  كانون الأول/ديسمبر

تأميم كافة عمليات الشركات في شركة نفط البصرة

1972 – 1979

إكمال تطوير حقول النفط الوطنية (الرميلة الشمالي – اللحيس – نهر عمر)

 

أسطول ناقلات النفط

 

الخط العراقي – التركي

 

الخط الاستراتيجي ( حديثة – رميلة – فاو )

 

ميناء البكر( الصرة العميق )

 

مصفى البصرة

1979 / 1980

إعلان مناقصات تطوير الطاقات الإنتاجية والتصديرية إلى 5.5 مليون برميل يومياً

1980 أيلول/سبتمبر

الحرب العراقية ـ الإيرانية

1983

تشغيل مجمع بيجي للتصفية ( ثلاث مصافي 290 ألف برميل يومياً ) - غاز الشمال – غاز الجنوب

1985

الخط العراقي عبر السعودية – المرحلة الأولى

1990  كانون الثاني/ديسمبر

الخط العراقي / التركي المرحلة الثانية – مصفى الدهون في بيجـي

 

افتتاح الخط العراقي عبر السعودية بطاقة 1.6 م ب ي

1990  تموز/يوليو

استكمال تأهيل منشآت النفط وإنتاج 3.2 مليون برميل يومياً

1990  2 آب/

أغسطس

الغزو العراقي للكويت

 

بدء الحصار العالمي على العراق

1991 كانون الثاني/يناير

حرب الخليج الثانية وتدمير شبه كامل للصناعة النفطية

1996  كانون الأول/ديسمبر

بدء برنامج النفط مقابل الغذاء ضمن سقف محدد

1998

استمرار البرنامج دون سقف محدد

2003  آذار/مارس

غزو العراق من قبل قوات الاحتلال بقيادة أمريكا ووضع العـراق قيد الاحتلال ( CPA )

2003  تشرين الأول/أكتوبر

تشكيل مجلس الحكم الانتقالي وتعيين مجموعة من الوزراء

2004 حزيران/يونيو

تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة وإلغاء سلطة الاحتلال ( CPA )

2005 كانون الثاني/يناير

إجراء الانتخابات وفقاً لقانون إدارة الدولة الانتقالي

2005 / نيسان/أبريل

تشكيل الحكومة العراقية الانتقالية

 

مستقبلاً:

2005 آب/أغسطس:           إعداد الدستور.

2005 تشرين الأول/أكتوبر: الاستفتاء على الدستور.

2005 كانون الأول/ديسمبر: الانتخابات وفقاً للدستور وتشكيل حكومة سيادية.

 


المراجــــع

 

-         إحصائيات منظمة الأوبك.

-         إحصائيات منظمة الأوابك.

-         تقارير منظمة الأمم المتحدة حول برنامج النفط مقابل الغذاء.

-         وزارة النفط العراقية تقارير وإحصائيات.

-         ورقة عمل وزارة النفط العراقية إلى مؤتمر بغداد عام 1995.

-         Daniel Yergin. The Prize: The Epic Quest for Oil, Money, and Power. New York: Simon & Schuster, 1991.

-         نشرة Middle East Economic Survey ( MEES )

-         نشرة Petroleum Intelligence Weekly

-         - صحـف الشرق الأوسط، الحياة والزمان.

-   احتلال العراق وتداعيات  عربياً وإقليمياً ودولياً: بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية. بيروت: المركز، 2004.

-         منتدى الفكر العربي – مؤتمرات ونشرة المنتدى

-         دراسة عن النفط العراقي لمركز دراسات الطاقة في لندن CGES-Petrologe

-         نشرة Oil Daily الأمريكية

-         مجلة النفط والغاز Oil & Gas Journal

-         من كتابات الدكتور وليد خدوري.

-         من كتابات السيد سعد الله الفتحي.

-         كتابات ومحاضرات للمؤلف منها ما قدم في:

            واشنطن: Middle East Institute   / لندن: Oil & Money Conferences.

Cambridge Energy Research Associated-CERA-Houston/ George Town UniversityWashington .

Center for  Global Energy   Studies – London.

Royal Institute for  International Affairs – London.

Council for Foreign  Affairs – DallasWashington.

World Affairs Council – Dallas North Texas Energy Council – Dallas.

- بحث للسيد طارق شفيق في جنيف في ندوة CWC .

 

 

 



(*) تمت قراءة هذه الورقة وإبداء الرأي حولها، وعلى انفراد، من قبل كل من السادة (حسب الحروف الأبجدية): أديب الجادر، رمزي سلمان، سعد الله الفتحي، سعدون حمادي، ووليد خدوري، ولكن الآراء الواردة فيها تبقى مسؤولية الكاتب نفسه فقط.

(**)إن الآراء الواردة في هذه الدراسة تمثل وجهة نظر المؤلف، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز دراسات الوحدة العربية.

(***)جميع الحقوق محفوظة. لا يجوز إعادة نشر هذه الدراسة، كلاً أو جزءاً، بدون موافقة تحريرية مسبّقة من مركز دراسات الوحدة العربية.

(****)يحظر على المشاركين تسريب هذه الدراسة إلى أية جهة إعلامية، كلاً أو جزءاً.

(*)   كان النفط محوراً للصراع البريطاني - الفرنسي. تم الاتفاق بعد ذلك بين البلدين في اتفاقية سميت (Berenger – Long) نسبة إلى (Berenger) الذي كان رئيس إدارة النفط الفرنسية، و (Long) الوزير البريطاني لشؤون المستعمرات، وعملا على تبادل الموصل بسوريا بين الدولتين.